دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تواصل السلطات الإماراتية عمليات إلقاء القبض على نشطاء على خلفيات أمنية وسياسية، وفقا لمنظمات حقوقية دولية، في الوقت الذي يؤكد فيه مصدر رسمي مطلع بأنهم "أوقفوا بهدف التحقيق معهم، ولم توجه لهم أي اتهامات بعد."
ونشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، ومقرها نيويورك، قائمة تحوي أسماء 50 شخصا، قالت إن السلطات في الإمارات تحتجزهم منذ أشهر، مطالبة الإمارات بالإفراج الفوري عنهم.
وقال بيان للمنظمة المعنية بحقوق الإنسان صدر مطلع الشهر الجاري، إن "على مسؤولي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة دعوة الإمارات إلى الإفراج دون شروط عن عشرات المُعارضين السلميين.. يجري احتجاز هؤلاء الأفراد لمجرد تعبيرهم عن آراء تنتقد حكومة الإمارات أو للارتباط بمجموعات المعارضة السلمية."
وأشارت المنظمة إلى أنه "منذ 16 يوليو/تموز 2012، قامت سلطات الإمارات باحتجاز 36 من نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان" لافتة إلى أن "جهة احتجاز 38 من المعتقلين غير معلومة حتى الآن."
من جانبه، أكد ناشط إماراتي لـCNN بالعربية بأن عدد الموقوفين بلغ 50 شخصا حتى نهاية يوليو/تموز الماضي، قائلا: "بينهم شخصيات بارزة، مثل الشيخ سلطان بن كايد القاسمي، المحتجز في رأس الخيمة، والمحامي والحقوقي محمد الركن، والمحامي سالم الشحي."
وأضاف الناشط، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن الأسبوع الماضي "شهد إلقاء القبض على ثمانية نشطاء، هم خالد اليماحي، وسيف محمد العطر، وأحمد السويدي، وحسان محمد الحمادي، ونجيب الأميري، وبدر الحمادي، وأحمد سيف المطري، وفؤاد الحمادي."
ولم تتمكن CNN بالعربية من التأكد من أعداد الموقوفين لدى السلطات الإماراتية، حتى ساعة نشر التقرير.
ورغم مطالبات المنظمات الدولية والنشطاء للإفراج عن الموقوفين، قللت الإمارات العربية من أهمية الأمر، وقالت إنها تأتي في إطار "محافظة الدولة على أبنائها،" وفقا لما أكده كل من حاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، وحاكم الفجيرة، الشيخ حمد بن محمد الشرقي، الأسبوع الماضي.
وقال القاسمي، وهو عضو في المجلس الأعلى لحكام الإمارات السبع، الخميس الماضي، إن "الإجراءات التي اتخذتها الدولة لوقف المخربين الذين تم توقيفهم أثناء هروبهم من المطارات والمعابر الحدودية لتأسيس تنظيم خارجي، وسجنهم، جاءت للعلاج وليس للتصعيد.. وحفاظا على أبناء الدولة."
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن حاكم الشارقة قوله: "أدعو أهالي الموقوفين بأن يربطوا على قلوبهم ويصبروا، ولتعذرنا كل أم تم توقيف ابنها، ولتعلم أن ولدها عزيز علينا وجزء منا ونتمنى له الهداية، وأن الإجراء الذي اتخذ ليس عقابا وإنما علاج للشخص المخطئ."
وتعهد حاكم الشارقة، الذي ينتمي إلى إمارته عدد كبير من الموقوفين، بالوصول إلى حلول، لكنه لم يذكر أي تفاصيل بشأنها، قبل عيد الفطر (بين 19 إلى 20 أغسطس/آب الجاري)، وقال: "إن شاء الله لن يمر هذا العيد إلا وستكون كل الأمور بخير."
من جانبه، قال الشيخ حمد بن محمد الشرقي، وهو عضو في المجلس الأعلى لحكام الإمارات، حاكم الفجيرة، الجمعة، إن المجموعة خرجت "بمنهج منحرف وأفكار ضالة سعيا إلى فرقة الكلمة وشق الصفوف بحجج واهية واتهامات باطلة لا وجود لها إلا في عقولهم مدفوعين بمصالح شخصية ومستلبين لأجندات خارجية."
وأضاف حاكم الفجيرة في تصريح لوكالة أنباء الإمارات، "إن مثل هذه الفئة الناكرة للجميل ولوطن قدم لأبنائه كل ما يحقق الرفعة والكرامة والحرية والحياة الكريمة ليس مقصدهم الإصلاح، كما يدعون، وإنما الإفساد في الأرض ونقل أمراض المجتمعات الأخرى وأزماتها إليه."
وتابع أنه لذلك وجب "أن نكشفهم ونظهر زيفهم وأن نقف معا ضد كل من يريد المساس بأمن البلاد وأمان العباد. فلن تنطلي على شعبنا الواعي أفكارهم البائسة ولا تخريفاتهم الضالة، فالشعب بنيان مرصوص يشد بعضه بعضا، ولا يرضى عن وطنه وقيادته بديلا ويفديهما بالمهج والأرواح ويبذل في سبيلهما الغالي والنفيس."
إلا أن النيابة العامة الإماراتية، قالت في بيان الأحد الماضي، إن أعضاء "التنظيم" الذين ألقي القبض عليهم الشهر الماضي، "اعترفوا بارتباطهم بتنظيمات وأحزاب ومنظمات خارجية مشبوهة، ووجود مخططات تمس أمن الدولة."
وكانت السلطات الإماراتية أعلنت الشهر الماضي ضبط "تنظيم يهدف إلى ارتكاب جرائم تمس أمن الدولة ومناهضة الدستور يتبع تنظيمات خارجية."
ولم تتمكن شبكة CNN من الاتصال بشكل مباشر مع الموقوفين للتأكد من الاتهامات الواردة ضدهم.
إلا أن بعض أهالي الموقوفين عبروا في اتصالات أجراها موقع CNN بالعربية عن أملهم في الإفراج عن ذويهم قريبا، ومؤكدين بأنهم "يعملون من أجل الوطن،" على حد قولهم.
فقد قالت أسماء الصديق، التي ألقت السلطات القبض على اثنين من عائلتها، في اتصال مع CNN بالعربية: "ألقي القبض على والدي، محمد الصديق، منذ 5 شهور، وزوجي عمران الرضوان، منذ نحو 3 أسابيع.. على يد رجال بملابس مدنية."
وأضافت الصديق، أنها لا تملك "أي معلومات عن أماكن تواجد زوجها ووالدها،" مشيرة إلى أن مصدرها الوحيد لمتابعة أخبار الموقوفين هو موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي.
وشرحت الصديق صعوبة أوضاع عائلتها بعد إيقاف زوجها ووالدها، وقالت إن "الوضع صعب جدا خصوصا في شهر رمضان،" متسائلة: "ماذا فعلوا؟"
من جهته، قال الشيخ عبدالله القاسمي نجل الشيخ سطان بن كايد القاسمي، رئيس دعوة الإصلاح التي تتهمها السلطات بالارتباط بتنظيم الإخوان المسلمين، إنه لا يملك حتى الآن معلومات عن والده الذي قال إنه "محتجز في قصر حاكم رأس الخيمة منذ نحو شهرين."
وأضاف في حديثه مع CNN بالعربية: "لا توجد معلومات لدي،.. ونأمل أن تتغير الأحوال إن شاء الله قبل العيد،" مؤكدا أن والده "لا علاقة له،" بما ينسب إليه، على حد قوله.
أما سعيد النعيمي، وهو شقيق أحد الموقوفين، ويدعى خليفة النعيمي، فقال إنه لا يملك أيضا معلومات عن ظروف إيقاف شقيقه، مؤكدا أنه "طلب مقابلة النائب العام لكن هذا الأخير رفض مقابلتنا."
وأضاف قائلا: "أخي خليفة رجل نظيف.. ويعمل من أجل خدمة الوطن.. نحن متأكدون من أنه لم فعل أي خطأ."
وخطت الإمارات خلال الأعوام الماضية خطوات نحو الإصلاح السياسي، تمثلت في إقرار انتخابات جزئية لنصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، وهو يشبه البرلمان، لكن دون صلاحيات تشريعية، غير أن نشطاء يطالبون بالمزيد من الإصلاحات.
ولا يوجد في دولة الإمارات العربية المتحدة تنظيمات سياسية وحزبية مرخصة، ويقتصر العمل العام على جمعيات ترخصها وتمولها الحكومة الاتحادية.