دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قال وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور، إن مصر في مفترق طرق، ولا بد من الوصول إلى اتفاق لبناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة، واستبعد أن يصل المد الديني إلى قطاع السياحة، معتبراً أن "ركائزه أقوى من أن يتدخل فيها أي مسؤول"، مهما كانت اتجاهاته السياسية أو الأيديولوجية.
وأشار الوزير المصري، في حديث خاص لموقع CNN بالعربية، إلى أن استمرار الإعلام في التركيز على ما يدور من حراك سياسي في مصر، وتجاهل الإيجابيات، من شأنه الإضرار بالسياحة المصرية، وأكد أنه لا يمكن حصر الواقع السياحي المصري في الحركة التي يشهدها ميدان التحرير بين فترة وأخرى، وأن مختلف بقاع مصر، سواء السياحية أو غير السياحية، "تنعم بالأمن والأمان."
وأعرب عبد النور عن أسفة لما يحدث من تصعيد لقضية توقيف أجهزة الأمن السعودية للمحامي المصري الشاب، أحمد الجيزاوي، قائلاً: "أسفتُ كثيراً لما بدر من قلة ضئيلة من المواطنين المصريين أمام السفارة السعودية بالقاهرة، فهذه الأحداث غير مقبولة شكلاً وموضوعاً، ولا تعبر عن موقف رسمي مصري، وشدد على أن العلاقات المصرية السعودية، حكومة وشعباً، عميقة وأزلية، ولا تهزها مثل هذه الأحداث الضيقة، التي لا تعبر عما يكنه الشعب المصري تجاه أشقائه السعوديين."
وحول تأثير صعود الإسلاميين إلى السلطة على السياحة في مصر، قال: "التصريحات التي تصدر من حين لآخر حول السياحة الحرام، والسياحة الحلال، تصدر من أشخاص في أماكن غير مسؤولة، لذا حرصت أن يصدر رئيس مجلس الشعب، بياناً يؤكد فيه أهمية السياحة لمصر، وأن مجلس الشعب بأغلبيته الإسلامية، يحترم حرية السائح وأمنه في إطار النظام العام."
وأضاف: "قطاع السياحة المصري من القوة والأهمية الاقتصادية، التي تمنع أي مسؤول مهما كانت انتماءاته الدينية المتشددة، أن يتخذ قرارات تضر به؛ فالسياحة تمثل أكثر من 11 في المائة من الناتج المحلي المصري، والمصدر الثاني للعملات الأجنبية في الاقتصاد المصري، إضافة إلى أن عدد العاملين في هذا القطاع يتجاوز الأربعة ملايين فرد، أي ما يمثل 1 من كل 6.5 للقوى العاملة المصرية."
وتحدث عبد النور عن خطر استمرار المشكلات السياسية في مصر، قائلاً: "مصر في مفترق طرق، ويجب الوصول إلى اتفاق واضح، فالهدف من هذا الحراك الشعبي هو بناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة، لكن التحول من الأوتوقراطية إلى الديمقراطية، لابد أن يمر بهذه المرحلة المتوترة، وهذا ما حدث في جميع الدول التي مرت بنفس التجربة، مثل ألمانيا، ودول أوروبا الشرقية، وإندونيسيا."
وأضاف الوزير المصري قائلاً: "أتمنى أن نحسن الاختيار في المرحلة المقبلة، وألا تطول هذه الفترة كثيراً، لأن المشكلات الاقتصادية والبيئية وغيرها متراكمة، وكلما تأخرنا أصبح من الصعب إيجاد الحلول."
وتطرق إلى خسائر قطاع السياحة بقوله: "الخسائر كبيرة، خاصةً وأن عام 2010 شهد ازدهاراً ملحوظاً في السياحة المصرية، ووصلت أعداد السائحين إلى حوالي 14.5 مليون سائح، وحققت دخلاً مالياً يُقدر بـ12.5 مليار دولار، مقارنة بعام 2011 حيث لم يتجاوز عدد السائحين 9.8 مليون، وحققت دخل 8 مليارات دولار فقط، أي خسارة تزيد عن 3.5 مليار دولار."
أما عن التأثير السلبي لهذه الخسائر، فقال: "السياحة صناعة كثيفة العمالة، وخسائرها تؤثر في كافة قطاعات الدولة، وتضر بالدخل القومي، فجميع أفراد الشعب المصري باختلاف طبقاتهم ومستوياتهم العلمية والعملية، يتأثرون بالسياحة، سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، لكن أتوقع عودة الحركة السياحية إلى مصر لسابق عهدها قريباً، لتتماشى مع مستويات السياحة في عام 2010 وأفضل."
وأشار إلى وجود زيادة نسبية في أعداد السائحين هذا العام، قائلاً: "كي لا أبدو متشائماً، فإن عدد السائحين العرب الذين زاروا مصر خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، وصل إلى 843 ألف و834 سائح، مقابل 296 ألف و980 سائح خلال الفترة ذاتها من عام 2011، أي بزيادة نسبتها 62.9 في المائة، في حين بلغ مجموع الليالي السياحية التي قضاها السائحون العرب في مصر، حوالي 7.4 مليون ليلة، مقابل حوالي 4 ملايين ليلية في الربع الأول من العام الماضي، بنسبة زيادة بلغت 84.4 في المائة.
وأشار عبد النور إلى دور الإعلام في رسم صورة سلبية للسائح عن الأوضاع في مصر، قائلاً: "الإعلام يلعب دوراً سلبياً في نقل صورة غير صحيحة عن الأوضاع في مصر، ذلك بالتركيز المكثف على الحراك السياسي والاجتماعي والمظاهرات الدائرة في مصر، وتجاهل للإيجابيات."
وأضاف: "أؤكد أن مسرح هذا المشهد السياسي محصور في بقعة ميدان التحرير وضواحيه، لكن باقي ربوع مصر، تنعم بالأمن والاستقرار، أما ما يحدث من بلطجة وشغب، مجرد أعمال فردية استثنائية يضخمها الإعلام، فنحن تمكنا من الحد من التأثيرات السلبية التي أفرزتها هذه الأوضاع الاستثنائية، وجميع الطرق والمقاصد السياحية آمنة ومستقرة، وجميع المصريين يحرصون على حسن معاملة السياح والاهتمام بهم."