دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- واصل نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، توجيه الانتقادات والاتهامات للمنظمات الدولية التي أدانت "حملة القمع"، التي تتعرض لها المعارضة في سوريا، حيث شن هجوماً "مزدوجاً"، خلال الساعات القليلة الماضية، على اثنين من كبرى الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
ففي رسالة وجهتها وزارة الخارجية إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، أعلنت سوريا رفضها للتصريحات التي أدلت بها المفوضة الأممية، نافي بيلاي، أواخر مارس/ آذار الماضي، حول توافر أدلة كافية لتقديم الرئيس بشار الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية، بتهم ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية."
وقالت الخارجية السورية، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" الجمعة، إن تصريحات بيلاي "يبدو من خلالها أن المفوضة نسيت عملها كمفوضة لحقوق الإنسان، وانتقلت لتولي مهمة المدعي العام، ضد الدول التي تختار استهدافها الدول الغربية."
وقالت: "في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تتحمل المفوضة مسؤولية المنصب الذي تتولاه، والحديث بصدق عما يجري في سوريا من انتهاكات لحقوق الإنسان، تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة، اختارت المفوضة جمع الأكاذيب والادعاءات وترويجها على أنها حقائق دون التأكد من مصداقيتها."
وتابعت دمشق، في رسالتها إلى مفوضة حقوق الإنسان، إنه "لأمر مثير للتعجب استخدامها (بيلاي) لموارد الأمم المتحدة المالية والبشرية، للتحرك ضد سوريا، مستندةً إلى أكاذيب، ومطالبة بمسائل تقع خارج نطاق ولايتها بالكامل."
وذكرت الوزارة أن "انحياز المفوضة ضد سوريا لم يعد خافياً، فهي ما تزال تغمض عينيها عن الإرهاب الذي يتعرض له الشعب السوري، على يد المجموعات الإرهابية المسلحة، المدعومة والممولة من الخارج، كما أنها تتجاهل الأدلة الكثيرة التي ترد إليها كل يوم، حول ارتكاب المجموعات الإرهابية المسلحة لجرائم ضد الإنسانية."
ولفتت الرسالة إلى أن المفوضية الأممية "لم تقل أي كلمة بحق 6143 مواطناً سورياً، مدنياً وعسكرياً ونساءً وأطفالاً، قتلوا على يد المجموعات الإرهابية المسلحة، وفي تعرض 1590 مواطناً للخطف، ما يزال مصير ما يزيد على ثلثيهم مجهولاً"، ويُعتقد أنها المرة الأولى التي يعلن فيها نظام الأسد تقديراته لعدد الضحايا.
وقالت الوزارة في رسالتها: "لقد كان الأجدر بالمفوضة الالتزام بولايتها، والتزام النزاهة والمهنية والحياد والموضوعية، لربما كانت بذلك قد ساهمت في عدم تشجيع المجموعات الإرهابية على عملها، ولربما ساهمت في منع سقوط عدد من الشهداء السوريين، ضحايا المجموعات المسلحة."
وذكرت أن "لجنة التحقيق الدولية، التي أدعت المفوضة أنها استندت في تصريحاتها إليها، أكدت عدم وجود بديل من الحوار.. الحوار الوطني الشامل، الذي يجمع كل الأطراف السورية، لدعم تحقيق الإصلاحات، بعيداً عن العنف، وهو ما دعت له سوريا منذ بداية الأزمة، وتم رفضه من مجموعات معارضة بتحريض من الخارج."
إلى ذلك، شن مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، هجوماً حاداً على الجمعية العامة للمنظمة الدولية، طال أطرافاً أخرى، منها السعودية وقطر وتركيا.
واتهم الجعفري رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، المندوب القطري ناصر عبد العزيز النصر، بأنه طلب قطع البث التلفزيوني، وخروج وسائل الإعلام من جلسة الجمعية العامة الخميس، عند بدء مداخلته، "لمنع وصول صوت سوريا إلى الرأي العام، رغم أن الجلسة كانت مفتوحة لجميع وسائل الإعلام المعتمدة في الأمم المتحدة."
وكان رئيس الجمعية العامة قد دعا المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية، كوفي عنان، لتقديم إفادة أمام الجمعية العامة، في اجتماع غير رسمي الخميس، حضره أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، بحسب ما ذكرت إذاعة الأمم المتحدة الجمعة.
وفي أعقاب الاجتماع، عقد المندوب السوري مؤتمراً صحفياً كال فيه الانتقادات إلى النصر، متهماً إياه بأنه "انتهك كافة أنواع القواعد والإجراءات المتعلقة بالآليات المتفق عليها من قبل المجتمع الدولي، حول كيفية العمل في الجمعية العامة."
وقال الجعفري: "لم يتشاور رئيس الجمعية العامة مع الحكومة السورية مسبقاً، قبل هذا الاجتماع، وهذا هو الانتهاك الأول."
وتابع أنه "انتهك" أيضاً التزامه بصفته رئيساً للجمعية العامة، "عندما قطع التغطية الإعلامية للاجتماع، على الرغم من حقيقة أنه، وكما تعلمون جميعاً، قد بعث لكافة المراسلين عن طريق المتحدثة باسمه، برسالة يخطركم فيها جميعاً بأن الاجتماع مفتوح أمام وسائل الإعلام والمراسلين، فضلاً عن تلفزيون الأمم المتحدة والبث الشبكي."
وأضاف أن "الانتهاك الثالث لرئيس الجمعية العامة، أنه قد نظم مسبقاً اجتماعاً مفتعلاً لتشويه سمعة سوريا، من خلال تنسيق جلسة لم يتحدث فيها سوي السفير السعودي، إضافة إلى كوفي عنان، وكما لو كان هذا الاجتماع قد عقد لإفساح المجال حصرياً لوجهة النظر القطرية، عبر رئيس الجمعية العامة نفسه، والسفير السعودي."
أما "الانتهاك الرابع"، الذي أشار إليه السفير السوري، فيرتبط بالطريقة التي أدار رئيس الجمعية العامة بها الجلسة، مشيراً إلى أنه "تجاهل وتغاضى" بطريقة، وصفها بـ"السخيفة"، الطلب المتكرر للجعفري لأخذ الكلمة.
و"الانتهاك الخامس"، والذي وصفه بـ"الأهم" في رأيه، فهو عندما طلب منه أن يطالب أعضاء الاجتماع بالصمت لدقيقة على أرواح جميع الضحايا الذين سقطوا في سوريا حتى الآن، فلم يكتف رئيس الجمعية العامة برفض الطلب وتجاهله فحسب، بل إنه تحاشى الإجابة بشكل ملائم على الطلب السوري.
وفسر الجعفري ذلك بأنه يعني أن الهدف من الاجتماع بالنسبة له كان "كيفية تشويه سمعة سوريا"، وليس المساعدة على وقف العنف فيها، وإنهاء الاضطرابات في بعض البؤر الساخنة.
كما انتقد السفير السوري قطر والسعودية وتركيا، وقال إنهم طلبوا من المعارضة السورية في الخارج عدم الانخراط في الحوار الوطني، وعدم إلقاء السلاح، وزودوهم بالمساعدة المالية والعسكرية، بل وقالوا لأعضاء ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر"، إنهم سيزودونهم برواتب شهرية.
وتساءل الجعفري عن الهدف من عقد اجتماع اسطنبول، بعد أسبوع من إعلان الحكومة السورية الموافقة على خطة "النقاط الست"، التي طرحها عنان.