دمشق، سوريا (CNN)-- قال الرئيس السوري، بشار الأسد، الاثنين، إن بلاده تمر بمحنة غير مألوفة هددت أمنها واستقرارها، أدت إلى حالات من الاضطرابات وحوادث شغب وأعمال قتل وتخريب للممتلكات، في ثالث خطاب يدلي به منذ اندلاع احتجاجات شعبية، هي الأخطر التي تواجه نظامه منذ توليه السلطة قبل 11 عاماً.
بالمقابل، شن اتحاد "تنسيقيات الثورة السورية" الذي يمثل المنسقيات المنتشرة في البلاد لتنظيم الثورات، هجوماً قاسياً على الخطاب، فقال إنه يثبت بأن النظام السوري "أبعد ما يكون عن الإصلاح وعن قدرة عملية التغيير،" وأضاف أن أحداً "لم يكن يتوقع شيئاً من بشار أو عصابته."
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للمعارضة مجموعة من التسجيلات لمظاهرات خرجت رفضاً لما جاء على لسان الأسد في عدة مناطق من البلاد، بينها حمص واللاذقية وضواحي دمشق.
وبالعودة إلى الخطاب، فقد أعاد الأسد انقطاعه الطويل عن توجيه الخطابات إلى أنه "لا يريد منبراً دعائياً،" وأقر بأن غيابه "فسح المجال للكثير من الشائعات في البلد،" وأضاف: "كل ماسمعتموه عن إشاعات متعلقة بالرئيس وعائلته وعمله ليس لها أساس وكلها خاطئة وغير صحيحة سواء كانت مغرضة أم بريئة."
وفي إشارة بالغة الدلالة إلى تنظيم الإخوان المسلمين وفترات المواجهة الدامية معه التي توجت في ما يعرف بـ"مجزرة حماة" عام 1982 قال الأسد: "هناك أشياء متراكمة منذ 3 عقود منذ مرحلة الصدام مع الإخوان المسلمين تلك المرحلة السوداء في الثمانينيات ما زال البعض.. أجيال جديدة.. تدفع ثمن تلك المرحلة.. عدم توظيف وعدم إعطاء موافقات أمنية لقضايا مختلفة يعني عملياً حملنا نفساً وزر أخرى وهذا الشيء غير صحيح."
وتحدث الرئيس السوري عن من قل إنهم "من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية مختلفة،" فقال إن عددهم تجاوز 64 ألف شخص، ورأى أن هذا الرقم: "يعادل بالمعنى العسكري تقريباً خمس فرق عسكرية.. أي تقريباً جيش كامل."
وصرح الأسد أن بعض الاحتجاجات الشعبية "استخدمت كغطاء للمخربين بغرض بث الفوضى والقتل،" على حد تعبيرها، لا سيما في "جسر الشغور" التي شهدت حملة عسكرية واسعة دفعت بالعديد من السوريين إلى الفرار إلى تركيا، لافتاً إلى امتلاك "الفئات المخربة" لمعدات متطورة استدعت تدخل الجيش السوري في معرة النعمان.
وأضاف بالقول: "التجربة العميقة والهامة التي نمر بها بما تحمله من ألم وحسرة تدفعنا لتأمل جانبها السلبي وما تحمله من خسائر بالأرواح والممتلكات والأرزاق بالمستوى المادي والمعنوي وبجانبها الايجابي وما يحمله من اختبارات هامة لنا جميعا كشفنا من خلالها معدننا الوطني الحقيقي بقوته ومتانته وبنقاط ضعفه."
وأضاف الأسد: "نحن ننظر إلى الأمام ورؤية المستقبل تتطلب حتما قراءة عميقة للماضي وفهما دقيقا للحاضر ومن البديهي أن يكون السؤال السائد اليوم هو: ما الذي يحصل؟ ولماذا؟ وهل هي مؤامرة؟ ومن يقف خلفها؟ أم هي خلل فينا؟ فما هو الخلل وغيرها من التساؤلات الكثيرة والطبيعية في مثل هذه الظروف.
وأوضح الرئيس السوري في أول كلمة له منذ 16 إبريل/نيسان الماضي، إن سوريا كانت دوماً "هدفاً لمؤامرات مختلفة قبل أو بعد الاستقلال لأسباب عدة بعضها مرتبط بالجغرافية السياسية الهامة للبلاد والبعض الأخر مرتبط بمواقفها السياسية المتمسكة بمبادئها ومصالحها."
مشيراً إلى أن المؤامرات كـ"الجراثيم تتكاثر في كل لحظة وكل مكان لا يمكن إبادتها وإنما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها فما رأيناه من مواقف سياسية وإعلامية ليس بحاجة للكثير من التحليل ليؤكد وجودها."
وعدد الأسد ثلاثة مكونات تقف وراء الأحداث في الشارع السوري: وهي صاحب حاجة أو مطلب يريد من الدولة تلبيتها له وهذا واجب من واجبات الدولة، والثاني يمثله عدد من الخارجين على القانون والمطلوبين للعدالة بقضايا جنائية، أما المكون الثالث فهو الأكثر خطورة بالرغم من صغر حجمه وهو يمثل أصحاب الفكر المتطرف والتكفيري.
وأضاف أن أصحاب الفكر المتطرف عملوا على "استحضار خطاب مذهبي مقيت لا ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه".
وأكد بأن الأحداث التي تشهدها بلاده لا علاقة بها بالتطوير والإصلاح، بل عبارة عن تخريب. وتوعد في كلمته بملاحقة المخربين وكل من تسبب في إراقة الدماء، كما دعا النازحين إلى العودة إلى قراهم، بعد أن دفع العنف بالآلاف للنزوح نحو تركيا.
ويذكر أن الحكومة السورية نسبت أعمال العنف التي تصدت بها للاحتجاجات الشعبية إلى "جماعات إرهابية مسلحة."
المعارضة تندد وروسيا تلوح بالفيتو
وشن اتحاد "تنسيقيات الثورة السورية" الذي يمثل المنسقيات المنتشرة في البلاد لتنظيم الثورات، هجوماً قاسياً على الخطاب، فقال إنه يثبت بأن النظام السوري "أبعد ما يكون عن الإصلاح وعن قدرة عملية التغيير،" وأضاف أن أحداً "لم يكن يتوقع شيئاً من بشار أو عصابته."
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للمعارضة مجموعة من التسجيلات لمظاهرات خرجت رفضاً لما جاء على لسان الأسد في عدة مناطق من البلاد، بينها حمص واللاذقية وضواحي دمشق.
وفي روسيا، قال الرئيس دميتري ميدفيديف إن بلاده "ستستخدم حق النقض (الفيتو) كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي لمنع المجلس من إصدار قرار بشأن سوريا يماثل قرارا بشأن ليبيا تبناه المجلس في وقت سابق."
وذكّر ميدفيديف في حوار مع صحيفة "فاينانشل تايمز" نقلت تفاصيله وكالة "نوفوستي" الرسمية الروسية أنه "غير مستعد" لتأييد قرار بشأن سوريا "على غرار القرار رقم 1973"، مشيرا إلى أنه لا يريد أن يعقب صدور قرار يقول إننا ندين استخدام العنف في سورية انطلاق قاذفات قنابل نحو سوريا.
وقال ميدفيديف إن سوريا أصبحت في "وضع صعب،" وأضاف: :قلتُ للرئيس بشار الأسد خلال اتصال هاتفي إنني أتمنى أن يواصل إصلاحاته وأن تعقب إلغاء حالة الطوارئ انتخابات طبيعية وأن يدخل في حوار مع كافة القوى السياسية."