القاهرة، مصر (CNN) -- أثارت شعارات دينية رفعها عدد من أعضاء بعض القوى والجماعات الإسلامية، حالة من الانقسام بين الآلاف الذين توافدوا على ميدان التحرير، بوسط العاصمة المصرية القاهرة الجمعة، للمشاركة في المظاهرة المليونية التي دعت إليها القوى السياسية المختلفة، تحت شعار "الإرادة الشعبية وتوحيد الصف."
وأصدرت قوى سياسية مختلفة بياناً مشتركاً استنكرت فيها لجوء بعض الجماعات الإسلامية لاستخدام الشعارات الدينية، باعتبار أن ذلك يشكل نقضاً للتوافق الذي أجمعت عليه مختلف القوى والتيارات السياسية، على تغليب المصلحة الوطنية فوق المطالب الفردية لكل جماعة، حرصاً على تأكيد "وحدة الصف" بين الجماعات المختلفة.
وقالت تلك القوى السياسية، في بيانها، إنه "حرصاً منها على مبدأ السلمية، الذي لا حياد عنه، وحفاظا على أن يظل ميدان التحرير رمزاً مبهراً لعيون الثوار في مختلف بقاع الأرض، فقد قررت القوى والمجموعات الموقعة على البيان، عدم استكمال المشاركة في فعاليات المليونية، مع تأكيدها على استمرار الاعتصام السلمي بالميدان."
وكان من بين القوى المنسحبة حزب المصريين الأحرار" الذي يطلق عليه البعض "حزب (نجيب) ساويرس،" احتجاجا على رفع شعارات دينية. وقال الحزب إن ما شهده اليوم، بخروج من وصفهم بـ"بعض التيارات الرجعية التي تستخدم الدين سياسيا وترفع شعارات تفرق ولا تجمع،" تؤكد على "خروج تلك الجماعات على الإجماع الوطني، والتوافق بين أبناء الشعب الواحد وعلى ثورة يناير، التي كان مطلبها الأول الدولة المدنية" على حد تعبيره.
واعتبر الحزب، في بيان حصلت CNN بالعربية على نسخه منه، أن رفع الشعارات الدينية بالتحرير، هو "إعلان واضح" ممن وصفوهم بـ"القوى الرجعية" عن حقيقة ما يسعون إليه، وهو "إقامة دولة دينية تقوم على الإجبار ومحو إرادة الشعب باسم الدين، وسلب الهوية المصرية عن مصر،" داعيا المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد في الفترة الانتقالية، بتجديد التأكيد على مدنية الدولة بالدعوة إلى وضع مواد حاكمة للدستور تحافظ على مدنية الدولة، وحقوق المواطنة واحترام الديمقراطية.
وشهد الميدان حضوراً كبيراً لأعضاء التيارات الإسلامية، فيما التزم أنصار القوى السياسية الأخرى بالتواجد داخل خيام الاعتصام، دون المشاركة في فعاليات مليونية جمعة "توحيد الصف"، فيما جرت مشاورات بين مختلف القوى السياسية المتواجدة داخل الميدان، حول إمكانية فض الاعتصام قبل حلول شهر رمضان، مطلع الأسبوع المقبل.
وقال متحدث باسم ما يُعرف بـ"ائتلاف المسلمين الجدد"، حسام أبو البخاري، للتلفزيون المصري، إن التواجد الكثيف للتيارات الإسلامية في هذه المليونية، يهدف إلى "إثبات مدى تأثير هذه التيارات، وتمتعها بتأييد الحشود، خاصةً بعد إقصائهم عن المشاورات والاتفاقات التي حدثت في الآونة الأخيرة، بين الكثير من القوى السياسية المختلفة مع رئاسة الوزراء والمجلس العسكري."
وأورد مراسلو التلفزيون بأن ساحة ميدان التحرير شهدت نصب ثلاث منصات للإسلاميين، الذين رفعوا لافتات تؤكد رفضهم للمبادئ "فوق الدستورية"، وتطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية، مثل "احكمونا بالشريعة الإسلامية"، و"إذا لم تكن مصر إسلامية.. فماذا تكون؟"، و"احكمونا بالقرآن"، بالإضافة إلى شعار "الشعب والجيش يد واحدة."
كما شهد الميدان عدة مسيرات تردد "الشعب يريد مصر إسلامية"، كما طالب المشاركون بعودة الأمن وتوحيد الميدان، معربين عن استنكارهم لما يتعرض له المجلس العسكري من ضغوط للالتفاف على نتيجة الاستفتاء.
وأبدت حركة "6 أبريل" اعتراضها على الهتافات التي رفعتها تيارات إسلامية في ميدان التحرير، ومنها "إسلامية إسلامية"، مستنكرة رفض تلك التيارات للدولة المدنية ومطالبتهم بدولة إسلامية، وفق ما أورد موقع "أخبار مصر،" التابع للتلفزيون الرسمي، نقلاً عن مراسلين ووكالة أنباء الشرق الأوسط.
من جانبه، قال نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة"، المنبثق عن جماعة "الإخوان المسلمون،" عصام العريان، إن ميدان التحرير شهد حشودا غير عادية من المواطنين بجمعة وحدة الصف، موضحا أن ما حدث من رفع شعارات دينية، جاء من مجموعات غير منظمة قادمة من بعض الأحياء الشعبية الفقيرة، رفعت الشعارات الدينية، بشكل عاطفي وهو أمر لم يحدث من قبل.
وأشار العريان في تصريح خاص لـCNN بالعربية، إلى أن ميدان التحرير "به الكثير من الحركات والأحزاب والتنظيمات السياسية،" ولفت إلى أنه في الشهور الأخيرة "تم رفع شعارات خاصة وغير طبيعية، مثل الهتاف ضد المشير (حسين طنطاوي) والمجلس العسكري، أدت إلى نوع من الانقسامات ورد فعل معاكس."
وتابع: "بعض تظاهرات يوم الجمعة تشهد تجاوزات، وأخرى تشهد صدامات، لذا سعينا إلى لم الشمل، حيث لم يحدث تجاوز اليوم سوى رفع الشعارات الدينية،" ونوه بأن الجماعة طلبت من أعضائها عند مشاركتهم بجمعة "وحدة الصف" عدم رفع شعارات دينية رغم عدم الاعتراض عليها.
وعلق العريان على انسحاب حزب المصريين الأحرار من ميدان التحرير، بأن تمثيله بالتحرير "لم يكن كبيرا،" كما قال إن الحزب كان قد أعلن من قبل عن عدم مشاركته بجمعة "وحدة الصف،" وعاد الخميس ليقرر المشاركة.
يُذكر أنه منذ بدء الانتفاضة الشعبية لثورة يناير/ كانون الثاني، والتي أدت إلى الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، يشهد يوم الجمعة من كل أسبوع، تقسيم وتصنيف المصريين، حيث تشهد ميادين التحرير بالقاهرة، والقائد إبراهيم بالإسكندرية، وحي الأربعين بالسويس، تظاهرات مؤيدة للثورة ومطالبة بتنفيذ أهدافها.
بينما يشهد ميدان مصطفى محمود، وماسبيرو بكورنيش النيل، مظاهرات مؤيدة للرئيس السابق، أما ميدان روكسي بمصر الجديدة، ومنطقة المنصة بمدينة نصر، فتشهد تظاهرات مؤيدة للمجلس العسكري، في حين تكتفي الأغلبية الصامتة، التي يلقبها البعض بـ"حزب الكنبة"، بالمشاهدة التلفزيونية من المنازل فقط.