عمان، الأردن (CNN)-- رفعت الحكومة الأردنية أسعار المشتقات النفطية ليل الثلاثاء، بنسبة تتراوح بين 14 و54 في المائة، بحسب مراقبين، وسط أجواء من الاحتقان الشعبي والتوتر، ساد الأوساط الشعبية والسياسية منذ أسابيع، في انتظار قرار أثار، في السابق، موجة احتجاجات عارمة.
جاء القرار، الذي اتخذه مجلس الوزراء الأردني، عقب أسابيع من التمهيد والتحركات الماراثونية، التي قادها رئيس الحكومة عبد الله النسور، لامتصاص غضب الشارع والقوى السياسية والشعبية والإعلامية، تزامناً مع التحضير لانتخابات نيابية مفصلية مطلع العام المقبل.
وحذر خبراء اقتصاد ومراقبين من قرار رفع أسعار المحروقات، الذي شغل أحاديث وسائل الإعلام المحلية، وسط توقعات بحدوث ردود فعل احتجاجية عنيفة، على غرار احتجاجات جنوب الأردن أواخر 1989.
واشتمل قرار الرفع على جميع المشتقات النفطية ذات الاستهلاك واسع النطاق، بما فيها البنزين العادي، وكذلك مواد السولار، والكاز (الكيروسين)، والغاز.
ويعتبر القرار تنفيذاً لاتفاق وقعته الحكومة السابقة مع صندوق النقد الدولي، حيث ستشهد البلاد بموجب هذا الاتفاق، وعلى مدى العامين المقبلين، سلسلة أخرى من القرارات، لتحرير الأسعار، التزاماً بشروط صندوق النقد، للحصول على مليار دولار كتسهيلات.
وأعلنت القوى عن تنفيذ اعتصام مفتوح ليل الثلاثاء، وسط تواجد أمني كثيف، بحسب رصد CNN بالعربية، فيما خرج المئات من المحتجين، بحسب ناشطين، في "لواء ذيبان"، بمحافظة" مادبا"، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً عن عمان، وهي المنطقة التي انطلقت منها شرارة الحراك الشعبي، قبل ما يزيد عن عامين ونصف.
وفي الأثناء، اعتبر الأمين العام السابق لحركة اليسار الاجتماعي، الدكتور خالد كلالدة، أن قرار رفع أسعار المحروقات ليس من "بطولات حكومة" النسور، بحسب وصفه لإنقاذ الخزينة، مذّكراً بأنها نتيجة الالتزام بوثيقة سرية وقعت بين حكومة فايز الطراونة السابقة، وصندوق النقد.
ورجح الكلالدة "حدوث انفجارات شعبية" نتيجة القرارات، قائلاً إن وعود الحكومة بتعويض الأسر التي لا يزيد دخلها السنوي عن 10 آلاف دينار أردني، أي نحو 7 آلاف دولار، هي "وعود زائفة"، في الوقت الذي يتقاضى فيه نحو 83 في المائة من الأردنيين، ما لا يتجاوز 300 دينار شهرياً.
ورأى الكلالدة، في تصريح لـCNN بالعربية، أن الحكومة لجأت إلى رفع أسعار المحروقات لسد عجز متزايد في الموازنة، مشيراً إلى أن البدائل الأهم تتجنبها الحكومات، كمعالجة التهرب الضريبي، وإقرار الضريبة التصاعدية، ووقف الهدر في النفقات العامة، معتبراً أن تلك الإجراءات تمس "الشرائح النخبوبة" في البلاد، ما يدفع الحكومة لتجنبها دوماً.
أما بشأن تهديد العملة المحلية، التي لوح بها النسور، أشار الكلالدة إلى أن تلك "تبريرات مضللة للرأي العام"، حيث يرتبط ثبات العملة المحلية، بقيمة سلة العملات الأجنبية في البنك المركزي، مؤكداً أنها ما تزال تحافظ على حدود آمنة نسبياً.
ولفت النسور، خلال تصريحاته الثلاثاء، إلى أن عجز الموازنة العامة سيصل إلى خمسة مليارات دينار مع نهاية العام الجاري، فيما قلل الصحفي يوسف ضمرة، من تلك الأرقام، مرجحاً أن لا تتجاوز حاجز ملياري دينار، على أبعد تقدير، بحسب قوله.
وأوضح ضمرة، لـCNN بالعربية، أن دفعة قرارات الرفع هذه، هي الأعلى، حث تراوحت بين 14 و54 في المائة، فما أشار إلى أن قرار رفع أسعار الكهرباء، سيتخذ مطلع العام الجاري.
إلى ذلك، حذر الخبير والمحلل الاقتصادي، الدكتور يوسف منصور، من مغبة حزمة القرارات، قائلاً إن صناع القرار لم يستجيبوا لدعوات الاقتصاديين وتحذيراتهم، مشيراً إلى أن "غلاءً فاحشا سيضرب جميع القطاعات"، خاصةً قطاع النقل.
يُذكر أن العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، كان قد أوعز للحكومة بتجميد قرارات رفع الأسعار مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد موجة احتجاجات غير مسبوقة، وهو القرار الذي تراجعت عنه حكومة الطراونة آنذاك.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.