CNN CNN

المشهد الختامي للدراما السورية 2011

تقرير: محمد الأزن
الجمعة، 07 تشرين الأول/أكتوبر 2011، آخر تحديث 12:00 (GMT+0400)

دمشق، سوريا (CNN) -- رغم كل ما يجري يرى مراقبون أنَ الموسم الدرامي السوري للعام 2011 مرّ بسلام، وإن وجد بعض القائمين على صناعة الدراما كالمخرج والمنتج نجدة أنزور أنّ معظم الأعمال السورية لاسيما التي صوّرت بعد بدء الأحداث التي مرّت بها البلاد قد: "أُنجزت على عجل، وضمن ظروف غير صحيّة مما انعكس على سويّتها الفنيّة".

وفي مسحٍ أولي أجراه موقع CNN بالعربية ضمن الأوساط الفنية والإعلامية السورية، وجدنا  أن مجمل الآراء أجمعت على نجاح مسلسل "الولادة من الخاصرة" للمخرجة رشا شربتجي، والكاتب سامر رضوان، مع التنويه بالأداء الاستثنائي لكافة نجوم العمل الذي اتسم بطابع البطولة الجماعية.

كما اعتبر مسلسل "طالع الفضة" للمخرج سيف الدين سبيعي عن نصٍ مشترك للفنان عبّاس النوري وعنود الخالد من أهم الأعمال التي رصدت مرحلةً مهمة من تاريخ دمشق على أعتاب الحرب العالمية الأولى 1914، حيث تم تناول الشام في تلك المرحلة بخلاف المنطق الذي ساد مؤخراً فيما عرِفَ بأعمال البيئة الشامية، بعيداً عن "الزكرتاوية" والزعماء والقبضايات.

في حين أشاد معظم المتابعين للشأن الدرامي السوري بالسوية الإخراجية للمثنى صبح في مسلسل "جلسات نسائية"، وحظي "مسلسل الغفران" للمخرج حاتم علي بمتابعة جيدة برّرها المراقبون بالتوق لأعمال حاتم علي، واعتبرَ مسلسل "سوق الورق" للمخرج أحمد إبراهيم أحمد والكاتبة آراء جرماني من مفاجآت هذا الموسم على مستوى الجرأة في تناول الفساد في كواليس المؤسسة التعليمية الجامعية.

أما مسلسل "الخربة" للمخرج الليث حجو فلم يسلم من المقارنة بعمله السابق ضيعة ضايعة ما أدى إلى التشويش قليلاً على متابعة العمل، وحقق مسلسل "أيام الدراسة" للمخرج إياد نحاس والكاتب طلال مارديني متابعة كبيرة في أوساط المراهقين.

وبعيداً عمّا  تمّ تداوله عن أزمة تسويقية عانى منها مجموعة من شركات الإنتاج في موسم 2011؛ لم تمر الدراما السورية عموماً بإشكالات كبيرة هذا  الموسم، باستثناء بعض الأعمال كـ"شيفون"، و"سوق الورق"، و"فوق السقف"، بالإضافة إلى حملة الانتقادات الواسعة التي طالت مسلسل في "حضرة الغياب"، الذي يروي جانباً من سيرة شاعر الأرض محمود درويش، والتي أفردت لها CNN بالعربية جانباً واسعاً من التغطية تضمنت آراء كافة الأطراف.

مسلسل شيفون

 في بداية شهر رمضان وعلى نحوٍ مفاجئ أُجل  التلفزيون السوري عرض مسلسل شيفون للمخرج نجدة أنزور، بعد أن اشترى حقوق البث الحصري للمسلسل خلال الموسم الرمضاني.

وفي حين سرت مجموعة من التكهنات حول الأسباب الحقيقية لتأجيل العرض، وعزاها البعض لموانع رقابية تتعلق بطبيعة العمل باعتباره يتناول مجموعة من القضايا الحساسة التي تمس حياة الشباب في مرحلة المراهقة.

قال أنزور في تصريحٍ لموقع CNN بالعربية: "إننا كجهة منتجة وبالتنسيق مع إدارة التلفزيون السوري اتفقنا على عرض مسلسل شيفون بعد انتهاء موسم رمضان المبارك نظراً لحساسية المضمون وليس بضغوطات من جهة دينية أو من غيرها، ولكي نعطي الفرصة لأبطال هذا العمل، وهم جميعاً من الوجوه الشابة التي تقف ولأول مرة أمام الكاميرا بأخذ فرصة الظهور الأول بشكل كامل، وبدون منافسة ضمن مساحة مسبقة بإعلانات وبتقديم يتناسب مع طبيعة العمل الذي يتناول الأزمة في سورية من منظور وطني مسؤول."

وبذلك أقفل المخرج أنزور باب الاستنتاجات التي فسرت تأجيل عرض العمل بموقف من تيارٍ ديني في سورية أبدى اعتراضات قوية على مسلسل "ما ملكت إيمانكم" لنفس المخرج والكاتبة د. هالة دياب، في الموسم الفائت.

وعلم CNN بالعربية أن مسلسل "شيفون"، الذي استمر تصويره حتى أواخر شهر رمضان، حظي بفرص توزيع جيدة، وسيعرض بعد الموسم الرمضاني على مجموعة كبيرة من القنوات العربية بينها التلفزيون السوري.

 مسلسل سوق الورق

من جهةٍ أخرى تعرض مسلسل "سوق الورق" الذي يتطرق لجوانب الفساد في كواليس المؤسسة التعليمية الجامعية السورية للتهديد بالملاحقة القضائية من جانب جامعة دمشق واتحاد الطلبة لكاتبة العمل آراء جرماني، ومخرجه أحمد إبراهيم أحمد، علماً بأن المسلسل من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي التي تشرف عليها وزارة الإعلام السورية.

الكاتبة آراء جرماني أوضحت لـCNN بالعربية تفاصيل ما حدث معها بخصوص المسلسل قائلةً: "تعرضت للوم الشديد والتهديد بالفصل من قبل إدارة جامعة دمشق بسبب نص مسلسل سوق الورق الذي يتناول الفساد الإداري في المؤسسات الجامعية السورية."

وأكدت الكاتبة أنها لم تتطرق في النص الأصلي  لجامعة دمشق بالاسم بل تناولت ظاهرة الفساد في الجامعات السورية بشكل عام، في حين أن "جميع الشخصيات والأحداث التي يتناولها المسلسل لا تستند إلى مرجعيات محددة."

واستغربت هذا الهجوم من جانب جامعة دمشق على المسلسل "في وقتٍ تعلن فيه الحكومة السورية أنها تعمل على محاربة الفساد في مؤسسات الدولة والجامعة إحداها."

وتوقعت أن تحال إلى لجنة انضباط في الجامعة كما صرح مسؤولون في الجامعة -على حد قولها- وقد تؤدي إلى فصلها من الكلية أو على الأقل تعطيل مناقشة رسالة الدكتوراه الخاصة بها والتي أجلت الجامعة مناقشتها للتريث كما صدر عن كلية الآداب في الجامعة.

في حين: "قام مجموعة من أساتذة الجامعة بإيحاء من بعض المستفيدين التقدم بشكوى ضد العمل والكاتبة إلى نقابة المعلمين بحجة الإساءة لسمعة الجامعة"، ولفتت الجرماني إلى أن "سوق الورق" محاولة نقدية لحالة من حالات الفساد الموجودة في مجتمعنا حيث يسلط العمل الضوء على ما هو إيجابي وما هو سلبي، بالإضافة إلى الخوض في هموم الشباب الجامعي من مختلف نواحي حياتهم.

وقالت الكاتبة: "عرض العمل على الرقابة واخذ الصيغة النهائية باعتباره عملاً جيداً يخدم مصلحة الوطن، ويساهم في عملية الحراك الفعلي تجاه الإضاءة على مواضع الخلل في المؤسسات التعليمية الجامعية، كما عرض على رقابة التلفزيون قبل عرضه وأشادت به."

وختمت آراء الجرماني بالقول: "رأى الكثيرون أن مسلسل (سوق الورق) حول الجامعة إلى بازار، وبتقديري الشخصي أن الأمور ليست بهذه السوداوية، فهناك الكثير من الأشخاص النظيفين ليس فقط في الجامعات، وإنما في كل مكان وفي كل مؤسسة، وقد تناول العمل شخصيات كثيرة منهم ولكن الفساد أيضاً حالة موجودة وهو ما يجب اجتثاثه، كما يتطرق المسلسل إلى البنية الاجتماعية للأسرة التي أنتجت الفساد في إشارة إلى أن الإنسان كل متكامل."

وعلمت CNN بالعربية أن الجهة المنتجة للمسلسل المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي أو مخرجه أحمد إبراهيم أحمد لم يتعرضا لأي ملاحقة قضائية بسبب المسلسل، كما لم تفلح جامعة دمشق في إيقاف عرضه على القنوات السورية، حيث استمر العرض حتى آخر حلقة في يوم 31 أغسطس/آب 2011.

فوق السقف

اعتبر مسلسل فوق السقف للمخرج سامر برقاوي ومجموعة من الكتّاب من أكبر مفاجآت الموسم 2011 على أكثر من مستوى، حيث تناول ما يجري في سورية مؤخراً على نحوٍ غير مسبوق من الشفافية، بالإضافة إلى كونه من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي وهي جهة رسمية، وعُرض منه 15 حلقة على شاشة الفضائية السورية بعد نشرة الأخبار الرئيسية.

غير أن المسلسل توقف عرضه بشكلٍ مفاجئ لما قيل أنه أسباب تتعلق بجدولة البرامج على التلفزيون السوري، بعد أن حظي بتغطية إعلامية واسعة في الصحافة السورية والعربية أجمعت على جرأة العمل، ووصلت إلى حد القول بأن مسلسل "فوق السقف" مزّق سقف الرقابة بصورةٍ نهائية بعد تناوله لكل المحظورات، وبحثه عن مساحات جديدة للحرية في الدراما السورية.

وعلم موقع CNN بالعربية أنّ المخرج سامر برقاوي سلّم كامل الحلقات المتفق عليها من مسلسل "فوق السقف"، وعددها 26 لمؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي، أي أن 9 حلقات بقيت خارج العرض بانتظار معرفة السبب الحقيقي وراء إيقاف عرضها، وفيما إذا سيستأنف بث المسلسل على الفضائية السورية بعد رمضان خاصةً أنه ينتمي إلى النوع المنفصل المتصل من الأعمال الدرامية، أي كل حلقة لها موضوعها المحدد والمنفصل عن المواضيع السابقة.

هكذا يختم CNN بالعربية إطلالته على المشهد الدرامي السوري للموسم 2011 بمسلسل المشكلات التي طالت بعض المسلسلات السورية لهذا الموسم، في وقتٍ اختطفت فيه أخبار ما يجري في العديد من البلدان العربية الأضواء من نجوم الدراما وصنّاعها ومسلسلاتها بحسب الكثير من المراقبين.

والسؤال الأكبر هو هل تستطيع الدراما السورية التحضير لموسمٍ جديد ضمن ظروفٍ طبيعية؟ علماً بأن الحديث بدأ عن مجموعةٍ من الأعمال للموسم المقبل معظمها يندرج في خانة الأجزاء الثانية لمسلسلات: "شيفون" و"أيام الدراسة" و"الزعيم"، وربما مسلسل "رجال العز" أيضاً، إضافة إلى مشاريع مؤجلة من الموسم الماضي كمسلسل "حياة مالحة" للمخرجة رشا شربتجي والكاتب فؤاد حميرة، ومن المتوقع أن يجمع بين النجوم: جمال سليمان، تيم حسن، وقصي خولي.

وهناك أيضاً مشروع مسلسل بعنوان "هديـّة" من تأليف الفنانة أمل عرفة وقد يحمل توقيع المخرج سامر برقاوي، كما أن المشاهدين العرب سيكونون في الموسم  2012 على موعدٍ مع المسلسل التاريخي الضخم "الفاروق: عمر بن الخطاب" للكاتب د. وليد سيف، والمخرج حاتم علي والذي بدأ تصويره منذ الموسم الماضي وسط أجواْ شديدة التكتم.