الرياض، المملكة العربية السعودية (CNN) -- قررت السعودية استدعاء سفيرها في مصر للتشاور، وكذلك إغلاق سفارتها وقنصلياتها في البلاد، وذلك احتجاجاً على المظاهرات التي خرجت طوال الأيام الماضية أمامها على خلفية قضية توقيف أحد المحامين المصريين بتهمة تهريب أقراص محظورة، الأمر الذي اعتبرته الرياض "انتهاكاً لسيادة" بعثاتها الدبلوماسية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مصدر مسؤول لم تكشف هويته قوله إنه "نتيجة للمظاهرات والاحتجاجات غير المبررة التي حدثت أمام بعثات المملكة في جمهورية مصر العربية ومحاولات اقتحامها وتهديد أمن وسلامة منسوبيها من الجنسيتين السعودية والمصرية. بما في ذلك رفع الشعارات المعادية وانتهاك حرمة وسيادة البعثات الدبلوماسية وبشكل مناف لكل الأعراف والقوانين الدولية."
وأضافت: "ونتيجة لمحاولة المظاهرات تعطيل عمل السفارة والقنصلية عن القيام بواجباتها الدبلوماسية والقنصلية ومن بينها تسهيل سفر العمالة المصرية والمعتمرين والزائرين إلى المملكة، قررت حكومة المملكة العربية السعودية استدعاء سفيرها للتشاور وإغلاق سفارتها في القاهرة وقنصلياتها في كل من الإسكندرية والسويس."
من جانبها، نقلت وكالة الأنباء المصرية أن المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أجرى اتصالات بالسلطات السعودية "للعمل على رأب الصدع نتيجة القرار المفاجئ من جانب الحكومة السعودية باستدعاء سفيرها لدى مصر للتشاور وإغلاق سفارتها في القاهرة وقنصليتيها."
ولفتت الوكالة إلى أن طنطاوي تبلغ بالقرار السعودي عبر اتصال هاتفي من وزير الخارجية، محمد كامل عمرو، تلقاه خلال لقائه مع رؤساء الأحزاب والقوى السياسية والشخصيات المعنية بتشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، فقام المشير بإجراء الاتصال بالسلطات السعودية "للعمل على احتواء الموقف في ضوء العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين."
وذكرت الوكالة السعودية أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود تلقى اتصالا هاتفيا من طنطاوي "تطرق فيه للعلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية آملاً أن تعيد المملكة النظر في قرارها باستدعاء سفيرها لدى جمهورية مصر العربية للتشاور وإغلاق سفارتها في القاهرة وقنصلياتها في كل من الإسكندرية والسويس."
وأضافت الوكالة أن العاهل السعودي أجاب طنطاوي بأنه "سينظر في هذا الأمر خلال الأيام المقبلة وفقاً للظروف ومصلحة البلدين التي تنبع من تاريخ طويل في العلاقات الودية بين البلدين الشقيقين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية."
من جهتها، أصدرت الحكومة المصرية بياناً أعربت فيه عن "أسفها للحوادث الفردية التي صدرت عن بعض المواطنين ضد سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة بالقاهرة،" معتبرة أنها "لا تعبر إلا عن رأي من قاموا بها،" مكررة "استنكارها هذه التصرفات غير المسؤولة وغير المحسوبة التي تسيء إلى العلاقات المصرية السعودية العميقة الجذور عبر التاريخ."
وقال مصدر مسؤول بمجلس الوزراء إن مصر حكومة وشعباً "تكن كل التقدير والحب للشعب السعودي الشقيق وحكمة المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين."
وكانت الاعتصامات أمام السفارة السعودية في القاهرة قد بدأت بشكل مكثف منذ أيام، بعد شيوع نبأ توقيف المحامي المصري أحمد الجيزاوي، الذي قالت السلطات السعودية إنها وجدت بحوزته آلاف الأقراص من مادة "كزانكس" التي يمنع تداولها أو تعاطيها بغير وصفة طبية، لدى محاولته دخول أراضيها عبر مطار جدة منتصف الشهر الجاري.
غير أن بعض الناشطين المصريين والقوى السياسية المحلية قاموا بتنفيذ سلسلة احتجاجات واعتصامات أمام المراكز الدبلوماسية السعودية، متهمين الرياض بتوقيف الجيزاوي بموجب حكم قضائي سابق صادر بحقه غيابياً على خلفية انتقاده للرياض ورفع دعاوى قضائية ضدها بمصر بسبب قضايا تتعلق بتوقيف مصريين بالسعودية بقضايا مختلفة، وهو ما نفته الرياض تماما.
ونقل موقع التلفزيون المصري عن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن المظاهرات استمرت الجمعة، إذ تظاهر العشرات أمام السفارة السعودية بالقاهرة للمطالبة بالإفراج عن الجيزاوي، فيما عززت قوات الأمن من تواجدها حول مقر السفارة.
وبحسب الوكالة، فقد رفع المتظاهرون شعارات ورددوا هتافات داعمة للجيزاوي "فيما منعت قوات الأمن بعض النشطاء من الوصول لسور السفارة لتعليق بعض الملصقات عليها."
كما خرجت مسيرة أخرى شارك فيها عدد من مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين وأنصار المرشح السلفي المستبعد، حازم صلاح أبو إسماعيل، نحو مقر وزارة الخارجية المصرية للمطالبة بالتدخل للإفراج عن الجيزاوي "والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين في السجون السعودية ومنحهم الحق في محاكمة علنية وعادلة" بحسب الوكالة.
وكانت السلطات السعودية قد قالت إنها عثرت على آلاف الأقراص بحوزة الجيزاوي، مخبأة في عبوات حليب وعلبة يوضع فيها القرآن، غير أن مصادر أمنية بمطار القاهرة الدولي الذي غادره المحامي المصري متوجهاً إلى جدة رفض ضمناً هذا النبأ، مشيراً إلى أن ذلك "يتنافى مع الإجراءات التفتيشية بمطار القاهرة."