دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد نجاح التحركات الشعبية التونسية في إزاحة الرئيس السابق، زين العابدين بن علي، عن رأس هرم السلطة، في انتفاضة بدأت مع إقدام الشاب محمد البوعزيزي على إضرام النار في نفسه احتجاجاً على ظروفه المعيشية، شهدت عدة دول عربية حالات احتجاج مماثلة، أضرم فيها شبان النار بأنفسهم، ما دفع البعض إلى التحدث عن "ظاهرة" تنتشر في المنطقة بأكملها.
ففي مصر، أضرم عبدو عبد المنعم غفر النار بنفسه بالقرب من مبنى البرلمان في العاصمة، القاهرة، في خطوة لم تتضح دوافعها حتى اللحظة، وفق ما أكد مصدر مصري مسؤول. وتمكن رجل أمن، كان متواجداً في موقع الحدث، من إخمادها.
أما في الجزائر، فقد أكدت الشرطة قيام ثلاثة شبان بإحراق أنفسهم في أماكن عامة، احتجاجاً على ظروفهم المعيشية الصعبة، علماً أن البلاد كانت قد شهدت مظاهرات كبيرة احتجاجاً على الفقر والبطالة وغلاء المعيشة، على غرار تونس نفسها.
وفي موريتانيا، أضرم شاب النار في نفسه صباح الاثنين أمام مبنى مجلس الشيوخ بنواكشوط داخل سيارته التي أحكم إغلاق أبوابها بعناية بعدما صب عليها البنزين.
وتمكن أفراد من الشرطة من إخراج الشاب ـ واسمه يعقوب ولد دحود - من السيارة قبل أن تلتهمه النيران التي أصابته بحروق بسيطة في جسمه، حسب مصادر طبية في المستشفى العسكري حيث تم نقله للعلاج.
وأوردت وكالة الأنباء الموريتانية الرسمية أن دوافع محاولة انتحار ولد دحود، وهو رجل أعمال في مجال الزراعة والأدوية، لم تتضح بعد، وأوردت عن أقاربه قولهم إنه "يتمتع بوضع مادي جيد ويعيش حياته بصورة طبيعية."
وقد شغلت هذه الظاهرة المراقبين الغربيين، وبدا ذلك واضحاً من خلال المقال الذي كتبه بليك هاونشل في مدونة "فورين بوليسي" تحت عنوان "إضرام النار في النفس.. الاتجاه الجديد والمرعب في العالم العربي."
وأضاف الكاتب: "هناك أمر مرعب وغريب في هذه الظاهرة المتفشية، إنه أمر يثير الصدمة وهو عبارة عن أسلوب يائس يمكنه أن يثير الانتباه بسرعة وقوة، ولكنه أيضاً يثير التعاطف."
وكانت ظاهرة إحراق الذات قد أثارت اهتمام الباحثين وعلماء النفس، وتشير دراسة طبية إيرانية تعود لعام 2008 حول الآثار المحلية لهذه الظاهرة، نشرتها مجلة متخصصة إن الإقدام على إضرام النار في النفس نادر في الدول الغنية ذات الدخل الفردي المرتفع، "ولكنها أكثر انتشاراً في الدول الفقيرة والمتوسطة الدخل، وخاصة بآسيا وأفريقيا."
وتضيف الدراسة: "البطالة هي أحد الأسباب المباشرة الدافعة للقيام بعمل من هذا النوع، بينما لم يبرز دور كبير لأسباب أخرى قد تشكل دافعاً مفترضاً، مثل الخلل العقلي وعدم الحصول على رعاية صحية مناسبة."
وقد بدأت هذه الظاهرة تأخذ شكلها العالمي الاحتجاجي اعتباراً من العقد السادس من القرن الماضي، عندما كان الرهبان البوذيون يقدمون على حرق أنفسهم أمام عدسات الكاميرات، احتجاجاً على الحرب التي كانت الولايات المتحدة تخوضها آنذاك في فيتنام.
وفي هذا الصدد، قال الصحفي في مجلة تايم، تيم لاريمار: "من بين كل الصور الفظيعة لحرب فيتنام، كان مشهد إقدام الرهبان على إحراق أنفسهم هو الأكثر فظاعة،" وذلك في مقال كتبه حول تلك الحقبة عام 1999.