واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- لم يكن بشار الأسد، منذ صغره، يعد ليكون رئيسا، فقد نشأ وترعرع بصفته الابن الثاني للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، في الظل، وبعيدا عن الأضواء، غير أن الصدف قلبت الموازين.
فقد انشغل والد بشار بعيدا عنه، ولم يكن يعده لتسلم الحكم، إذ درس الأخير الطب في بريطانيا، وحصل على شهادة في طب العيون، ثم عاد ليرأس الجمعية السورية للمعلوماتية.
لكن بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل عام 1994، في حادث سيارة، والذي كان تم إعداده لخلافة والده في الرئاسة، تحولت أنظار بشار إلى العلوم العسكرية، ذلك أن موت شقيقه الأكبر، يعني أنه أصبح الوريث القادم للسلطة.
وعندما توفي والده في يونيو/حزيران عام 2000، هرع البرلمان السوري للتصويت على تعديل دستور البلاد للسماح لبشار ليصبح رئيسا، وبالفعل وخلال ساعات تم تعديل الدستور، وخُفضت سن الأهلية للرئيس من 40 إلى 34 عاما، عمر بشار آنذاك.
وفي غضون أسابيع، أصبح بشار أيضا عضوا في القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم، وكان هذا شرط آخر لتولي الرئاسة في سوريا.
والآن، فإن الاضطرابات في سوريا، والتي تتضح بشاعتها عبر مقاطع فيديو من الاحتجاجات العنيفة بثها مصورون هواة، هي من تقيّم حكم الأسد في عيون العالم.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن تلك المشاهد المنتشرة، لهي خير دليل على أن قوات الأمن السورية تطلق النار على الشعب، رغم أن وسائل الإعلام التي تديرها الدولة تنفي أي مزاعم من هذا القبيل.
وفي البداية، أراد المتظاهرون الإصلاحات الأساسية، والمزيد من الحريات، والتعددية السياسية ووضع حد لقانون الطوارئ، وهي مطالب نفذها بشار الأسد على الورق، لكنها كانت قليلة جدا، ومتأخرة جدا.
لقد عاش السوريين في خوف من القمع السياسي لعقود، إذ حكم حافظ الأسد البلاد بقبضة من حديد، وسحق بقسوة وبلا هوادة المعارضة، وسجن معارضيه، وقضى على أي تحد لحكمه.
ولأكثر من 47 عاما، رزحت البلاد تحت حكم قانون الطوارئ، والذي يعلّق على نحو فعال معظم الحقوق المحمية بموجب الدستور، ويخول الحكومة بالقيام بعمليات اعتقال تعسفي ووقائي، وفقا لوزارتي الخارجية الأميركية والبريطانية.
وتحت ذلك القانون، فإن قوات الأمن لم تكن بحاجة إلى الحصول على مذكرات توقيف، وأيضا يمكنها احتجاز المشتبه بهم لفترات طويلة دون تهمة أو محاكمة أو حتى السماح لهم بالاتصال بمحامين.
وفي خضم الصراع في الأشهر الأخيرة، رفع الأسد حالة الطوارئ وألغى محكمة أقيمت لمحاكمة الأشخاص الذين يشكلون تهديدا للنظام. ولكن في الوقت نفسه، استمرت الاعتقالات التعسفية، كما استمر استخدام القوة ضد المتظاهرين.
وبشار الأسد الآن، 45 عاما، ينفي أن يكون دكتاتورا، ويرى نفسه بدلا من ذلك قائدا عصريا، إذ يقول موقعه الرسمي إنه "بنى مناطق التجارة الحرة، ورخص لمزيد من الصحف والجامعات الخاصة، وحارب الفساد والترهل الحكومي، وعمل على الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي."
وبينما كانت هناك بعض التغييرات خلال فترة حكمه، يقول كثيرون إن وعود الأسد لم يفي بها إلى حد كبير. وأطلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" على فترة حكمه التي امتدت 10 سنوات اسم "العقد الضائع" مع بقاء سيطرة الدولة على وسائل الإعلام، ومراقبة الإنترنت، والسجون المليئة بالمعارضين.
ويقول نشطاء إنه مع الاحتجاجات الحالية، فإن الأسد لم يعد بإمكانه التجاهل، إذ عليه "البدء بالاستماع،" وفقا لوسام طريف، المدير التنفيذي لجماعة "إنسان،" الحقوقية، والذي أضاف "أنه الوقت المناسب لبدء الاستماع والعمل، فهو لا يستطيع تحمل أي وعود أكثر من ذلك."
وتقول آن ماري سلوتر، أستاذة السياسة والشؤون الدولية في جامعة برينستون، إن القوة ربما نجحت في الماضي لقمع المعارضة، ولكن ليس الآن، مضيفة "الحكومة ستحاول إخماد أي احتجاج.. لكن جدار الخوف قد سقط."
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.