القاهرة، مصر(CNN) -- ثمة من يرى أن البطريرك القادم للكنيسة القبطية بمصر، والتي ستجري القرعة الهيكلية لاختياره على يد طفل الأحد المقبل، يواجه العديد من التحديات، خاصة تلك التي تتعلق بشكل العلاقة بين الدولة والكنيسة مع صعود الإسلاميين إلى السلطة، وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين.
ويرفض قطاعات كبيرة من الأقباط ما يصفونه بـ"ضغوط تمارسها الدولة على المؤسسات الدينية لتطويعها لصالحها،" الأمر الذي يصعب معه استمرار الحال في ظل مخاوف إقامة ما يسمى بدولة دينية.
كما يطالبون بان تسعى الكنيسة لإصدار قانون يمنع التمييز على أساس ديني.
وحصل كل من الأنبا رافائيل، أسقف عام كنائس وسط القاهرة، والقمص رافائيل أفامينا، الراهب بدير مارمينا، والأنبا تواضروس، أسقف عام البحيرة، على المراكز الثلاثة الأولية، على أن تجرى بينهم القرعة الهيكلية لاختيار البطريرك الـ118، خلفا للبابا شنودة الراحل.
وفي السياق، ورجح رئيس المركز المصري لحقوق الإنسان نجيب جبرائيل، أن تتسم علاقة البابا الجديد بالدولة "بحالة من الحذر والترقب في إطار عدم شعور الأقباط باطمئنان في ظل حكم الإسلاميين، حيث يخشون من إقامة دوله دينية،" مشيرا إلى أن "الدولة عجزت عن تقديم ما يطمئن الأقباط ضد من هدموا الكنائس واعتدوا عليهم،" على حد قوله.
وأضاف جبرائيل في تصريح خاص لموقع CNN بالعربية، أن "المواطنة ستكون خط احمر لدى البطريرك الجديد،" الذي أكد أيضا بأنه لن يختلف كثيرا عن البابا شنودة في عدد من الثوابت، مثل حظر سفر الأقباط إلى القدس، ونصرة القضية الفلسطينية.
وأشار الناشط القبطي إلى ملفات ساخنة بين الأقباط والكنيسة نفسها، خاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، في إشارة إلى قضايا الطلاق، حيث توجد مشاكل كثيرة زادت حدتها حتى وصلت إلى دعاوى في المحاكم ضد الكنيسة نفسها، حيث طالب بعض الأقباط بضرورة وضع مادة في الدستور تنظم هذا الأمر.
وقال جبرائيل: "على الكنيسة أن تسعى لدى الجهات المختصة، لإصدار قانون عدم التمييز على أساس ديني، و أيضا إصدار قانون للمجلس الملي للإسهام في عملها، واستحداث منصب متحدث سياسي باسم المكتب البابوي، مما يحول دون جعل البابا منعزلا عن الأقباط والدولة والشعب، على ألا يلعب البابا الجديد أي دور سياسي."
من جهته، قال القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة العذراء بالمطرية، إن "البطريرك الجديد للكنيسة القبطية لن يستريح على الكرسي البابوي، وعليه أن يتحلى بحكمة عالية في التعامل مع الملفات الشائكة، خاصة ما يحدث ضد الأقباط من بعض المتشددين المنتمين لتيارات دينية بالقرى والمحافظات."
وذكر القمص بسيط أن نسبة كبيرة من أولئك المنتمين لتيارات دينية يعتقدون بان البلد أصبحت بلدهم هم فقط بفوز الرئيس محمد مرسي بالرئاسة، وذلك رغم العلاقة الجيدة التي تربط اغلب المسلمين بالأقباط.
وطالب بسيط الدولة بمساعدة البابا الجديد في حل مشاكل الأقباط، وذلك" بتغليب سيادة القانون بعيدا عن الجلسات العرفية والسياسية ومراضاة المتشددين من الإسلاميين على حساب المسيحيين."
وتابع باقول: بعض المتشددين ومن حولهم من مؤيديين يقومون بمعاقبة جميع الأقباط بالقرى على أي مشكلة فردية تنشأ بين مسلم ومسيحي، ولا يؤمنون بالحوار، حيث يقومون برفع دعاوى خاصة بازدراء الأديان، ومنع الأقباط من الوصول إلى كنائسهم بالقرى، كما تصل في بعض الأحيان إلى الهدم."
من جهته، قال مينا ثابت عضو مؤسس باتحاد ماسبيرو، إن "اكبر التحديات التي تواجه البطريرك الجديد، هو كيفية إخراج نفسه من المعادلة السياسية دون أن يدخل نفسه في صدام مع الدولة، في أعقاب سيطرة تيار له مرجعية دينية على حكم البلاد."
وأشار الناشط القبطي في تصريح لـCNN بالعربية، إلى وجود مخاوف لدى الأقباط من ما يسم بـ"إقامة دولة دينية،" وأيضا "تعامل المؤسسات الدينية مع الدولة مثل الأزهر والكنيسة، حيث يوجد جيل جديد من المسيحيين يرفضون تعامل الدولة مع الكنيسة والضغط عليها لتطويعها لصالحها."
ولفت ثابت إلى محاولة جماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى السلطة عام 1954، إضافة إلى محاولة مماثلة لتيارات متشددة بعد مقتل الرئيس السادات عام 1981، موضحا أنه لم تكن لتحين الفرصة للإسلاميين على مدار 60 عام حيث كانت قبضة الجيش قوية في إحكام سيطرته على مقاليد البلاد.
وأضاف ثابت: "وبعد ثورة 25 من يناير، وانهيار مؤسسات الدولة التي تمثلت أكثر في وزارة الداخلية بآخر سنوات حكم مبارك، أصبحت التيارات الإسلامية تتمتع بسطوى اكبر وأعلى للوصول للسلطة."
واعتبر ثابت ان كل ما يحدث من "اضطهاد وحوادث ضد الأقباط" هي مجرد تبعات لإقامة دولة دينية، على حد قوله.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.