القاهرة، مصر (CNN)-- ما زالت تداعيات "التسوية" الغامضة لقضية "التمويل الأجنبي للجمعيات" تعصف بالقضاء المصري، بعدما وصف أحد القضاة السماح بسفر المتهمين الأجانب بـ"فضيحة فايزة غيت"، في الوقت الذي جدد فيه رئيس الحكومة الانتقالية، كمال الجنزوري، تأكيده أن "مصر لن تركع" أمام أي ضغوط خارجية.
وأعلن مجلس القضاء الأعلى، في بيان له الثلاثاء، عن قراره بإجراء تحقيق في ملابسات قضية التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني، مؤكداً حرصه على "اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يثبت في حقه انتهاك استقلال القضاء، أو التدخل في أحكامه أياً كان موقعه."
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن أمين العام المجلس، القاضي محمد عيد سالم، قوله إن "المجلس يهيب بالمواطنين، ووسائل الإعلام، الكف عن التعرض لهذا الشأن، صوناً لاستقلال القضاء وهيبته في داخل البلاد وخارجها"، بحسب ما أورد موقع "أخبار مصر" الرسمي.
من جانبه، أكد رئيس الحكومة الانتقالية، في مؤتمر صحفي الثلاثاء، أن قضية الجمعيات الأهلية متعلقة بالقضاء بالكامل، وشدد على "مسألة الإفراج عن بعض المتهمين الأجانب، يرجع إلى القضاء، وليس في سلطة أي مسئول تنفيذي أن يتدخل في هذا الموضوع."
وقال الجنزوري إن تصريحاته هذه ليست "تهرباً من المسؤولية"، ولكنها "الحقيقة بعينها"، على حد وصفه، مشيراً إلى أنه كان عازفاً عن الكلام عن هذا الموضوع، ولكنه اضطر إلى التحدث نظراً لما كتب عنه في الصحافة، وما تردد في وسائل الإعلام المختلفة.
وفيما يتعلق بالانتقادات التي وجهت إليه بعدما قال أمام مجلس الشعب إن "مصر لن تركع"، وإن منتقديه قالوا إن خروج المتهمين من مصر بهذه الصورة يعني أن مصر ركعت، قال إنه كان يقصد توجيه رسالة إلى الدول التي لم تقف مع مصر، وتساعدها اقتصادياً، رغم وعودها المتكررة.
وأكد الجنزوري مجدداً أن "مصر لن تركع، ولن تستسلم لأية ضغوط خارجية"، وشدد على أنه شخصياً لا يمكن أن يذعن لأي ضغط "حفاظاً على كرامة مصر."
أما وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، فايزة أبو النجا، التي يتهمها البعض بأنها وراء "تسوية" قضية التمويل الأجنبي للجمعيات، فقد أعلنت رفضها الاتهامات، التي وردت على لسان بعض أعضاء مجلس الشورى الثلاثاء، إلى الحكومة بـ"خيانة الوطن."
وقالت أبو النجا، والتي مازالت تشغل منصبها الوزاري منذ عهد الرئيس "المخلوع"، حسني مبارك، في تعقيب لها أمام مجلس الشورى، أثناء مناقشة ملابسات رفع الحظر عن سفر المتهمين الأمريكيين والأجانب في القضية: "إنني أربأ بأي عضو في المجلس الموقر أن يتهم الحكومة بخيانة الوطن."
وأضافت أنه من حق كل عضو أن يطالب ببقاء وزير في منصبه أو يغادره، في إشارة إلى مطالبة العديد من الأعضاء بإقالتها من منصبها، وقالت: "إنني لم أسع في حياتي العملية، التي استمرت لمدة 35 سنة، إلى منصب، ولكنى أعتقد أن هناك أسلوباً في التعامل بين المجلس والحكومة."
إلى ذلك، وصف رئيس محكمة استئناف القاهرة، المستشار هشام رؤوف، واقعة سفر المتهمين في قضية التمويل الأجنبي بفضيحة "فايزة غيت"، على غرار "ووتر غيت"، وحمل وزيري العدل السابق والحالي، ووزيرة التعاون الدولي مسئولية ما حدث.
وذكر المسؤول القضائي، في تصريحات تلفزيونية أوردها موقع "أخبار مصر" الثلاثاء، أن "ما حدث جريمة لم يرتكبها النظام السابق، عندما تم الضغط عليه في قضية الجاسوس عزام"، مشيراً إلى أن الرئيس السابق أصدر أمراً بالعفو عن الجاسوس الإسرائيلي، بعد مرور 7 أعوام من الحكم القضائي عليه.
من جانبه، أكد المستشار مجدي عبد الباري، رئيس دائرة المحكمة التي أصدرت قرارها بتمكين المتهمين الأجانب من السفر، أن قرار رفع منع سفر المتهمين في القضية يتفق وصحيح حكم القانون، إعمالاً لأحكام المحكمة الدستورية العليا، ومحكمة النقض والقانون.
وكشف عبد الباري عن أن المستشار محمد شكري، رئيس الدائرة التي كانت تنظر القضية، أبلغ رئيس محكمة الاستئناف، المستشار عبد المعز إبراهيم، قراره التنحي عن نظر طلب رفع منع السفر بالنسبة للمتهمين، وأنه في طريقه لإرسال القضية لنظر الطلب أمام دائرة أخرى في ذات اليوم.
وقال، في بيان أصدره الثلاثاء تحت عنوان "الحقيقة الغائبة"، إن طلب رفع قرار منع سفر بعض المتهمين الأجانب في القضية، الذي أصدرته دائرة المحكمة التي يرأسها، جاء بسبب أن المحكمة التي نظرت الطلبات "لم تكن تملك إلا أن تصدر هذا القرار، دون أي سلطة تقديرية في إصدار غيره."
وأضاف عبد الباري أن أوراق القضية تضمنت خطاب وزارة الخارجية المصرية، والذي أفاد بأن المنظمات التابع لها مقدمي طلب رفع السفر، تمارس نشاطها منذ أمد بعيد، وسبق وأن تقدمت بطلب لإنشاء أفرع لها ما بين عامي 2005 و2006، وآخرها عام 2011، وشاركت في مراقبة الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتزامها الكامل بأحكام القانون المصري، وأن هذه الطلبات قيد الدراسة.
كما أوضح أن الأوراق تضمنت أيضاً كتاب السفارة الأمريكية بالقاهرة، يفيد بأن السفارة تتعهد باستلام كافة الإعلانات والمستندات، التي تتلقاها من المحكمة، وإبلاغها للمتهمين عن طريق الجهات الأمريكية، تنفيذاً لمعاهدة المساعدة القانونية المتبادلة بين مصر وأمريكا، علاوة على تعهد المتهمين مقدمي الطلبات بإقرارات كتابية موقعة من كل منهم على حدة، بالمثول أمام المحكمة المختصة التي تنظر القضية في أي وقت.