عمان، الأردن (CNN) -- وجهت لجنة تحقيق نيابية في البرلمان الأردن الأربعاء أصابع الاتهام الى عدد من الوزراء الأردنيين والمسؤولين، في ما يعرف بقضية إبرام اتفاقية لإنشاء كازينو في منطقة البحر الميت عام 2007 في عهد حكومة رئيس الوزراء الأردني الأولى معروف البخيت، إضافة إلى إفصاحها عن التحقيق مع ثلاثة وزراء سابقين في القضية.
وأعلن رئيس اللجنة النيابية الخاصة التي شكلت بموجب النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني خليل عطية في مؤتمر صحافي عاجل ظهر الأربعاء، انتهاء اللجنة من صياغة التقرير النهائي للتحقيق وتسلميه إلى رئيس مجلس النواب الأردني فيصل الفايز.
وتلقت الأوساط النيابية الإعلان عن انتهاء لجنة التحقيق بارتياح ملحوظ، رغم ما أشارت إليه مصادر نيابية إلى أن "الاتهامات" ليست قانونية بشكل نهائي، لوجوب استكمالها قنوات دستورية "لشرعنتها."
وكان تشكيل لجنة تحقيق نيابية في اتفاقية الكازينو التي ألغيت لاحقا، قد جاء بعيد ضغوطات شعبية وسياسية على الحكومة الأردنية الحالية التي يرأسها البخيت، في سياق المطالبة بمحاربة الفساد في البلاد، وبعد حدوث نزاع على صلاحيات التحقيق في القضية أفضت إلى تحويل الملف من هيئة مكافحة الفساد إلى مجلس النواب في مارس المنصرم.
وقال عطية خلال المؤتمر الصحافي، إن اللجنة استمعت إلى شهادات 66 شخصية بمن فيهم ثلاثة رؤساء وزراء سابقين حول القضية، مضيفا بالقول: "ان التقرير النهائي أثبت تورط وزراء ومسؤولين سابقين وحاليين في تمرير الاتفاقية."
وأوضح عطية أن الإعلان عن أسماء المتورطين ليس من صلاحيات اللجنة، مشيرا الى أن التقرير الآن بيد رئيس مجلس النواب الذي يملك أحقية الإعلان من عدمه.
وأكد عطية بالقول: "أن اللجنة توصلت الى سلسلة إدانات محددة بموجب أحكام القانون من بينها الإخلال بالواجبات الوظيفية من بعض المسؤولين والإساءة المباشرة لاستخدام السلطة والحنث باليمين الدستورية والتزوير وإخفاء وثائق مهمة ومخالفة أنظمة العطاءات ومخالفة قانون السياحة الأردني وسلسلة من مخالفة المعايير الأخلاقية والإدارية."
وكانت تقارير صحافية نشرت وثائق تكشف عن الجهات الرسمية التي فوضت بالتوقيع على الاتفاقية بإقامة كازينو في البحر الميت بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وشركة تعود ملكيتها لمستثمر بريطاني الجنسية.
وتضمنت الاتفاقية بحسب التقارير منح الشركة حق التمتع الحصري لمدة 10 سنوات من تاريخ افتتاح أول كازينو في تلك المنطقة، وألا تمنح أي جهة أخرى حق ترخيص لإقامة كازينو في المنطقة من جنوب البحر الميت وحتى شماله، وأن يكون للشركة حق الاستئجار أو الشراء بهدف تملك قطعة ارض بمساحة (100) دونم تقريبا في منطقة البحر الميت.
ويعتبر مجلس النواب صاحب الولاية في مساءلة الوزراء وفقا للدستور الأردني، فيما نصت الاتفاقية على تعويض الحكومة الأردنية الشركة في حال الإخلال بالاتفاقية بملايين الدولارات.
في الأثناء، وقع 78 نائبا على إدراج ملف القضية على أعمال الدورة الاستثنائية للبرلمان قبيل الدورة العادية المقررة دستوريا شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فيما ترتبط أعمال الدورة الاستثنائية بالإرادة الملكية المتوقع صدورها خلال أيام للدعوة إلى عقد دورة استثنائية لمجلس النواب الذي يمر بعطلته الدستورية.
من جهته، أعرب النائب في البرلمان المهندس عبد الرحيم البقاعي العضو في لجنة التحقيق النيابية في ملف الكازينو، عن ارتياحه للنتائج التي توصلت اليها اللجنة، مضيفا بالقول لـCNN بالعربية: "صحيح إن الإدانة التي وجهتها اللجنة لبعض المسؤولين ليست نهائية لكنها موضوعية ومثبتة بالوثائق."
ونفى البقاعي في رده على تساؤل حول الإعلان عن النتائج إرضاء للرأي العام الأردني، لافتا إلى ان القنوات اللاحقة التي ستمر بها مراحل التحقيق ستؤكد نتائج اللجنة.
وفي السياق، أشارت تسريبات إعلامية إلى أن نتائج التحقيق خلصت بالمجمل إلى "تحميل رئيس الحكومة الحالية مسؤولية القضية"، اكتفى البقاعي بالقول: "لا يمكن القول بذلك."
من جهتها اعتبرت نائب رئيس تحرير صحيفة الغد اليومية، أن إعلان نتائج التحقيق ترافقها "الشبهات"، بما في ذلك عدم اختصاص النواب قانونيا وفي التحقيق في قضايا فساد.
وعلقت غنيمات نائب رئيس تحرير صحيفة الغد اليومية بالقول: "إن المجلس الحالي بحاجة للخروج من مأزق فقدان الشعبية التي مر بها بعيد منح ثقته للحكومة السابقة امام الشارع الأردني."
ولفتت غنيمات إلى ان مطالبات عديدة دعت اليها اوساط سياسية بإجراء تعديلات دستورية بجعل محاكمة الوزراء من اختصاص القضاء مباشرة، مضيفة بالقول: "ليس هناك جدية في التعامل مع قضايا الفساد ودليل على ذلك قضية هروب رجل الأعمال الأردني المحكوم خالد شاهين إلى خارج البلاد."
وفيما يشير مراقبون إلى سيناريوهات تتعلق باحتمالية مجلس النواب الحالي، على ضوء ما ستتمخض عنه توصيات اللجنة الملكية لمراجعة نصوص الدستور ومخرجات لجنة الحوار حول تغيير قانون الانتخاب، قللت غنيمات من أهمية ما أعلن عنه في الوقت الذي لم تصدر فيه بعد أحكاما قضائية ولم يحال أي مسؤول للمحاكمة في القضية.
ويتوقف اختصاص اللجنة النيابية بالتحقيق عند التحقيق مع وزراء استنادا إلى الدستور، فيما تتولى المحاكم المدنية محاكمة مسؤولين آخرين ضمن المراحل اللاحقة للقضية.
أما المختص في الشؤون البرلمانية جهاد المنسي، فأشار إلى إيجابية نتائج اللجنة واهميتها، فيما أشار إلى أنه بموجب الدستور يعتبر المجلس النيابي "ادعاء عاما" في محاكمة الوزراء.
وفي الوقت الذي يحال فيه تقرير اللجنة إلى الدورة الاستثنائية او العادية بحسب المنسي، فإن الإدانة الرسمية للوزراء سواء حاليين أو سابقين تصبح نافذة في حال تصويت ثلثي مجلس النواب على ذلك بعيد مناقشة التقرير.
ولفت المنسي إلى أنه لم يسبق لمجلس النواب محاكمة وزراء استنادا إلى صلاحياته الدستورية، فيما يحال الوزراء في التصويت الى مجلس محاكمة الوزراء وهي محكمة خاصة.