دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أبدت مجموعة من السعوديات فرحتهن بشأن قرار المملكة العربية السعودية، السماح بمشاركة المتسابقات والرياضيات الإناث في الألعاب الأولمبية 2012، واعتبرن القرار - رغم تأخره - بمثابة خطوة مهمة على طريق حصول المرأة السعودية على مزيد من الحقوق، فيما اعتبرت أخريات أن القرار لا يزال غير رسمي ومجرد "تلميع دولي فقط،" لحين صدور مرسوم ملكي.
وفي هذا السياق قالت الدكتورة هتون أجواد الفاسي، أستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود: "رغم تأخر صدور القرار إلا أن له مدلولا مهما، خاصة أنه صدر قبل أن تُحرم السعودية من المشاركة في الأولمبياد، ولولا هذا القرار لجمدت لجنة الأولمبياد عضوية المملكة السعودية، إلا أنه هناك تحديات على مستوى الزي الرياضي للنساء، وستكون هناك ألعاب مرفوضة، مثل السباحة وغيرها."
وأضافت: "أمل أن نرى ثمار القرار على أرض الواقع، وأن يترتب عليه خطوات إيجابية تصب في مصلحة المرأة، التي حرمت حق ممارسة الرياضة، وأتمنى أن يرفع الحظر عن الرياضة، وأن تمارسها السعوديات دون حرج أو ذنب، فالرياضة محظورة في المدارس الحكومية، وتقتصر على المدارس الخاصة باهظة المصروفات، وبذلك تكون مقتصرة على الأغنياء."
وكشفت الفاسي عن وجود فرق رياضية نسائية، تم تشكيلها سراً بالجهود الذاتية بين مدينتي جدة والرياض، في كرة القدم والسلة، وتعقد مسابقات رياضية فيما بينها، وتتدرب بعيداً عن الضوء أو لفت أنظار الإعلام إليها، مضيفة: "اللاعبات يمارسن الرياضة بشكل غير رسمي حتى لا يتعرضن للمشاكل."
وأضافت: "القرار بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الإفراج عن مزيد من الحقوق النسائية، قد تصل يوماً إلى حق قيادة السيارات وإنهاء حق الولاية، فربما لا يوجد ارتباط واضح بين هذه الحقوق، إلا أنها جميعاً خطوات متتالية ستصل بنا إلى ما نصبوا إليه."
وأعادت الفاسي الفضل في هذا القرار إلى الضغط الدولي على المملكة السعودية قائلة: "الفضل في صدور القرار يعود إلى الضغط والانتقادات الدولية المتزايدة ضد السعودية، ما جعل المملكة تحاول تجنب مزيد من الحرج الدولي، الذي قد يقع عليها جراء عدم مشاركة المرأة بشكل رسمي في الأولمبياد، لكننا في الوقت ذاته لا نريد أن تستغل المرأة كوسيلة للتلميع الدولي فقط دون تغيير واقعي."
وربطت بين وفاة ولي العهد الراحل، الأمير نايف بن عبدالعزيز، وصدور القرار قائلة:"من المعروف أن الأمير نايف رحمه الله، كان يميل إلى الاستجابة لمطالب التيار المتشدد، خاصة فيما يتعلق بملف المرأة، وربما الفراغ الذي تركه له تأثير في اتخاذ هذا القرار."
أما سمر بدوي، الناشطة الحقوقية الحاصلة على جائزة "أشجع نساء العالم" فكان لها رأي مختلف وقالت: "القرار لازال حتى الآن متخبطاً، ولم يصرح به بمرسوم ملكي عن خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله، حتى تتشجع الرياضيات السعوديات على المشاركة في الأولمبياد، فأنا أعرف فتيات مؤهلات للمشاركة في رياضة الكاراتيه والفروسية، لكنهن لا يتجرأن على المشاركة، لأن هذا القرار غير رسمي حتى الآن، ومجرد كلام لتلميع المملكة ولإثبات أن المرأة السعودية غير مهمشة ولا تواجه التمييز."
وأضافت: "بسبب هذه السياسات والقرارات المتعنتة ضد المرأة والتلميع الساذج غير المطبق فعلياً، أصبحنا مضحكة العالم، لكن في حال شاركت المرأة السعودية بالفعل في الأولمبياد، فهذا اعتراف واضح وصريح، بإنسانيتها وبالتالي سنتوقع أن تتاح المزيد من الحقوق، وأتمنى أن يكون القرار صادقا هذه المرة ويتم تفعيله وتطبيقه بصورة إيجابية."
وأشارت بدوي إلى التحرك النسائي في المملكة قائلة:"خلال السنوات الثلاث الماضية شهدت المملكة حركات نسائية عديدة لم تشهدها من قبل للمطالبة بالحقوق، وعدم الانصياع للأوامر القمعية الموجودة بالمملكة المتعلقة بالتمييز والتهميش ضد المرأة، ولنا مطالب عديدة وبدأنا نأخذها تدريجياً، كما أن الثورات العربية أثرت علينا بصورة إيجابية، وجعلتنا نخرج عن صمتنا، وستبقى المطالب والضغوطات مستمرة لحين أخذ كافة حقوقنا."
وفي إطار متصل، قالت الناشطة في مجال حقوق المرأة السعودية، مديحة العجروش: "هذا القرار خطوة صائبة وضرورية في طريق حصول المرأة السعودية على مزيد من الحريات، فمن الضروري مشاركة السعوديات في المسابقات الرياضية الدولية، وأن ترفع المرأة اسم بلادها ليس بصفتها الشخصية فقط."
واستطردت: "ربما جاءت هذه الخطوة متأخرة، وقبل أسابيع قليلة من بدأ المسابقات، إلا أنها خطوة تفتح المجال أمام السعوديات للتدريب والاستعداد للمشاركة في المسابقات الدولية الأخرى، وبدء مرحلة جديدة في المجال الرياضي الرسمي."
ولفتت العجروشي إلى ضرورة دعم الدولة للرياضة النسائية بصورة رسمية مثل باقي الدول، وأن تعمل الحكومة فوراً على تأسيس أندية رياضية نسائية، وتعميم الرياضة النسائية في مدارس الحكومية والخاصة.
وأكدت أن الضغط الدولي لعب دوراً كبيراً في صدور هذا القرار قائلة:" المملكة السعودية في الفترة الماضية باتت تستجيب إلى الضغوطات الدولية، وأن مثل هذه القرارات تصب بصورة إيجابية في مصلحة المرأة السعودية."
ومن جانبه قال الإعلامي السعودي جمال خاشقجي: "السعودية لا تفضل الانعزال عن العالم الدولي، وأي قرار يؤدي إلى عزلتها يُعاد النظر فيه، لأنها لا تريد الابتعاد عن المعطيات الدولية، لكنها في الوقت ذاته تعالج هذه القضايا بالحكمة حتى لا يحدث صدام اجتماعي داخل المجتمع السعودي. والمرأة السعودية فرضت نفسها في كافة مجالات الحياة وليس في المجال الرياضي فقط، وهذا القرار مجرد تطور طبيعي للتاريخ."
وأشار إلى التحفظات التي تحيط برياضة المرأة قائلاً: "بالتأكيد هناك تحفظات من المتشددين بشأن ممارسة المرأة للرياضة، وهذا أمر طبيعي في بلد يعتمد الإسلام منهج حياة، لكن هناك عدة تعريفات للإسلام وليس بالضرورة أن نقف عند التعريف الضيق." وبشأن مدلول هذا القرار قال خاشقجي:"القرار رغم تأخره إلا أنه يعطي مؤشرات لحصول المرأة على مزيد من الحريات والحقوق، أنها ستنال ما تريده تدريجياً."
وعن تأخر القرار وعدم إيجاد رياضيات سعوديات مستعدات للمشاركة في الأولمبياد قال: "أن يصدر القرار متأخراً أفضل من عدم صدوره، والطبع توجد صعوبات بشأن إيجاد فتيات يشاركن في الأولمبياد، لأن الفتاة السعودية لا تمارس الرياضة في المدارس أو الأندية بصورة رسمية."
وحول التخوف من عدم التنفيذ الفعلي للقرار قال خاشقجي: "لا داعي للقلق فقد أعلن وزير التربية والتعليم تعميم الرياضة النسائية في المدارس الحكومية والخاصة والتوسع في هذا المجال."
واستبعد خاشقجي أن تكون لوفاة ولاية العهد دور في هذا القرار، لان جميع القرارات الكبيرة في المملكة السعودية تخرج بشكل متكاتف وليس بصورة فردية.