CNN CNN

الأردن: معارضون يوقفون ومحكومون سافروا للعلاج

تقرير: هديل غبّون
الثلاثاء، 12 نيسان/ابريل 2011، آخر تحديث 14:50 (GMT+0400)
من المظاهرات التي شهدتها الأردن مؤخراً
من المظاهرات التي شهدتها الأردن مؤخراً

عمّان، الأردن (CNN) --  استنكرت أوساط سياسية وحزبية أردنية إحالة 87 من نشطاء ما بات يعرف بـ"شباب 24 آذار" إلى القضاء لمحاكمتهم على خلفية إسناد تهم عديدة لهم، بمن فيهم عميد الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية، سلطان العجلوني، مقابل سفر رجال أعمال محكومين في قضية فساد للعلاج خارج البلاد.

واحتجزت السلطات الأردنية العجلوني، الذي أصيب إصابات بالغة خلال ما عرف  بأحداث "جمعة الداخلية" لساعات الاثنين، خلال زيارة لإجراء معاملة في قصر العدل، وجرى إبلاغه بأنه مطلوب إلى التنفيذ القضائي، فيما أفرجت السلطات الأردنية عنه بعد وقت قصير، إيذانا لتحقيق معه أمام المحاكم الأردنية.

وباشر مدعي عام محكمة الجنايات الكبرى الأردنية، بحسب ما أعلنت مصادر قضائية الأحد، بإجراءات التحقيق مع 87 شخصا مشتكى عليهم ممن شاركوا في اعتصام دوار الداخلية منذ مطلع الأسبوع الحالي، إثر شكوى تقدم بها 67 شخصا من رجال الأمن العام إلى مدعي عام عمان مؤخرا.

وأوقع اعتصام "جمعة الداخلية" الذي نظمته حركة شباب 24 آذار للمطالبة بالإصلاح عشرات الإصابات ووفاة ناشط في الحراك، عقب تدخل قوات الأمن الأردنية الاعتصام بالقوة رافقه اعتداء على المعتصمين من مجموعات "وصفت بالبلطجية."

وقال العجلوني: "سأمثل أمام القضاء ولن أقدم شكوى بحق أي من رجالات الأمن العام وسأرضى بحكم القضاء الأردني .... لكنني بت اليوم أجهل ما هي حقيقة التهم التي من الممكن أن توجه إلي."

وتوالت ردود الفعل في الأوساط السياسية الحزبية المستنكرة لمحاكمة المعتصمين، حيث استنكرت جماعة الإخوان المسلمين في بيان الاثنين حصلت CNN بالعربية على نسخة منه، اعتبرت فيه أن تحويل المعتصمين إلى المحاكمة يؤكد غياب الإصلاح في برنامج الحكومة.

و"دانت" الجماعة الموقف الرسمي حيال القضية، فيما طالبت بإلغاء قرار التحويل إلى المحاكم والاعتذار عنه رسميا. ويأتي تحويل المعتصمين إلى التحقيق، بعيد أيام قليلة على تصريحات ملكية رسمية أشار فيها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بإغلاق صفحة "أحداث الداخلية."

وبادر فريق من المحامين الأردنيين بتشكيل هيئة دفاع عن العجلوني والنشطاء، فيما تفاجأ العجلوني بإبلاغه خلال احتجازه بأنه مطلوب أيضا إلى التحقيق أمام محكمة أمن الدولة ونشطاء معه إضافة إلى محكمة الجنايات الكبرى.

وقال المحامي سالم الزعبي الذي تولى الدفاع عن العجلوني في تصريحات لـCNN بالعربية، إن العجلوني كان يجري معاملة رسمية روتينية في قصر العدل ليفاجأ باحتجازه وتبليغه بأنه مطلوب إلى الجنايات الكبرى وأمن الدولة في وقت واحد.

وقال الزعبي إن حيثيات قضية توقيف العجلوني التي وقعت بالصدفة غير معلومة التفاصيل للآن، مشيرا إلى أن احتجازه كشف عن طلبه هو ونشطاء آخرين إلى محكمة أمن الدولة أيضا.

وبين الزعبي أن لائحة الأسماء المطلوبة لكلتا القضيتين ليست معروفة ، فيما باشرت محكمة جنايات عمان بالاستماع الى الجهة المشتكية ومن من المتوقع استدعاء النشطاء خلال وقت قريب ، لافتا إلى أن عقوبة التهمة الموجهة للنشطاء  وهي مقاومة رجال الأمن ، تصل في حدها الأدنى إلى ثلاثة سنوات.

أما فيما يتعلق بقضية أمن الدولة ، قال الزعبي :" لا نعرف ما هي التهم الموجه للنشطاء بمن فيهم العجلوني ولايوجد أية معلومات عن التحقيق والأمر الآن عند مدعي عام محكمة أمن الدولة."

واستهجن الناطق الرسمي باسم شباب 24 آذار القرارات معتبرا إياها خطوة لضرب الحراك الإصلاحي في البلاد،  وأضاف بالقول: "إن القرارات تخالف توجيهات الملك عبدالله الثاني .. وهذا يعني أن في البلاد حكومة وحكومة ظل."

وأكد الخوالدة أن أيا من شباب 24 آذار لم يتم تبليغه بالقضايا ، فيما أشار إلى أن حراك 24 آذار سيستمر بكل الأحوال لتحقيق الإصلاح رغم كل الضغوط السياسية والأمنية ."

إلى ذلك ، يتزامن تحويل  نشطاء 24 آذار إلى التحقيق، في الوقت الذي أشارت فيه تقارير صحفية أردنية عن "سفر" رجل الأعمال الأردني المعروف خالد شاهين، من السجن إلى خارج البلاد لتلقي العلاج رغم قضائه لفترة محكومية لثلاثة سنوات على خلفية  إدانته في قضية فساد تتعلق بعطاء لتوسعة مصفاة البترول الأردنية.

وأثارت قضية شاهين جدلا واسعا في الأوساط السياسية والقانونية، رافقها توجيه انتقادات واسعة إلى الحكومة الأردنية والتشكيك "بجديتها في مسيرة الإصلاح،" في الوقت الذي  تمت فيه إحالة معتصمي 24 آذار إلى التحقيق.

وتواجه الحكومة الأردنية مأزقا سياسيا بحسب مراقبين، على خلفية مغادرة شاهين البلاد، ومشاهدته في أحد الأماكن العامة في العاصمة البريطانية لندن بحسب تسريبات صحافية  في شباط/فبراير المنصرم.

ووسط تفاعلات القضية، قال رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت في مؤتمر صحافي السبت لوسائل الإعلام، إن الحكومة تقوم بالاستقصاء لمعرفة مكان وجود شاهين، وشدد على وجود ضمانات لدى الحكومة لعودته وانه تم الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة له أو لعائلته، مشيرا إلى أن قرار السماح بعلاجه في الخارج لا يعتبر عفوا عنه، حيث سيكمل فترة محكوميته.

كما تناقلت تقارير صحفية تصريحات عن مصادر في الديوان الملكي، تشير الى انه سيصار الى تشكيل لجنة تحقيق في القضية، مع نفي صدور "عفو خاص بحق شاهين."

أما وزير العدل الأردني ونقيب المحامين السابق حسين مجلي فصرح في وقت سابق لوسائل الاعلام بالقول  "إن قضية شاهين ليست أولوية وأن في دولة الحق والقانون فإن حق الحياة هو الحق الاول والاعلى للانسان ."

وأضاف مجلي لموقع CNN بالعربية :" ليس لدي جديد على موقفي السابق أما بخصوص تشكيل لجنة تحقيق في القضية فليس لدي علم بذلك . "

من جهته، قال المحامي والناشط الحقوقي المعارض زهير أبو الراغب، في تصريحات لـCNN بالعربية  إنه على مدار أربعة عقود من عمله في المحاماة تعتبر قضية شاهين هي الأولى من نوعها في البلاد، مشيرا إلى أنها مخالفة وتجاوزا "إداريا وسياسيا وقانونيا صارخا."

وأوضح أبو الراغب أن التشريعات الأردنية، بما فيها من قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية، وكذلك قانونه مراكز الإصلاح والتأهيل لا تنص على أي بنود قانونية تسمح بخروج محكوم في قضية جزائية إلى خارج السجن للعلاج وليس فقط إلى خارج البلاد.

وبين أبو الراغب إن هذا التجاوز يقتضي محاسبة المسؤول عن ذلك التجاوز، سواء  إن كان وزيرا  بإحالته إلى مجلس محاكمة الوزراء أو رجل امن فيحال إلى محكمة الشرطة أو شخصا آخر فيحال إلى المحاكم النظامية.

إلى ذلك، من المتوقع أن تشهد البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة تجديدا للحراك الاحتجاجي الشعبي للمطالبة بالإصلاح، من بينها اعتصام  أعلنت عنه المجموعات السلفية الجهادية في الأردن عند ميدان جمال عبد الناصر صباح الثلاثاء رغم إعلان الحكومة في وقت سابق منع أية فعاليات في الميدان.

كما تشهد الجمعة المقبلة بحسب تصريحات صادر عن حركات شبابية، إطلاق حركة جديدة تحت مسمى "هبة 15" من خلال دعوة على موقع التعارف الفيسبوك، تحت عنوان محاربة الفساد في مختلف محافظات المملكة.

وتبنت الحركة من خلال صفحتها رفع شعار "محاربة الفساد وتطهير البلاد منه" من خلال نشر تقارير حول قضايا فساد اقتصادية، معتبرة أن تسمية الحراك بهبة نيسان هو محاكاة "لهبة نيسان" الشعبية التي انطلقت شرارتها في مدينة معان جنوب عام 1989 ردا على  رفع أسعار المشتقات النفطية في السابع عشر من نيسان/أبريل.