CNN CNN

كاميرا CNN داخل أحد سجون الجيش السوري الحر

الجمعة، 31 آب/اغسطس 2012، آخر تحديث 21:01 (GMT+0400)

(شاهد التقرير)

 

حلب، سوريا (CNN)-- في أكثر مواسم الصيف سخونة في سوريا، اكتظت فصول إحدى المدارس الابتدائية في شمال البلاد ليس بالطلاب، بل برجال النظام السوري المقبوض عليهم من قبل الثوار المسلحين.

الثوار من وحدة "لواء التوحيد" قاموا بدعوة CNN إلى تلك المدرسة التي أصبحت منذ عدة شهور، معتقلا مؤقتا يضم نحو 112 سجينا على الأقل.

في أحد الفصول، كان هناك نحو 40 معتقلا، حفاة الأقدام، حليقو الرؤوس، يحاولون إخفاء وجوههم من عدسات الصحفيين الذين يقومون بزيارة هذا المعتقل لتفقد الأحوال المعيشية هناك.
حارس المعتقل الذي طلب منا مناداته اسم " أبو حاتم" كان يعمل سابقا في وزارة الزراعة، انصبت مهمته معنا في محاولاته للتأكيد على أن التسهيلات في هذا المعتقل تفوق بكل الأحوال جميع معتقلات نظام  الرئيس السوري بشار الأسد التي بدأها قائلا: "انظر، السجناء و الحراس يأكلون من نفس الطعام."

بنظرة تفقدية سريعة على تلك الغرفة، كانت هناك علامات واضحة تشير إلى تعرض المعتقلين للضرب المبرح من قبل المتمردين. أحدهم عيناه متورمين مع احمرار شديد، وبالكاد يستطيع أن يرى.

 أبو حاتم قام باستدعاء أحد المعتقلين بتلك الغرفة، حيث أمره بخلع قميصه لتظهر مجموعات من الوشومات على صدره للرئيس السابق حافظ الأسد، و ابنه المتوفى باسل، بجانب الرئيس الحالي بشار.

أما على ظهره فقد كان هناك صورة لسباع مع بعض الكتابات بالعربية مثل: " سوريا- بشار الأسد"، "رجال الأسد"، "يحيا حزب الله" إشارة إلى الحليف الشيعي اللبناني القوي لنظام الأسد.

أكثر الأمور المقلقة على هذا الرجل، هي عشرات الجروح البالغة الحديثة التي تتناثر بين الوشومات التي عجز الحارس عن إيجاد تبريرات لها، بجانب عجزه عن تبرير جرح غائر في جذع الرجل.

حينئذ تدخل أبو حاتم قائلا: " لقد اعترف الرجل بارتكابه جرائم ضد الثوار، لذلك قام بجرح جذعه للتبرع بدمه لنا. لقد كان قائدا لمجموعة من الشبيحة قامت بسحق الثوار، بجانب اتصاله المباشر بالمخابرات السورية."

القائد الأعلى لهذا المعتقل يدعى "جامبو"، أو هكذا أراد أن نناديه. عمل جامبو كسائق تاكسي لسنوات عديدة. خبرته في إدارة المعتقلات تعود إلى فترة اعتقاله في سجون الأسد التي يقول عنها: " لقد قضيت ستة أيام معلقا على بساط الريح في معتقلات الأسد."

ويعد "بساط الريح" أحد أشد وسائل التعذيب في سجون الأسد كما علمت ( CNN) من خلال مقابلتها السابقة للعديد من المعتقلين في سجون النظام السوري.

يقول جامبو: "نعم أريد أن أعذب جميع الشبيحة، ولكننا نعمل حسب شريعة الله. حتى أننا لا نصفع أحد منهم بمجرد اعتقاله."

لكن محمد الذي أحضره لنا رجال جامبو لمحاورته، كانت  تظهر على معصميه العديد من الكدمات  التي ربما نتجت من الحبال التي يوثق بها. لقد كان يرتجف من الفزع، و في كل مرة تكلم فيها كان ينظر إلى جامبو بنظرات من الرعب خشية تعرضه للأذى.

محمد الذي يتهمه خاطفوه بالانضمام للشبيحة، أنكر كثيرا وبطريقة غير مباشرة، مؤكدا أنه كان مجرد موظف حكومي في دائرة حسابات بلدية مدينة حلب قبل أن يفجرها المتمردون.

محمد يروي قصته قائلا:" بعد أن فجر المتمردون مبنى عملي، كنت محتاجا و بشدة لوظيفة لدفع إيجار منزلي وتوفير مصروفات عملية ولادة زوجتي القيصرية. البلدية أخبرتني أنه يوجد وظيفة لي حيث سأعمل ليوم كامل على أن يكون اليوم التالي عطلة نظير قيامي بحراسة أحد المتنزهات العامة، لذلك أعطوني سلاحا.

يستطرد محمد في قصته قائلا: " لقد قضيت خمسة أيام فقط في هذه الوظيفة التي راتبها ما يعادل 190 دولارا فقط للشهر قبل أن يعتقلونني في أحد نقاط التفتيش".

حاول جامبو التأكيد على أن الرجل لم يعذب في المعتقل حيث أومأ إليه بأن يخلع قميصه، لكن محمد همس له قائلا: "لا، ما زالت توجد علامات."

في الجانب الأخر من المعتقل، هناك غرفة أخرى للمعتقلين تحوى 40 معتقلا تقريبا. معظم المعتقلين في تلك الغرفة يقدمون أنفسهم على رتبة رائد أو عقيد، يجلسون جميعا على الأرض بالقرب من سبورة الفصل التي تمتلئ بالكثير من الآيات القرآنية.

المعتقلون في هذه الغرفة أكثر حظا، حيث لوحظ أن"جامبو  ورجاله" يعاملونهم باحترام وفير.