القاهرة، مصر (CNN)-- تستمر التحقيقات المصرية للكشف عن مدبري الهجوم الذي استهدف عدة حواجز أمنية للقوات المسلحة بعد قيام مجموعة مجهولة بشن عملية ضد نقطة "الماسورة" الحدودية برفح أسفرت عن مصرع 16 جنديا، إذ تبادلت الأطراف المصرية التهم حول التقصير، وحمّل البعض إسرائيل المسؤولية، بينما رأى البعض الآخر أن اللوم يقع على الرئاسة المصرية وجماعة الإخوان المسلمين.
وتباينت الآراء حول الحادث، فقد استبعدت مصادر تحدثت لـCNN بالعربية ، تورط إسرائيل بالضلوع في الهجوم وحمّلت المسؤولية لعناصر "تكفيرية وجهادية" وأيضا للرئيس محمد مرسي، بسبب فتح المعابر و الإفراج عن متشددين، فإن البعض الآخر اتهم الدولة العبرية بأنها هي التي "حركت العناصر المتطرفة لمصالح لديها."
ويأتي ذلك بينما قامت قوات وطائرات مصرية بقتل 20 متشددا، وقالت القيادة العامة لقيادة القوات المسلحة في بيان بشأن عمليات تجفيف البؤر الإرهابية في بشمال سيناء " قامت القوات المسلحة ووزارة الداخلية تعاونها طائرات القوات الجوية تقوم بتنفيذ خطة استعادة الاستقرار والسيطرة الأمنية في ملاحقة واستهداف العناصر الإرهابية والمسلحة في سيناء."
وأوضحت في بيانها أنها "تمكنت من تنفيذ المهام وستستمر القوات المسلحة باستكمال تنفيذ المخطط، وتناشد القوات المسلحة قبائل وأهالي سيناء التعاون لاستعادة الحالة الأمنية."
وقال الخبير الاستراتيجي، سامح سيف اليزل، إن عددا من شهود العيان بالتحقيقات قالوا إنهم شاهدوا إسلاميين ملتحين كانوا يكبّرون ويدعون للجهاد خلال تنفيذ الهجوم، كما أفادوا أن وجوه ولهجة المنفذين الآخرين كانت فلسطينية.
وأضاف الخبير العسكري إن إحدى الجثث التي تم استلامها من الجانب الإسرائيلي كانت بحالة جيدة، ويتم حاليا أخذ عينات الحمض النووي "دي ان ايه" منها، غير أن بقية الجثث كانت مشوهة، وسيتم أيضا اخذ الحمض النووي منها في محاولة للوصول إلى حقيقة شخصيات المنفذين.
وأشار سيف اليزل إلى أن القوات المسلحة في سيناء تطارد حاليا أحد منفذي الهجوم الذي هرب إلى داخل الحدود المصرية أثناء مطاردة الجانب الإسرائيلي له، لاسيما أن القبض عليه "سيعطى معلومات مهمة" وفق تقديره.
كما استبعد سيف اليزل احتمال ضلوع إسرائيل في هجوم رفح لظروف خاصة بالعملية نفسها بعد دخول منفذي الهجوم إلى أراضيها ورد فعل القوات الإسرائيلية عليهم.
وتابع الخبير العسكري بأن الجماعات المنفذة لديها عدة مصالح، أهمها إعطاء العالم فكرة بأن سيناء خارج السيطرة، وأنها "إمارة إسلامية،" بهدف ترسيخ المفهوم الذي صرح به وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، ووزير الخارجية هيلارى كلينتون "أن سيناء منطقة خطرة و السيطرة عليها ضعيفة."
وذكر سيف اليزل أن اللواء مراد موافي، رئيس جهاز المخابرات العامة الذي عزله مرسي الأربعاء، أدلى بتصريح لوكالة الأناضول التركية، قال فيه إن المخابرات العامة كانت على علم بهذه العملية، وأنها "أخطرت الجهات المعنية،" ويتم التحقيق بهذه التصريحات حاليا ضمن مجموعه من التحقيقات في النيابة العسكرية والقوات المسلحة للوصول إلى حقيقة الأمر.
ورأى سيف اليزل أن المصريين أصيبوا بصدمة لعدم مشاركة مرسي في جنازة القتلى، ضاربا المثل برئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، الذي عندما قتل أحد الجنود "ذهب إلى جنازته وساهم في حمل النعش على كتفه،" مضيفا بأنه كان يرغب بأن يرى مرسي يفعل الشيء نفسه.
من جانبه قال محمد أبو حامد عضو مجلس الشعب السابق، أنه يحمل مسئولية حادث رفح لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي، بسبب ما اتخذه الأخير من إجراءات استثنائية، بفتح المعابر مع قطاع غزة لدخول وخروج الفلسطينيين، دون أدنى إجراءات أمنية و أيضا التعامل الليّن مع الأنفاق التي تربط القطاع بمصر.
وأضاف أبو حامد أن قرار مرسي ترتب عليه "تسلل عدد كبير جدا من عناصر الجماعات المتطرفة سواء من عناصر حماس أو الجهاد الإسلامي وغيرهما، إضافة لوجود عناصر كامنة داخل سيناء ما أدى إلى إشاعة حالة التردي الأمني بسيناء، والسيطرة على بعض المناطق."
وقال أبو حامد إن مرسي "ارتكب خطئا استراتيجيا وتاريخيا بخصوص قراره بالعفو العام عن عناصر متطرفة بالسجون، منهم من هو حاصل على أحكام بالمؤبد والإعدام لثبوت تورطه في عمليات عنف وإرهاب ضد الشعب المصري، وهم الآن منتشرون في المساجد وعادوا إلى خلاياهم."
وطالب النائب السابق مؤسسات الدولة، وخاصة الجيش والشرطة والأزهر، بـ"التدخل لحماية البلاد وحدودها والمواطنين، وذلك بالتصدي للإرهابيين حتى لا تتحول العمليات على الحدود إلى جميع أرجاء البلاد مثل العراق."
و استبعد حامد مسؤولية إسرائيل عن هذا الهجوم، وقال إن اتهامها مجرد "شائعات وأفكار ترددها جماعة الإخوان المسلمين، حتى تبعد مسؤوليتها المباشرة عن الأحداث" على حد تعبيره، مشيرا إلى انه لا يري بأن إسرائيل ضالعة في هذا الهجوم، لاسيما وان العناصر المنفذة ذهبت لمهاجمة مراكز أمنية تابعة لها.
من ناحية أخرى، رجح المفكر الإسلامي، كمال حبيب، أن من قام بتدبير حادث رفح هم مجموعه من تيارات أو عناصر سلفية جهادية تكفيرية موجودة في سيناء تطلق تحت مسميات مختلفة مثل "التكفير و الهجرة" و "التوحيد والجهاد" وغيرها، تسعى لتنفيذ أهدافها داخل إسرائيل، مستغلة الأنفاق بين غزة وسيناء وحالة الفوضى والتردي الأمني.
ورجح حبيب أن تكون العملية قد تمت بالتعاون مع عناصر سلفية جهادية بغزة، كما أوضح أن إسرائيل كفاعل مباشر غير موجود بعملية رفح ولكنها مخترقه لتلك الجماعات وتسعى إلى إشاعة حالة من عدم الاستقرار في تلك المنطقة، حتى يكون لها حجة في التواجد.
ونوه حبيب إلى تهريب السلاح الليبي لبعض الجماعات المتشددة في سيناء وتجار السلاح هناك، مطالبا بضرورة نشر الجيش المصري بسيناء والمناطق الحدودية وعدم الاكتفاء بقوات حرس الحدود.
من ناحية أخرى قال أكرم الشاعر ،عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، "حتى الآن لم تصل التحقيقات لمعرفة المسؤول عن حادث رفح، وما هو الدافع؟ ومن صاحب المصلحة؟ ولكن المعلومات الأولية تشير إلي مسؤولية عدة أطراف، وهي إسرائيل والمجموعات الإرهابية والقوى المضادة لمرسي" على حد قوله.
وأضاف الشاعر بأنه لا يوجد مصلحة للفلسطينيين بتنفيذ هذا الهجوم، لاسيما وان تبعات هذا الأمر لن تكون في صالحهم بعد كسر الحصار عن غزة في أعقاب الثورة وفتح المعابر، مرجحا وقوف من وصفهم بـ"الإرهابيين المأجورين من أعداء مرسي و بعض الفلسطينيين الذين يمكن أن يبيعوا أنفسهم ولهم علاقة بجهاز الموساد الإسرائيلي" وراء الحادث.
وتابع: "هناك عدة تساؤلات يجب الإجابة عنها، خاصة فيما يتعلق بدور أجهزة الدولة في هذا الأمر،" لافتا إلى أن تحميل مرسي المسؤولية بسبب فتح المعابر "ليس له أساس من الصحة، لاسيما وأن كل من يدخل البلاد عن طريق المعابر يخضع للتفتيش، بخلاف من يدخل عبر الأنفاق السرية."
وفيما يتعلق بإحجام مرسي عن الذهاب لجنازة عناصر القوات المسلحة قال إن مرسي "لم يحضر لأسباب أمنية طبقا لما تم إعلانه في هذا الشأن،" مشددا على ان الرئيس "لا يخشى مواجهة شعبه، إذ ظهر بخطابه الأول في ميدان التحرير دون سترة واقية" على حد تعبيره.
وأضاف الشاعر أن تشيّع الجنازة من منطقة النصب التذكاري بمدينة نصر "غريب" دون أن يوضح حقيقة وجهة نظره، علماً أن الموقع سبق أن شهد اغتيال الرئيس السابق، أنور السادات.