دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تصاعدت النبرة الدولية المنتقدة لمواقف موسكو وبكين حيال الملف السوري في مجلس الأمن، بعد استخدامهما لحق الفيتو من أجل إجهاض مشروع قرار ضد قمع المحتجين في ذلك البلد، أما رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، فاعتبر أن الخطوة كانت "مؤسفة،" في حين سارعت روسيا إلى الإعلان عن زيارة قريبة لوفدين من المعارضة السورية إلى أراضيها.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، الكسندر لوكاشيفيتش، بأن الوفدين سوف يزوران العاصمة الروسية في أكتوبر/تشرين الأول الجاري لإجراء محادثات، موضحا أن أحد الوفدين يمثل المعارضة السورية في الداخل وثانيهما يمثل المعارضين الذين أعلنوا عن تأسيس المجلس الوطني.
كما أصدرت الخارجية الروسية بياناً شرحت فيه أسباب اعتراضها على مشروع القرار في مجلس الأمن، فقالت إنها "لا تدافع عن النظام السوري ولا تغض البصر عن أعمال المعارضة الراديكالية،" ورأت أن مشروع القرار "انحاز لإدانة طرف واحد هو دمشق، وتضمّن تهديدا بفرض عقوبات على السلطات السورية، وهو موقف يتنافى مع مبدأ التسوية السلمية."
وأشارت إلى أن مَنْ صاغ مشروع القرار رفض تضمينه دعوة اقترحتها روسيا إلى "ضرورة أن تتنصل المعارضة السورية من المتطرفين وعدم جواز التدخل العسكري الخارجي،" وفقاً لوكالة نوفوستي الروسية الرسمية.
ونوهت الخارجية الروسية بأن موسكو "كانت قد أعلنت مرارا أنها ستتصدى لمحاولات جعل سيناريو ليبيا نموذجا يحتذى به."
من جانبها، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية الخميس، عن ناطق باسم وزارة الخارجية في دمشق قوله إن سوريا "تقدر عاليا المشهد الذي عكسته مداولات مجلس الأمن بصدد مشروع القرار الذي استهدف التدخل في شؤونها الداخلية وترى فيه رسالة ثقة توجه من منبر مجلس الأمن إلى شعوب العالم التي تحولت المنظمات الدولية بنظرها طوال عقود مضت إلى أدوات خاضعة للهيمنة الاستعمارية."
وأضاف أن سوريا "تقدر مواقف الدول الممتنعة عن التصويت وترى في ذلك رداً للاعتبار لمفهوم التصويت والفيتو في مجلس الأمن بعد أن كان مجلس الأمن بنظر الشعوب مع تشريع احتلال العراق وحماية العدوان الإسرائيلي المستمر على شعب فلسطين والبلاد العربية مصدراً للقلق والرعب."
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إن مستوى العنف الممارس ضد المعارضة في سوريا "غير مقبول،" معرباً عن أسفه لفشل مجلس الأمن بإصدار قرار حول الأزمة.
وبدوره، قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إن الخطوة الروسية والصينية "لن تردع بلاده عن القيام بخطوات إضافية" حيال سوريا، مشيراً إلى "حزمة عقوبات" تفكر أنقرة في فرضها.
وكانت الصين وروسيا قد أجهضتا الثلاثاء، الجهود الدولية الرامية لاستصدار قرار بمجلس الأمن الدولي يدعو السلطات السورية إلى الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان التي تنتهجها للتصدي لانتفاضة شعبية واسعة ضد نظام الرئيس، بشار الأسد.
ولجأ العضوان الدائمان بمجلس الأمن لحق الفيتو "النقض" لإفشال اعتماد القرار، الذي قدمته كل من فرنسا وبريطانيا وأيرلندا وألمانيا والبرتغال، وصوت لصالحه تسعة دول، وامتنعت أربعة هي: لبنان والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل.
وبدوره، ذكر السفير السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، أن بعض الدول، التي تقود الحملة الدولية للتدخل في شؤون سوريا الداخلية باسم حقوق الإنسان وحماية المدنيين، مازالت ترفض الاعتراف بوجود جماعات إرهابية مسلحة في سوريا.
وقال الجعفري، في كلمته، والتي انسحب خلالها احتجاجاً سفيرا أمريكا وبريطانيا من الجلسة، إن تلك الدول التي تدعم الجماعات المسلحة في سوريا، تتمتع بسجل أسود ذائع الصيت في مضمار حقوق الإنسان والحريات الإنسانية، وفق الأمم المتحدة.
وأضاف: "الخطاب "العدائي" غير المسبوق للقوى الغربية ضد بلاده وقياداتها ساعده على إحباط مشروع القرار.
وعلى صعيد مواز، ندد فيليبي بولوبين، مدير منظمة "هيومن رايتش ووتش" بالولايات المتحدة: "بعد سبعة أشهر من عجز شبه تام للمجلس، ومقتل 2600 شخص، بجانب الآلاف من أصيبوا أو اعتقلوا أو تعرضوا للتعذيب، فأن هذا التصويت وصمة عار.. فباستخدامها حق الفيتو، روسيا والصين، تمكنا حكومة سوريا من حملة القمع البغيضة."
وتزامنت الجلسة مع استمرار حلقة العنف الدامي في سوريا، إذ تناقلت تقارير أنباء المزيد من الموت بحملة عسكرية لا هوادة فيها يقودها نظام دمشق لإسكات متظاهرين ينادون بالتغيير.
واستنكر المجتمع الدولي بقوة حملة القمع الدائرة منذ سبعة أشهر ودعا للتحرك ضد نظام الأسد، الذي تمثل الانتفاضة الشعبية أخطر تحد له منذ توليه السلطة منذ 11 عاماً.