الرياض، المملكة العربية السعودية(CNN)-- تفاعل المجتمع السعودي مع قرارات العاهل السعودي الملك عبدالله الأخيرة الخاصة بالمرأة، والمتعلقة بالمجالس البلدية ومجلس الشورى، ورأت الكثير من السعوديات أنها "فاعلة ومنصفة،" في حين دعت أخريات إلى أن تكون القرارات "خطوة أولى" في طريق الحصول على المزيد من الحقوق، دون إخفاء القلق من القيود التي قد يفرضها لاحقاً التيار المتشدد.
وفي هذا السياق، قالت المحللة والمستشارة الاقتصادية، الرئيس التنفيذي لشركة برولنكس، العنود ابو النجا: "قرار الملك عبدالله جاء في وقته لكي تبدأ المرأة السعودية مرحلة جديدة مع مطلع العام 2012، ولتبرهن لكل سيدات العالم بأنها متميزة وقادرة، وأنها تتمتع بكل حقوقها دون أي نقص، وأن حالها حال غيرها في أي مجتمع."
وأضافت أبو النجا تقول: "جاء هذا القرار ليثلج صدور عدد من المؤهلات في مختلف المجالات، فهناك سيدات سعوديات تفوقن في المجال الطبي والصناعي والعلمي والإداري والاقتصادي، وهذا كله مثبت على ارض الواقع."
وأشارت إلى أن القرار "صدر عن تفكير عميق وقناعة تامة بانجازات المرأة السعودية في السنوات الخمس الماضية في شتى المجالات، وتفوقها، بعيدا عن الموضوعات التقليدية من قيادة السيارة وغيرها، أو بعض الموضوعات البسيطة الهامشية، بينما هناك توجه من القيادة لتعزيز دور المرأة السعودية ومنحها الصلاحيات لتثبت وتبرهن قدرتها على القيادة واتخاذ القرار، خصوصا وان السنوات الماضية أخرجت لنا العديد من القيادات والخبرات الشابة السعودية في مجالات لطالما احتكرها الرجال لسنوات عديدة، ومنها الاقتصاد وما يندرج تحته من مجالات تجارية وصناعية وغيرها."
ولفتت أبو النجا إلى أن العالم "انشغل بقضايا بسيطة ذات اثر محدود والمطالبة بحريات سطحية دون المطالبة والتركيز على الأمور المهمة في المجتمع السعودية، ومنها عضوية مجلس الشورى والمجلس البلدي وغيرهما من الوزارات والهيئات التي أتمنى أن تشارك فيها المرأة السعودية مستقبلاً خلال السنوات القليلة المقبلق."
وكشفت ابو النجا عن نيتها الترشح لمجلس الشورى، لكي تقدم ما لديها من خبرة في مجال الإدارة والاقتصاد والدراسات الاستشارية التي تنصف المرأة والمجتمع بشكل عام، ولفتت إلى أنها تسعى لأن تكون صوت ناضجا يشارك في إبداء الرأي والمشورة والدراسات في مجلس الشورى، حتى يستفيد منها المجتمع السعودي بشكل عام.
من جانبها، قالت مديرة مجموعة الفارس العالمية، سحر بنت حمد المرزوقي، إن قرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز: "أفرح كل سعودية، وكل سيدة تنتمي لهذه الأرض الطيبة، فهو بعد الله الداعم الأول لها في شتى المجالات لكي تأخذ مكانتها وتقدم ما لديها بعد أن كانت جهات كثيرة حكرا على الرجال."
ولفتت المرزوقي إلى "أن المملكة تمر بمتغيرات كثيرة وكل دول العالم تراقبها،" وأضافت: "على سبيل المثال لو ركزنا على جانب الاقتصاد فإننا سنجد أن المرأة السعودية احتلت مرتبة ومكانه متقدمة في هذا المجال المتطور، وهذا بفضل الله ثم بفضل مليكنا خادم الحرمين الشريفين."
وكان للمديرة العامة لشركة بريق الوسن، رناد العبوة، رأي مماثل إذ قالت: "هذه القرارات الأبوية تعكس صورة المرأة بالخارج قبل الداخل، حيث شكلت الصورة الحضارية النموذجية، لاسيما وأن ملكنا يتميز ببعد النظر."
وأضافت: "أنا كسيدة أعمال أجد من خلال هذا المنبر أن كلمة الملك وقراراته الأخيرة تزيد من ثقة كل سيدة مؤهلة، وتجد في نفسها القدرة والكفاءة في أن ترشح نفسها سواء للمجلس البلدي أو مجلس الشورى، كما أن هناك كفاءات نسائية تنافس على مستوى العالم من الناحية العلمية والمهنية."
وتابعت تقول: " وجود المرأة في مجلس الشورى يعتبر تعزيز ودعم لا محدود للمرأة السعودية واعتراف بإمكانياتها الكبيرة وما وصلت له من تفوق لتشارك الرجال في مجلس الشورى، وتبدي رأيها وتنقل صوت السعوديات بكل حزم وإرادة."
من جانبها قالت الناشطة الحقوقية إيمان النفجان: "هذا القرار جيد، لكنه يظل خطوة مستقبلية ليس لها تأثير في حياة المرأة السعودية اليومية على أرض الواقع حالياً، لأن القرار لن يُفعَّل قبل عام ونصف العام، وتحت شروط كثيرة ومعقدة، فالشيوخ بدؤوا يقولون إن النساء سيجلسن في غرفة مغلقة بعيدة عن الرجال، وسيكون تمثيلهن بالصوت فقط، ولن يشاركن مشاركة كاملة مثل الرجال."
وأضافت: "كيف يُعطى للمرأة حق المشاركة في مجلس الشورى من دون أن تأخذ حق قيادة سيارتها، وكفالة أبنائها، أو السهر خارج المنزل من دون أذن ولي الأمر، لذا أرى تضارباً في هذه التصريحات. فنحن نريد قرارات مؤثرة في حياتنا اليومية حاليا."
أما الدكتورة هتون الفاسي، أستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود فقالت: "أنا سعيدة جداً ومتفائلة بهذا القرار، فهذه هي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي يتبنى فيها الملك عبد الله مطالب الحركات النسائية، وهي خطوة أشعرتني بأن المرأة السعودية مواطنة من الدرجة الأولى، لكنها بالطبع قرارات غير كافية، وسوف نستمر بالمطالبة بالمزيد من الحقوق."
وأضافت الفاسي: "سنعمل على تفعيل هذا القرار في هذه الدورة مع انتخابات البلدية، ونتمنى أن يتجه الملك إلى تعيين بعض النساء للمشاركة الفعلية على أرض الواقع، فالانتظار لمدة طويلة يضعف القرار."
وأكدت الفاسي أن السعوديات "سيحاربن بقوة للحفاظ على هذا القرار" -الذي وصفته بـ"المكسب" ومواجهة تصريحات الأشخاص غير المعنيين الذين يحاولون سلب هذا المكسب من السعوديات، عن طريق إصدار تصريحات غير واقعية لإحباط النساء وتجميد نشاطهن.
وفي إطار متصل، قالت الناشطة في مجال حقوق المرأة السعودية مديحة العجروش: "هذا القرار ممتاز وتاريخي في المملكة العربية السعودية، واعتبره رد اعتبار لوجودنا، واعترافاً بفاعليتنا في المجتمع، بصرف النظر عن توقيت تفعيل هذا القرار ومدى قوته، فمجرد وضعنا في الخطة الإستراتيجية للدولة له تأثر وأبعاد كثيرة، سوف تؤهلنا لتولي مناصب رفيعة المستوى."
واستبعدت العجروش أن يكون هذا القرار من باب التهدئة قائلة: "هذا القرار هو الأكبر في تاريخ المملكة السعودية في حق المرأة، ويعد بداية لوضع السعوديات على خارطة السلطة، فمن قبل كانت هناك وعود مثلاً بشأن قيادة المرأة، لكن ليست تصريحات رسمية للملك، لكن هذا القرار جاء رسمياً، ونال ضجة إعلامية كبيرة، ورصدته جميع دول العالم، وفي حالة عدم تفعيله فسيحاسب المسؤولون عن تعليقه، لذا أستبعد أن يكون مجرد قرار تهدئة."
وعن بعض التصريحات التي تشير إلى أن تمثيل المرأة السعودية في مجلس الشورى سيكون بالصوت فقط قالت العجروش: "لم يصلنا تصريح رسمي بهذا الشأن، وإن تم فسيكون لإرضاء الفئة المتزمتة دينياً في السعودية، ولا مانع في ذلك، فكون المرأة السعودية مشاركة في صنع القرار في الدولة، أهم بكثير من ظهور صورتها، لأن كل شيء سيأتي تدريجياً، المهم أن يصل صوتنا، وأن يكون للمرأة السعودية تمثيل سياسي."
يشار إلى أن العاهل السعودي كان قد أصدر قبل أيام قراراً يتيح للمرأة المشاركة في عضوية مجلس الشورى بالمملكة، اعتباراً من الدورة القادمة، كما يمنح القرار المرأة السعودية الحق في الترشح لعضوية المجالس البلدية، وكذلك الحق في "ترشيح" المرشحين.