القاهرة، مصر (CNN)-- تأتى الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب المصري، والتي سيتم إجراؤها في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، دون مشاركة حقيقية من المرأة المصرية على مقاعد البرلمان، رغم الدور الكبير الذي لعبته في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، ورغم أنها تمثل نحو ربما أكثر من 50 في المائة من الشعب المصري.
وتوقع سياسيون ومراقبون وحقوقيون لـCNN بالعربية، بأن لا يتخطي حجم تمثيل المرأة بمجلس الشعب القادم، حاجز 2 في المائة من إجمالي النواب في أول انتخابات برلمانية بعد الثورة، لأسباب تتعلق بحجم الدوائر الانتخابية، والبلطجة، ووضع المرأة بآخر القوائم الانتخابية، لبعض الأحزاب، وبخاصة ذات المرجعية الإسلامية.
وينص قانون الانتخابات على ترشيح امرأة على كل قائمة، وهو ما يتنافى مع الخلفية الفقهية لبعض التيارات الإسلامية، بعدم جواز ولاية المرأة للمناصب العامة، لذلك تم وضع الكثير منهن على ذيل القوائم الانتخابية، وذلك في الوقت الذي تم فيه إلغاء نظام "الكوتة"، الذي فرضه الحزب الوطني المنحل بانتخابات 2010.
وقالت سكينة السادات، نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، إنها لا تتفاءل بتمثيل عادل للمرأة أو القوي الثورية بالبرلمان القادم، الذي اعتبرت أنه لن يكون ممثلاً لـ"مصر الجديدة"، كما أنها لا تتوقع مناقشة جادة لكثير من القضايا ومنها قضايا المرأة.
وأضافت السادات أن الاضطرابات المحيطة بالعملية الانتخابية انعكست سلباً على جميع المرشحين، ولكن المرأة تتحمل النصيب الأكبر لأسباب تتعلق بقوانين حجم الدوائر، وعدم التخلص من أزمات الماضي من المال والعصبيات.
وأكدت نائب رئيس حزب الجبهة أن بعض التيارات الإسلامية تخالف ما للمرأة من قيمة وتقدير، وتنظر إليها باعتبارها "كمالة عدد"، وتضعها في ذيل القوائم الانتخابية ربما لضمان سقوطها، حتى أن بعض تلك التيارات أكدت أنها لولا قانون الانتخابات ما كانت لترشح سيدات على قوائمها.
وقالت إن نسبة مشاركة المرأة في البرلمان القادم لا تليق بتاريخها في النضال الوطني، إذ أنها شريكة بالكامل في جميع الحركات الوطنية، مدللة على ذلك بما قاله الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، أن دخول المرأة البرلمان ليس منحة، ولكنه حق لما قدمته لبلدها، وقالت إن ما يحدث حالياً هو إهدار لحقها في دخول البرلمان.
من جانبها، قالت الناشطة الحقوقية جورجيت قليني، صاحبة اقتراح "كوتة" المرأة في برلمان 2010، إن نسبة تمثيل المرأة في مجلس الشعب القادم لن تتخطى 2 في المائة، بسبب نظام ثلثي القوائم وثلث الفردي، الذي صعب عليها المشاركة.
وأوضحت قليني أن الدوائر الفردية أصبحت طاردة للمرأة، لكبر حجمها وصعوبة المنافسة، في ظل التردي الأمني وانتشار البلطجة، فضلاً عن أنها تكون عادةً "فئات"، كونها دائماً ما تدخل الحياة السياسية بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية.
وأضافت الناشطة الحقوقية أن نظام ثلثي القوائم جعل الأحزاب الجديدة، ونصفها لديه مرجعية دينية، يرشحون النساء في أواخر قوائمهم، ما عدا بعض الأحزاب الليبرالية، مثل المصري الديمقراطي، والمصريين الأحرار، وحزب الوفد.
وكان الدور السياسي للمرأة في مصر يقتصر على ما تسمح به الحكومات المتعاقبة لتجميل الصورة، أو لإضفاء شكل ديمقراطي فقط، ويتمثل ذلك فيما تسمح به الدولة من تعيين بعض السيدات في مجلسي الشعب والشورى، أو قيام الحزب الحاكم باختيار سيدات بعينهن كن دائماً "حاشية" للسيدة الأولى.
لكن قليني قالت إن "تهميش المرأة سياسياً على مدى العقود السابقة، لا تتحمله الإدارة السياسية وحدها، فهناك عادات وتقاليد وأفكار رافضة لدخول المرأة الحياة السياسية، مشيرةً إلى قيام أحد الأحزاب المنتمية إلى التيار السلفي، باستبدال صورة مرشحة برمز وردة، أو صورة زوج المرشحة.
وأشارت إلى أن الرئيس الرحل عبد الناصر كان أول من عدل قانون مجلس الشعب، الذي كان معروفاً في السابق بمجلس "الأمة"، لتمكين المرأة من الترشح للبرلمان، كما عملت جيهان السادات، قرينة الرئيس الراحل أنور السادات، على إصدار قوانين في صالح المرأة أسماها البعض "قوانين الست"، فضلاً عما قدمته سوزان مبارك، "رغم الانتقادات الموجهة إليها حالياً."
ودافعت قلليني عن نظام الكوتة الذي تم إلغاؤه، وقالت إنه كان يهدف إلى مساعدة المرأة لبناء كوادر تستطيع المشاركة السياسية، مثل العديد من دول العالم في مواجهة سلاح المال والبلطجة والنظام الفردي، وأحياناً التزوير، غير أنه لم يطبق بالطريقة المثلى في الانتخابات السابقة.
واختلفت الإعلامية جميلة إسماعيل، مرشحة دائرة "قصر النيل"، مع النظرة السلبية لتمثيل المرأة في البرلمان، واعتبرت أن مشاركة المرأة ستكون حقيقية في الانتخابات المقبلة، بعد إلغاء نظام الكوتة الذي فرضه الحزب الوطني المنحل بالانتخابات السابقة، لكسب أكبر عدد من المقاعد، مضيفة أنه لا يوجد فرق بين الرجل والمرأة بالتمثيل البرلماني.
ووصفت إسماعيل نفسها بأنها "مواطنة مصرية تلعب دوراً سياسياً"، ولا يعنيها نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان قدر ما تهتم بالمواطن، سواء رجل أو امرأة، كما لا تجد فرقاً بينها وبين منافسيها، سوى الانتماء السياسي فقط.
وأوضحت إسماعيل أن التحديات الانتخابية ليس لها علاقة بحجم تمثيل المرأة في البرلمان، أكثر منها تحديات تتعلق بالدعاية الانتخابية، والقدرة على تحقيق وعى بالمشاركة، وحث المواطنين على الذهاب إلى صناديق الاقتراع.
من جانبه، قال صابر أبو الفتوح، مرشح حزب "الحرية والعدالة"، الذي أسسته جماعة "الإخوان المسلمون"، عن دائرة "محرم بك" بالإسكندرية، إن الحزب يرشح على قوائمه نحو 20 امرأة على مستوى الجمهورية، في تخصصات مختلفة من أساتذة جامعات وحتى ربات البيوت.
وأشار أبو الفتوح إلى أن نسبة مرشحات الحزب من النساء ليست قليلة، مقارنة بإجمالي المرشحين، وقال إن المرأة تحتل المرتبة الرابعة في القائمة الأولى، والثانية في القائمة التاسعة بالإسكندرية، وإن موقعها في القوائم يكون حسب طبيعة الدائرة، كما أن جماعة الإخوان المسلمين، كانت دائماً ترشح ثلاث نساء لها بكل محافظة، قبل قانون الانتخابات الحالي، الذي ألزم بترشح سيدات على القوائم الانتخابية.
وأضاف المرشح الإخواني أن حزب الحرية والعدالة يعتبر "المرأة شريك أساسي في الحياة السياسية المصرية"، ويقوم بنشر صور المرشحات في الجريدة الرسمية للحزب ولافتات الدعاية، كما تجعلها تنزل إلى المسيرات الخاصة بحملتها الانتخابية، والتحدث مع المواطنين والتواجد بالمؤتمرات الشعبية.
وأرجع أبو الفتوح عزوف النساء عن المشاركة في الانتخابات لأسباب صنعها رجال النظام السابق، من خلال إشاعة عدم الأمن في البلاد، وبالتالي إحجام النساء عن المشاركة، وإفساد الحياة السياسية، وعدم ترك أى مجال صحيح لمشاركة أى فصيل سياسي، مثل تصدي رجال الأمن لإحدى مرشحات الإخوان لأنها محجبة، ودخول نساء إلي البرلمان ليس لهم لون أو شكل، فاعتزلت المرأة الجادة عن المشاركة، على حد تعبيره.