القاهرة، مصر(CNN)-- اتهمت لجنة تقصى الحقائق التي شكلها مجلس الشعب، للبحث في أسباب "مذبحة بورسعيد" التي راح ضحيتها أكثر من 70 قتيلاً، عقب لقاء المصري والأهلي، "الإعلام الرياضي" بأنه أحد المحرضين والمشاركين في الأحداث، وهو ما رفضه بعض الإعلاميين الرياضيين، فيما أيده آخرون.
وقال الإعلامي وحارس مرمى الأهلي ومنتخب مصر السابق، أحمد شوبير: "لابد من الفصل بين الإعلام الهادف الذي يسعى للحقيقة، وبين الإعلام الفاسد الذي يبحث فقط عن الإثارة وإشعال نار التعصب بين الجماهير، حتى لو دفع ثمنه ضحايا أبرياء."
ودافع شوبير، وهو أيضاً برلماني سابق، عن نفسه قائلاً: "أنا أكثر من قدم إعلاماً نظيفاً وهادفاً، ولا أعرف على أي أساس يتم اتهامي بأنني كنت جزءاً من منظومة إعلامية فاسدة، تسعى للفتنة، وتجري وراء إرضاء الجماهير، وتسبب هذا الإعلام الفاسد في القطيعة بين مصر والجزائر في نهاية عام 2009."
وفيما أشار إلى أن زيادة "التعصب" جاءت بسبب ما أسماه "الإعلام الفاسد"، فقد حذر شوبير من أن "الكارثة ستتكرر في ظل استمرار المنظومة الفاسدة التي زرعها اتحاد الكرة"، متهماً الاتحاد بـ"الاهتمام بالمصالح الشخصية والعمولات والصفقات على حساب الكرة المصرية."
كما أعرب عن توقعاته بأن "مذبحة بورسعيد ستمر بدون قصاص، وستعود الأمور أسوء مما هي عليه الآن، في ظل غياب النظام في كل شيء"، على حد تعبيره.
وطالب الحارس السابق بمحاكمة "كل من أفسد الإعلام الرياضي"، معتبراً أنهم "زرعوا الفتنة، وقبلوا هدايا من رجال الأعمال، وساهموا بالدور الأكبر في أزمة الجزائر، وأتي بعضهم بإشارات خادشة للحياء، وكادوا يتسببوا في أزمة مع السودان."
من جانبه، اعترف مقدم البرامج الرياضية بالتليفزيون المصري، خالد لطيف، بمسؤولية الإعلام الرياضي فيما حدث في بورسعيد المؤسفة، قائلاً إن "الإعلام الخاص لعب دوراً لا ينكر في فضيحة بورسعيد، بعدما أشعل التعصب بين الجماهير."
إلا أن لطيف ذكر أن الإعلام ليس المتهم الوحيد وراء "مجزرة إستاد بورسعيد"، مشيراً إلى أن الإعلام الرياضي استخدم سياسية "الطبطبة"، مع روابط "الألتراس" مع كل خطأ يرتكبونه، مثلما حدث في اقتحامهم ملعبي القاهرة والإسماعيلية في مباريات مختلفة.
وأضاف لطيف أن الاتهامات تطول أيضاً بعض المواقع الإلكترونية الرياضية، والتي اتهمها بأنها "لعبت دوراً كبيراً في تفاقم أزمة التعصب، عن طريق الشحن الجماهيري، وتأجيج مشاعر التعصب والكراهية بين جماهير الأندية."
كما حمل أيضاً أولياء الأمور مسؤولية الأحداث، متهماً إياهم بـ"الفشل" في مراقبة تصرفات أبنائهم على "فيسبوك"، الذي اعتبره "كارثة على الوسط الرياضي والسياسي."
واتفق الإعلامي ونجم الزمالك السابق، خالد الغندور، مع تقرير لجنة تقصي الحقائق بمجلس الشعب، مؤكداً أن "الإعلام الرياضي متورط بالفعل في مذبحة بورسعيد"، وقال إن "تقرير لجنة تقصى الحقائق أصاب كبد الحقيقة، عندما وجه الاتهام للإعلام الرياضي."
وقال الغندور إن وسائل الإعلام كانت تنقل البيانات التي تصدرها جماهير الألتراس على المواقع المختلفة، وهو ما يزيد من حالة الاحتقان بين الجماهير، بالإضافة إلى أن "بعض مقدمي البرامج يتميزون بالنفاق، وعدم الشفافية، ومحاباة أفراد على حساب آخرين."
من جانبه، أدان المدرب العام لفريق الزمالك، إسماعيل يوسف، الإعلام الرياضي في المجزرة التي شهدها إستاد بورسعيد ، قائلاً: "الإعلام الرياضي أجج مشاعر الكراهية بين الجماهير، بالتعصب لأندية بعينها على حساب أندية أخرى."
وأضاف يوسف أن "وسائل الإعلام المرئية بالغت في الهجوم على روابط الألتراس في أوقات عديدة، وهو ما أظهرهم في صورة غير حقيقية، خاصةً وأن جماهير الألتراس هي الوحيدة التي تذهب للملاعب لمساندة فرقها، وكان يجب معاملتها بصورة أفضل مما حدث، بدلاً من الإساءة إليها."
وتابع يوسف متسائلاً: "هل يعقل أن يخرج أحد مقدمي البرامج الرياضية لهجوم متواصل على الحكام؟.. فهذا من شأنه أن يضعف صورة التحكيم المصري، بالإضافة إلى أن ذلك يزيد حالة التعصب بين الجماهير."
إلى ذلك، حمل عميد كلية الإعلام السابق بجامعة القاهرة، سامي عبد العزيز، وسائل الإعلام المسؤولية الأكبر في تزايد حالة التعصب بين الجماهير، والذي أدى إلى "المجزرة" التي ارتكبت على أرض ملعب إستاد بورسعيد.
وقال عبد العزيز إن "الإعلام الرياضي التلفزيوني شهد في السنوات الأخيرة، مع انتشار المحطات الخاصة، ظهور مقدمي برامج غير مؤهلين للعمل الإعلامي، وبالتالي قدموا محتوى غير ملتزم بميثاق الشرف الإعلامي، وهذا ليس ذنبهم، ولكن ذنب من سمح لهم بالظهور دون تأهيل."
وأضاف: "للأسف الإعلام أصبح مباحاً لأي شخص، حتى لو كان غير مؤهل، ولكن يكفيه أن يكون نجماً سابقاً في كرة القدم، خاصةً وأن الإعلام مهنة جاذبة للشهرة"، مشيراً إلى أن "لاعبي كرة القدم المعتزلين، تعودوا على تلك الشهرة، ولا يريدون الابتعاد عنها."
وتساءل أستاذ الإعلام قائلاً: "هل يستطيع أي شخص غير مؤهل أن يعمل طبيباً أو مهندساً أو محامياً؟.. بالتأكيد الإجابة بالنفي.. فلماذا يستباح العمل في الإعلام لغير المؤهلين له؟.. وقد دفع أشخاص أبرياء ثمن ذلك من حياتهم بكل أسف"، بحسب قوله.