عمان، الأردن (CNN) -- ذكر الديوان الملكي الأردني، أن الملك عبدالله الثاني بن الحسين، التقى الخميس، وفدا من جماعة الإخوان المسلمين، وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي، وسط احتجاجات ومطالب بالإصلاح تشهدها البلاد.
وقال بيان للديوان إن العاهل الأردني "أكد ضرورة تكاتف جهود الجميع، حكومة وبرلمانا وأحزابا ومؤسسات المجتمع المدني كافة من أجل المضي قدما في مسيرة الإصلاح الشامل، الذي يشكل ضرورة حتمية لبناء المستقبل المشرق الذي يستحقه الأردن والأردنيون."
وقال الملك وفقا للبيان، إن "مسيرة الإصلاح الشامل تعثرت وتباطأت، مما كلف الوطن فرصا كثيرة نتيجة تقديم البعض المصالح الشخصية على المصلحة العامة والمناكفات ضيقة الأفق، والخوف من التغيير والتردد في اتخاذ القرار من قبل العديد ممن تولوا المسؤولية العامة."
وأشار إلى أن "رؤيته الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة يجب أن تترجم عبر خطوات عملية إلى واقع ملموس يعيشه جميع الأردنيين، عبر سياسات إصلاحية جادة تستهدف مصلحة الوطن، ولا تتراجع أمام ضغوطات القوى التي لا تريد الإصلاح، حماية لمصالحها الشخصية."
وأكد الملك "أنه يتوقع من الحكومة الجديدة أن تباشر، فور بدئها حمل أمانة المسؤولية، في تنفيذ التوجيهات التي احتواها كتاب التكليف، وخصوصا وضع آلية مؤسسية لإطلاق حوار وطني شامل ممنهج، تتمثل فيه جميع مكونات المجتمع للتوافق على قانون انتخاب يعزز الهوية الوطنية."
وقد أدت احتجاجات شعبية شهدها الشارع الأردني على مدار أسابيع طويلة، إلى إقالة حكومة رئيس الوزراء سمير الرفاعي، وتكليف معروف البخيت تشكيل حكومة جديدة، ما أثار سخط الجماعة الإسلامية.
وعلمت CNN بالعربية أن اجتماعا تشاوريا عقد على مستوى قيادة جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي قبيل اللقاء الملكي.
وكان رئيس الوزراء الأردني المكلف، الدكتور معروف البخيت، قد التقى بوفد ثلاثي من الحزب ترأسه منصور في وقت متأخر من مساء الأربعاء في لقاء غير معلن مسبقا في منزل الرئيس، عرض خلاله البخيت على الحزب الانضمام إلى الحكومة الجديدة، بيد أن الحزب اعتذر عن ذلك.
ويعد اللقاء الملكي الأول منذ سنوات طويلة على مستوى الالتقاء بقيادة الحركة، فيما شارك الإسلاميون في لقاءات عامة ملكية أخرى.
وكانت الحركة الإسلامية حتى مساء الأربعاء قد دعت إلى مسيرة جماهيرية احتجاجية في العاصمة عمّان أمام رئاسة الوزراء الجمعة، استكمالا لمسيرات سابقة ضمن الحراك الشعبي في إطار مطالباتها لإحداث "إصلاحات" في البلاد.
بالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء الأردني المكلف، معروف البخيت، مشاوراته مع مجلسي الأعيان والنواب والقوى السياسية والحزبية لتشكيل الحكومة الجديدة بعد إقالة حكومة سمير الرفاعي الثلاثاء، أعلنت الحركة الإسلامية وقوى معارضة وشعبية عزمها مواصلة حراكها الاحتجاجي في الشارع الجمعة.
وأكدت مصادر حزبية لـCNN بالعربية توجيه دعوة رئاسية إلى أحزاب المعارضة للالتقاء برئيس الوزراء المكلف الخميس، بمن فيهم حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين بالأردن، للتباحث حول مستجدات تشكيل الحكومة الجديدة، فيما تضاربت الأنباء عن لقاء منفصل آخر سيجمع بينه وبين قيادات من الحركة الإسلامية.
وأشار البخيت في تصريحات صحافية رسمية إلى أنه "سيأخذ وقته في تشكيل الحكومة بالتشاور مع أطياف المجتمع السياسية والمدنية، ومن بينهم الإسلاميون، فيما شدد كتاب التكليف الملكي للبخيت على ضرورة إحداث إصلاح سياسي واقتصادي شامل في البلاد."
وتزامن إطلاق البخيت لمشاوراته الأربعاء مع تنفيذ عشرات من أعضاء القطاعات الشبابية لجبهة العمل الإسلامي وحزب الوحدة الشعبية اليساري اعتصاما أمام مقر رئاسة الوزراء مطالبين بـ"إسقاط الحكومة" تحت شعار "دق ناقوس التغيير."
ومن بين الشعارات التي رُفعت في التحرك: "القصة مش قصة معروف ولا سمير .. القصة بدنا إصلاح وتغيير" و"لا بخيت ولا سمير الشعب يطالب التغيير."
وردد العشرات من المتظاهرين هتافات تدعو إلى "إسقاط" الحكومة،" فيما أوضح مسؤول المكتب الشبابي في حزب الوحدة الشعبية، فاخر دعاس، لـCNN بالعربية، ردا على تساؤل حول طبيعة الحكومة التي يدعون إلى إسقاطها بالقول: "المطلب الأساسي هو تغيير سياسات وليس تغيير رؤساء حكومات وللبخيت تجربة سيئة في حكومة سابقة في إدارة انتخابات 2007 المزورة."
وبدأ البخيت مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة بزيارة قام بها إلى مجلسي الأعيان والنواب، خلفا لحكومة الرفاعي التي أثارت قراراتها وسياساتها الاقتصادية بالتوسع في فرض الضرائب ورفع الأسعار سخطا في الشارع الأردني، أفضى إلى انطلاق مسيرات شعبية منذ نحو شهر كل يوم جمعة تحت مسمى "جمعة الغضب الأردني."
ولم يحل توجيه دعوة رئاسية للالتقاء بأحزاب المعارضة الخميس، دون اعلان قوى معارضة استمرار ذلك الحراك الاحتجاجي من بينها الحملة الأردنية للتغير وحزبي معارضة، فيما قال الناطق باسم لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة الدكتور سعيد ذياب لـCNN بالعربية، إن حزبي جبهة العمل الإسلامي والوحدة سيواصلان تحركهما.
بيد أن أحزاب المعارضة الخمسة الأخرى أعلنت تأجيل مشاركتها في الحراك الجمعة بحسب ذياب، فيما أشارت مصادر منهم إلى أن ذلك يعود إلى المستجدات السياسية الطارئة بتغيير رئيس الحكومة وأن الأحزاب ستتمهل إلى حين الاطلاع على برنامج الحكومة حال إعلان تشكلها.
وحول لقاء رئيس الوزراء المكلف بأحزاب المعارضة، أشار ذياب إلى أن الأحزاب توافقت على حضور اللقاء ليصار إلى تقديم أطروحاتها الإصلاحية، بما في ذلك توجيه النقد للأخطاء التي ارتكبها خلال حكومته السابقة، وعلى رأسها الانتخابات النيابية للمجلس الخامس عشر التي شابتها عمليات تزوير كبيرة عام 2007.
وأكد ذياب أن أحزاب المعارضة جميعها توافقت على حضور اللقاء، بما في ذلك حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي اعتبر أن اللقاء جاء انسجاما مع موقف التنسيقية.
وكان القيادي الإسلامي البارز، زكي بني أرشيد، قد أكد لـCNN بالعربية في وقت سابق أن الإسلاميين لن يكونوا شركاء في الحكومة الجديدة، فيما طلب حزبهم رسميا في بيان سابق من البخيت الاستقالة.
إلى ذلك دعا المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، الدكتور همام سعيد، في بيان رسمي صدر الأربعاء، إلى الانضمام للحراك العام الجمعة للمطالبة بإصلاحات سياسية حقيقية.
وأشار إلى أن حركة الإصلاح تطالب بالتوافق على قانون انتخاب ديمقراطي تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية "غير مزورة" تفرز رئيس وزراء.
ولفت إلى أن الحركة الإسلامية "لا تحكم على الأقوال بل الأفعال،" مشيرا إلى أن الرئيس المكلف معروف البخيت مجرب."
ونوه في هذا السياق إلى تزوير الانتخابات النيابية والبلدية التي جرت عام 2007، وقضية "كازينو الميت" ومصادرة الحريات والتضييق على منظمات المجتمع المدني، وتابع "تاريخ الرجل معروف والرسالة سلبية وتزيد من الاحتقان الشعبي."
كما وجهت الحركة دعوة للانضمام إلى مسيرات الجمعة في مختلف المحافظات، فيما ستنطلق مسيرة في العاصمة عمان متوجة إلى دار رئاسة الوزراء بدلا وسط البلد.