دمشق، سوريا (CNN) -- وجه وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، رسائل في مختلف الاتجاهات، رداً على العقوبات الأوروبية التي طالت الرئيس بشار الأسد على خلفية المواجهات الدامية مع المحتجين في البلاد، فراهن على دور روسيا بمجلس الأمن، واستبعد التدخل العسكري ببلاده، وقال إن أوروبا ستتضرر جراء الإجراءات بحق القيادة السورية، وأن بلاده "لن تسكت" على ما يجري.
وقال المعلم، في أول ظهور لمسؤول سوري على هذا المستوى منذ أسابيع، إن الأوروبيين أضافوا ما وصفها بـ"صفحة سوداء جديدة إلى سجلهم الاستعماري القديم في منطقتنا عندما اتخذوا إجراءات تطاولوا فيها على السيد الرئيس بشار الأسد رمز السيادة الوطنية والوطن" على حد تعبيره.
وأضاف المعلم، في مقابلة مع التلفزيون السوري، إن الدول التي صادقت على العقوبات "أخطأت لأنها تهدف إلى تحريض الذين يتوهمون بأن الغرب يساعدهم على الاستمرار بالعنف." وتساءل: "لماذا يريدون أن تستنزف سورية.. وأن يبقى الجرح نازفا.. لان سورية هي الرقم الصعب أمام مخططاتهم وأمام التوسع الإسرائيلي."
واعتبر الوزير السوري أن إسرائيل "هي المستفيد الأول مما يجري لأنها تتنصل من استحقاقات السلام وثانيا تواصل سياستها الاستيطانية وثالثا تغتصب الأرض الفلسطينية شبرا شبرا.. وتقيم المستوطنات ولا احد في العالم.. لا الغربي ولا غيره ينتقد إسرائيل."
وتحدث المعلم عن تبدلات في الموقف الأوروبي، فقال إن وزير الخارجية الفرنسي الجديد، آلان جوبيه "قد يكون يثأر لفترة الرئيس جاك شيراك،" كما أشار إلى أن نظيره البريطاني "رجل منطقي ولكن عندما يتعلق الأمر بالإعلام أو بسوريا فهو ينظر إلى مصالح حزبه الداخلية."
وعن موقفه من الإجراءات العقابية الأوروبية قال المعلم: "أنا منزعج منها ولكنني لا أقول إنني متخوف،" وحول موقف روسيا والصين تجاه سوريا قال: "أعتقد أن الدرس الذي استقيناه مما حصل بعد قرار مجلس الأمن في ليبيا وكيف طبق القرار عليها هو درس هام يجب أن يعيه الجميع بما فيهم روسيا.. أنا لا أتحدث نيابة عن روسيا لكننا نعول على الموقف الروسي."
وردا على سؤال حول مخاوف من تكرار سيناريو ليبيا في سوريا قال المعلم: "لست قلقا من هذه النقطة إطلاقا فأولاً لا يوجد لدينا النفط كما في ليبيا أو في العراق.. لست قلقا من هذا الاحتمال (حصول عمل عسكري) أنا فقط أقول إن ما يحاولونه من هذه الإجراءات هو فرض إرادتهم على القرار السوري وسورية كما أثبت التاريخ لا تسير بالضغوط."
وتابع المعلم: "لا أستبعد المزيد من الإجراءات ضد سورية لكنني لست قلقا فهي إجراءات سياسية اقتصادية لن تصل إلى الحل العسكري وأؤكد ذلك لأسباب تتعلق بهم لكن أتوقع المزيد من الإجراءات وهذا يتوقف على شعبنا ووعيه،" كما اتهم بعض السفراء الأجانب بالتحريض على التظاهر في بلاده.
وكان الاتحاد الأوروبي قد انضم الاثنين إلى الولايات المتحدة الأمريكية في فرض عقوبات على القيادة السورية، بما في ذلك الرئيس بشار الأسد، رداً على أسلوبه الدموي في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير الديمقراطي، وتوجه الاتحاد بالتحية لـ"شجاعة السوريين"، ودعا إلى محاسبة المسؤولين عن العنف.
وقال بيان للاتحاد الأوروبي، صدر من بروكسل، إن الدول المشاركة تدين "بأقسى العبارات القمع المستمر في سوريا والعنف غير المقبول من قبل الجيش والأجهزة الأمنية ضد المحتجين المسالمين، الذي أدى لسقوط مئات القتلى وأعداد أكبر من الجرحى."
وحض الاتحاد الأوروبي دمشق على استقبال وفد المفوضية العليا لحقوق الإنسان لمتابعة الوضع الإنساني على الأرض في المناطق التي استهدفها العمليات العسكرية، ودعا لوقف "الاعتقالات الجماعية والتعذيب" في البلاد، وطالب بالإفراج عن جميع معتقلي الاحتجاجات، وكذلك السجناء السياسيين.
وأعرب البيان عن قلق أوروبا جراء رفض سوريا دخول الإعلام الدولي إلى أراضيها، كما نددت باعتقال الصحفيين السوريين، وحصار مدن مثل درعا وبانياس وحمص.
وطلب الاتحاد الأوروبي من النظام السوري "الاستجابة للمطالب الشعبية المشروعة" وإطلاق حوار سياسي حقيقي وفق جدول زمني محدد ودون تأخير للوصل إلى "إصلاحات سياسية ذات معنى،" واعتبر أن ذلك هو الطريق الوحيد لـ"إطلاق عملية تحوّل نحو الديمقراطية في سوريا، وتأمين الاستقرار على الأمد البعيد."
ودعا البيان إلى الوقف الفوري لمعظم البرامج المشتركة بين أوروبا وسوريا، إلى جانب تعليق التوقيع على مذكرات التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لقائمة العقوبات، فقد ذكر الاتحاد الأوروبي في بيانه أنها ستشمل تجميد أرصدة ورفض منح تأشيرات دخول لعشر أشخاص جدد، إلى جانب 13 شخصاً كانت قد شملتهم عقوبات مماثلة في التاسع من مايو/أيار الماضي.
وأشار البيان إلى أن الرئيس بشار الأسد يتصدر القائمة، على أن يصار إلى إعلان سائر الأسماء الثلاثاء.
وهدد الاتحاد الأوروبي دمشق بأنه "مصمم على اتخاذ خطوات إضافية دون تأخير" ضد أركان النظام السوري، في حال رفضهم تغيير "المسار الحالي."
من جانبها، سارعت دمشق إلى الرد على القرار من خلال تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية، عن من وصفته بـ"مصدر رسمي"، قال: إن قرارات الاتحاد الأوروبي ضد سوريا "محاولة لزعزعة أمنها والهيمنة على مقدرات شعبها وتهدف لترسيخ يهودية إسرائيل."
يشار إلى أن نظام الرئيس بشار الأسد يواجه منذ منتصف مارس/آذار الماضي أقسى تحد له منذ توليه السلطة خلفاً لوالده عام 2000، وقد عمت المظاهرات الاحتجاجية مختلف أنحاء البلاد، وواجهها الأمن بالقوة بدعوى وجود "عصابات مسلحة" و"مندسين سلفيين،" ما تسبب بمقتل أكثر من 850 شخصاً، وفق الأمم المتحدة.