CNN CNN

بعد أيامٍ عاصفة.. جمال سليمان يعود إلى دمشق بهدوء

تقرير: محمد الأزن
الثلاثاء، 06 كانون الأول/ديسمبر 2011، آخر تحديث 01:00 (GMT+0400)


دمشق، سوريا (CNN) -- عاد النجم السوري جمال سليمان إلى دمشق مساء الخميس الماضي على نحو مفاجئ، وبعيداً عن ضجيج الإعلام، بعد سفرٍ قصير إلى القاهرة قررّ أن لا يكون طويلاً، رغم أنه صرّح قبل وقتٍ سابق من العاصمة القطرية الدوحة بأنه لن يعود إلى سوريا حتى يشعر بأنه "مواطن سوري محمي في بلده، وليس مهدداً."

وكانت جريدة الأخبار اللبنانية قد نقلت عن جمال سليمان في وقت سابق قراره السفر إلى القاهرة من الدوحة بعد التهديدات التي تلقاها مع أسرته على خلفية خبر كاذب لفقه أحد المواقع الإلكترونية السورية، عن توجيه النجم السوري تحية باسم الفنانين السوريين إلى قناة الجزيرة لتغطيتها "المشرّفة" للأحداث في سورية - بحسب الموقع- وذلك على هامش مشاركة سليمان في مهرجان الدوحة السينمائي (ترابيكا) الذي اختتم فعالياته أواخر شهر أكتوبر الماضي.

وفي حين أرادت الأوساط الفنية والإعلامية السورية المتضامنة مع جمال سليمان، الاحتفاء بعودة النجم السوري في مطار دمشق، وعقد مؤتمرٍ صحفي يفسر فيه ما حدث معه، وطبيعة التهديدات التي تلاقها، إلا أنه قرر العودة إلى بلاده بعيداً عن كاميرات  وسائل الإعلام، واكتفى ببيان أصدره من القاهرة استبق عودته إلى البلاد،  وفي اتصالٍ مع CNN بالعربية، أكدّ سليمان أن عودته إلى دمشق تمت بهدوء، ورفض الإدلاء بأية تصريحات إضافية مكتفياً بالبيان الصادر عنه، والذي تلقينا نسخةً منه، وتالياً نص البيان الذي أصدره الفنان السوري جمال سليمان:

"في معرض الحديث عن المؤامرة على سوريا - الذي لم أنفه في لقائي مع جريدة المصري اليوم - أظن أن لا شيء يخدم المؤامرة بقدر هذا الكذب و الافتراء التي تمارسه بعض المواقع و صفحات الفيسبوك التي تدعى أنها وطنية و أنها ستحمي الحمى. إن هذه المواقع تقوم بنشر الفرقة والبغض والتحريض على العنف ضد كل من يرفع صوتا حرا ينادي بالإصلاح الذي لا ينزع فتيل المؤامرة غيره. قلت مع من قال، و لا نزال نكرر القول إن لغة التخوين والتحريض وخاصة في مواقع تعتبر شبه رسمية- لأن كل سوري يعرف كيف تُدارهذه المواقع - هذه اللغة لن تقدم لسوريا إلا مزيداً من الانقسام والتحريض على العنف وإعطاء الانطباع بأن الحوار مرفوض في سوريا وهذا بالضبط كما بات يعرف القاصي والداني بوابة التدخل الخارجي، فكيف ستحاور من تصفه بأنه خائن?

كما هو واضح لمن يخاف على سوريا و يريد أن يرى الحقيقة أن البديل عن الحوار هو العنف الذي سيوصلنا إلى الحرب الأهلية والتدخل الخارجي المدمر وكلاهما سيحرق البيت بمن فيه. أستغرب أحيانا كيف أن الكراهية تمنعنا من أن نعتبر مما جرى.

موقع (جهينة نيوز) كذب بوقاحة عندما ادعى أنني أجريت لقاءً مع قناة الجزيرة شكرتها فيه باسم الفنانين السوريين على ما سماه الموقع وصاحبته فاديا جبريل التغطية الموضوعية والنزيهة للأحداث السورية.

كما هو واضح أنا لم أجر أي لقاء أتناول فيه الأحداث في بلدي سوريا لا مع الجزيرة ولا مع غيرها أثناء وجودي في مهرجان الدوحة السينمائي و السيدة فاديا لم تستطع أن تقدم دليلا على خبرها الكاذب. لكن يبدو أن افتراءها الوقح لا يحتاج لأي دليل.

استكملت السيدة مقالها بسيل من التعليقات البذيئة و الشتائم الجنسية و طبعا مضافا إليها الطعن و التخوين. لقد نشرت هذه التعليقات دون غيرها في لعبة إعلامية مكشوفة ورخيصة كي تعطي الانطباع بأن عموم الشعب السوري يساندها و يؤيدها فيما ذهبت إليه من كذب وافتراء. وإذا كانت السيدة جبريل تعتبر نفسها و قلمها هم الموالاة فيالبؤسها من مولاة.

أولا أنا لست مخولاً ولا يمكن أن أتحدث باسم زملائي الفنانين لا في هذا الأمر ولا في غيره لأننا لسنا على رأي واحد ولا من طينة واحدة. إنما نحن نعكس هذا الواقع السوري بكل جماله وقبحه، فما نحن برأيي إلا جزء منه. إلا أن هذا لا يمنعني بالطبع من القيام بواجبي في أن أعبر عن رأيي كمواطن - قبل أن أكون فنانا - فيما يجري لأنه يخص حياتي كما يخص حياة كل مواطن سوري. لقد شاركت بعض زملائي الفنانين في الأيام الأولى للأزمة وعبرنا عن رأينا الوطني من خلال بيان أعطيناه عنوان تحت سقف الوطن و يذكر الجميع كيف أن حملة تخوين شنت ضدنا من قبل بعض السلطة وبعض المعارضة و لكن هاهي الأسابيع والشهور قد مرت و سال فيها دم سوري كثير وفتحت جراح لا أحد يعرف متى وكيف ستلتئم وأحرقت فيها ممتلكات عامة وخاصة وتطور الوضع بحيث أصبح للكل إصبعا به ولم يعد شأنا سوريا خالصا ولكن يبقى هذا البيان من وجهة نظري وطنيا ومخلصا وموضوعياً لأبعد الحدود وكنت سأندم كثيرا لو لم أوقع عليه.

صحيح أن الأحداث قد تجاوزته، لأن أحدا لم يصغ إليه، وأصبح مجرد وثيقة من وثائق الماضي القريب، ولكن عنوانه أصبح مصطلحا سياسيا يستخدمه الموالون والمعارضون. "تحت سقف الوطن" إنه شعار لكل وطني يغار على سوريا يأبى أن يكون جزءا من المؤامرة عليها قاصدا أو غافيا، ويومها وفي تعليقي عن البيان لفضائية الـ BBC قلت إننا نريد أن نقفز ولكن ليس إلى المجهول. وكنت أعني بالمجهول ما نعيشه هذه الأيام من بغض طائفي ودعوات للتدخل الأجنبي ورصاص يصم صوته الآذان متفوقا على أي صوت للعقل. إذا نحن اليوم لسنا تحت سقف الوطن، وموقع جهينة بسلوكه الرخيص ليس تحت سقف الوطن و إنما تحت سقف المؤامرة التي يتحدثون عنها وهي وأد أي مؤشر لحوار وطني يؤدي إلى التغيير السلمي.

بعدها كان لي الشرف أن أكون واحدا من الموقعين على بيان المبادرة الوطنية السورية و بياناتها اللاحقة و التي تصر أنه لابد من الإفراج عن المعتقلين السياسيين ووقف الحل الأمني مقدمة لحوار ينبذ العنف بكل أشكاله كي ننتقل إلى سوريا الديمقراطية التي تتسع للجميع كي يشارك في مستقبلها السياسي ويطلق إمكانات شعبها و يستفيد من خيرها بالعدل ويحافظ على دورها القومي في مقاومة المشروع الصهيوني وتحرير الأراضي المحتلة، وعندما نقول تتسع للجميع نقصد أحزابا وأديانا وقوميات ومذاهب. وبناء على هذه المبادرة كان لنا لقاء مع رئيس الجمهورية استمر لثلاث ساعات عبرنا فيه عن رأينا وقلنا لا بد أن يكون هناك دستورا جديدا تعددياً مدنيا يضمن حرية الأحزاب والإعلام ويفتح الطريق أما مشاركة كافة أطياف المجتمع السوري في صنع مستقبل سوريا. هذا البلد العظيم الذي تلطخت سمعته بفعل أشخاص كـ(فاديا جبريل) وموقعها الإلكتروني البائس.

سهل جدا أن ننحط إلى لغة الشتيمة والتخوين كما فعلت أيتها السيدة فاديا جبريل و تلذذت بنشر كل تلك التهديدات و التعليقات البذيئة - التي لم تخدش حياءك كامرأة- دون غيرها اتجاهي، على أنها تعبيرات عن حس وطني لأشخاص وطنيين. لكن ما لا يدركه أمثالك أن المواطن السوري لن يقصد موقعك الإلكتروني كي يأخذ شهادة بالوطنية و أنه من الصعب جدا عليك وعلى أمثالك من التخوينيين أن تنالوا من سمعة ووطنية أناس مثلي كانوا على الدوام مخلصين لما يقولون ويفعلون.

 الأصعب والأهم من ذلك هو أن نكون شجعانا وعميقي البصيرة في إيجاد مخرج لأزمتنا يجنبنا الحرب الطائفية و التدخل الخارجي ويحافظ على سوريا وكيانها الذي صنعه الإنسان السوري على مدى آلاف السنين.

أنا لم أخف يوما على الرأي العام أنني مؤيد للحراك السلمي الذي يقوم به أهلي في سوريا، كما لم أخف يوما تأييدي للمشروع الإصلاحي الذي تحدث عنه الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم و في لقاءاته الصحفية أو في لقاءاته الشخصية التي كنت في عدد منها. لم أخف ذلك لا أمام الرأي العام و لا أمام الرئيس نفسه أو أي من رجال السلطة اللذين قابلتهم و لم أكترث يوما بافتراء بعض المعارضين - اللذين لا يقلون افتراء عنك- على أنني رجل السلطة لأنه لا يضيرني ذلك إذا كانت السلطة ستقدم الخير لي ولأهلي وتجعل من سوريا بلدا ديمقراطياً عصريا وكذلك سأعارضها علنا إن لم تفعل ذلك. وكذلك لن أكترث اليوم لكذبك و افترائك عندما تعتقدين أنت وعصابتك أنني بعت نفسي للبترودولار.

 أنا بعت نفسي نعم. ولكن لبلدي وابني وزوجتي وأهلي وأصدقائي وشعبي اللذين أحبهم وأشكرهم لأنهم هم من صنعني و هم من أريد أن أرد له الجميل.

وعليه فقد راجعت نفسي واكتشفت أنني مخطئ بعودتي إلى القاهرة وبقائي فيها حفاظا على سلامتي الشخصية التي قد تنتهك بفعل مقالك الكاذب وقررت أن لا أحضر زوجتي وابني إلى مصر التي أحبها كما أحب بلدي سوريا، وأحملك ومن وراءك المسؤولية الأخلاقية والقانونية في حال  تعرضت حياتي لأي أذًى.

قررت أن أعود إلى وطني، لأن سوريا وطن لأمثالي وليست لأمثالك.

 جمال سليمان