القاهرة، مصر (CNN)-- بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بمصر، والتي فاز بها محمد مرسي، أصبحت العلاقة بين المجلس العسكري وأنصار الرئيس الفائز على المحك، وتواجه أربعة مفاصل خلافية لا خروج منها إلا عبر مفاوضات جادة و حلول أمنة تؤدي إلى تسليم السلطة فعليا للرئيس المنتخب أو استمرار الاحتجاجات بالبلاد.
وتتمثل هذه الخلافات في الإعلان الدستوري المكمل الذي قلص صلاحيات رئيس الجمهورية، وأضاف صلاحيات شبه مطلقة للمجلس العسكري، وموقف مجلس الشعب بعد قرار المحكمة الدستورية بحله، والجمعية التأسيسية للدستور التي سينظر القضاء بها الثلاثاء المقبل، وإعطاء حق الضبطية القضائية لأفراد الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية، حيث تتردد أقاويل من بعض أعضاء حزب الحرية و العدالة بتأدية الرئيس الجديد لليمين بميدان التحرير أو مجلس الشعب المنحل.
فمن جانبها اعتبرت الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح، نجاح مرسي بأنه يوجه رسالة مهمة للمجلس العسكري بأن دوره قد تراجع وعليه العودة إلى ثكناته، مشيرة إلى أن جميع القوى الثورية ستستكمل تظاهراتها ضده حتى يرجع عن حكم البلاد ويترك السلطة كاملة للرئيس المنتخب والحكومة الجديدة.
وقاطعت عبد الفتاح الانتخابات الرئاسية، كونها ترى أن مرسي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي سعت للاستحواذ على السلطة منذ عام ونصف، أما المرشح الخاسر شفيق فكان يمثل النظام البائد.
ووصفت عبد الفتاح في حديثها لـCNN بالعربية، نجاح مرشح الحرية والعدالة بأنه "انتصار للثورة في مواجهة مرشح المجلس العسكري والنظام السابق."
و شددت عبد الفتاح على أهمية توحد جماعة الإخوان المسلمين وجميع القوى السياسية لاستكمال الثورة وإرساء مبدأ المشاركة لا المغالبة، حتى لا تتحول تلك القوى إلى معارضة لها.
وطالبت الناشطة السياسية بضرورة تشكيل مجلس استشاري للحكومة القادمة، وألا تكون الأغلبية فيها لحزب الحرية والعدالة، وأن يكون رئيسها من المستقلين، مشيرة إلى أن القوى الوطنية "ستقوم بمراقبة أداء الرئيس الجديد، فإذا نقض العهد فإن من أسقط (الرئيس السابق حسني) مبارك وشفيق يستطيع إسقاط غيرهم."
من جانبه، وصف القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، حمدي حسن، فوز مرسي بالرئاسة بأنه "يوم تاريخي تم فيه إعلاء إرادة الشعب، حيث لم يحدث طوال تاريخ مصر بان اختار الشعب رئيسه."
وأضاف حسن، أن نجاح مرسي "سيعيد تجميع الصفوف لكل القوى السياسية والشعب المصري لبناء الجمهورية الثانية، خاصة وأن النظام البائد ترك تركة مؤذية وثقيلة."
وشدد حسن في تصريح لموقع CNN بالعربية، على أن الاحتجاجات ستستمر ضد المجلس العسكري إلى حين إيجاد مخرج للإعلان الدستوري المكمل والضبطية القضائية وحكم حل مجلس الشعب، لافتا إلى أن النضال "أصبح على رأسه رئيس منتخب يمكنه دفع الثورة إلى الأمام بعد أن تراجعت."
أما أحمد ماهر، منسق حركة 6 ابريل، فوصف إسقاط شفيق بـ"النجاح للثورة،" مشيرا إلى أن المشوار لا زال طويلا للجبهة الوطنية لاستكمال باقي أهداف الثورة للوصول إلى مرحلة بناء وتطوير الدولة، والوقوف على التشكيل الرئاسي لمرسي.
وطالب ماهر القوى الوطنية بـ"التوحد من أجل انتزاع باقي السلطات من المجلس العسكري، وإلغاء الإعلان الدستوري حتى يتمكن الرئيس الجديد من العمل بسلطات كاملة غير منقوصة."
من جانبه، يتفق الناشط القبطي جون ميلاد، مع من سبقه في أن الرئيس القادم سيعمل دون صلاحيات حيث انتزع المجلس العسكري جميع سلطاته في مقابل توسيع صلاحياته هو، واصفا الانتخابات الرئاسية بأنها "شيء عبثي يشبه تماما انتخابات مجلس الشعب التي تمت دون وجود دستور أو رئيس."
وطالب ميلاد الرئيس الفائز المدعوم من جماعته أن يبرهن للجميع بأنه مرشح الثورة، في أن لا يحلف اليمين لتولي الرئاسة إلا بالحصول على صلاحياته كاملة. وأما إذا استمرت العملية كما هي، فان الإخوان المسلمين سيثبتون أنهم بالفعل لا يختلفون عن النظام القديم، وأنهما وجهان لعملة واحدة، على حد قوله.
أما أحمد خبري، عضو المكتب السياسي لحزب "المصريين الأحرار،" فقال إن مرسي نجح في انتخابات حرة ونزيهة ونتمنى أن يكون رئيسا لكل المصريين وليس لجماعة الأخوان فقط.
وأكد على ضرورة أن يبعث مرسي برسائل مطمئنة لمن انتخب شفيق، 'ذ يمثلون نسبة كبيرة تصل إلى ما يقرب من نصف المشاركين بالانتخابات.
وأضاف المتحدث الرسمي للحزب، أن الشعب والدستور هما الضمانة الحقيقية لمدنية الدولة، إذ أن نصف من صوتوا لمرسي "فعلوا ذلك كرها في شفيق،" مشيرا إلى أن الرئيس الفائز "أمامه فرصة مهمة لإعادة صياغة الجمعية التأسيسية للدستور لتعبر عن كافة أطياف الشعب المصري، ولتحقيق الديمقراطية والمحافظة على المواطنة."
ورأى ميلاد أن الإعلان الدستوري المكمل "لا ينتقص من صلاحيات الرئيس، والتي هي محددة في الإعلان الصادر بمارس/ آذار 2011 في المادة 65،" لافتا إلى أن الإعلان المكمل أعطى فقط صلاحيات واسعة للمجلس العسكري لمعالجة الفراغ في حال الحكم ببطلان الجمعية التأسيسية للدستور.
ونوه إلى إمكانية إيجاد مسار تفاوضي بين الرئيس الفائز والقوى المدنية والعسكرية حول المخاوف والهواجس التي تنتاب كل طرف في هذا الاتجاه، إذ أن على الرئيس الجديد أن "يتبنى موقف المصالحة والتفاوض."
وقال إن حزب "المصريين الأحرار" سيكون له دورا في المعارضة، إذ لم تقوم جماعة الإخوان المسلمين بالوفاء بوعودها، مضيفاً أن ما بدر منهم على مدار عام ونصف "لا ينبئ بأن القادم سيكون أفضل بسبب مبدأ الاستئثار بالسلطة، وان من لم يكن معهم فهو عدو لهم" على حد تعبيره.
أما ثروت باسيلي، عضو المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس، فقال إن موقف الأقباط من الرئيس الفائز مرسي "ستحدده الأيام القادمة وليس الماضية، إذ ننتظر مصر مدنية لا تغير من طبعها، بحيث يحصل جميع الأطياف على حريتهم غير منقوصة."
غير أنه عبر كذلك عن مخاوفه من إقامة دولة دينية بوصول مرشح إسلامي للحكم، "لتصبح مصر أشبه بإيران أو أفغانستان،" لافتا إلى أنه إذا ثبت صحة تلك التخوفات سيؤدي ذلك إلى إثارة القلائل، وأما إذا ثبت أنها مجرد أوهام فسوف تنتهي، ولن يكون هناك مشاكل تذكر.