لماذا تسعى "دبي" إلى اجتذاب المعرض الدولي عام 2020 اليها، خاصة وأنها كانت آخر المدن المتقدمة للفوز بهذا المعرض. ويتنافس على هذا الشرف عدا عن دبي كل من مدينة "ازمير" بتركيا، ومدينة ايكاتمبرغ بروسيا، ومدينة سان باولو في البرازيل. وإذا كتب الفوز لمدينة دبي، ووقع اختيار اللجنة الدولية عليها اليوم الأربعاء 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، فهذا يعني أن هذا المعرض سيقام للمرة الأولى في تاريخه في منطقة الـ "ميناسا"، أو منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا وجنوب آسيا.
والمعرض، كما هو معروف، ليس معرضاً تجارياً، بل هو معرض دولي تقيم كل دولة فيه جناحاً. والمدينة الفائزة تختار عادة موضوعاً إنسانياً عالمياً، ليكون عنوان المعرض، والمحدد لمحتواه. وقد اختارت دبي أن يكون الموضوع هو "ربط العقول، وخلق المستقبل".
ويعترف واضعو هذا العنوان ان لكل دولة خصائصها وإبداعاتها وميزاتها، ولكن تجميع العقول من مختلف مناطق العالم يجعل هذا العالم أقدر على مواجهة تحدياته، وتجميع قدراته، وتوفير حياة أفضل لشعوب العالم المختلفة.
ولو تمعّنا في مؤهلات دبي مقابل المدن الأخرى الثلاث المتقدمة، فإننا نرى أن لمدينة دبي عدداً من المزايا المهمة. وأولها أن المدينة نفسها صارت كعبة لكثير من زوار العالم. وهي تستقطب عبر مطارها أكثر من خمسين مليون زائر في العالم.
والنقطة الثاني أن دبي تقع في منطقة دافئة، مما يجعل استمرار تدفق الزوار إليها مضموناً. كما أنها صارت جاذبة للسياح طوال السنة غير متأثرة بتقلب المواسم المناخية لأن بنيتها توفر الراحة والجو المناسب للزوار.
والنقطة الثالثة أن متطلبات الإقامة كالفنادق والمطاعم والطرق والمرافق المطلوبة لإقامة المعرض متاحة بشكل كبير.
والنقطة الرابعة أن دبي صارت مركزاً إقليمياً هاماً لكل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، والتي لم يقم فيها هذا المعرض من قبل.
وخامسها أن المقيمين في مدينة دبي يمثلون أكثر من مائتي جنسية مختلفة، وأن المدينة بهذا التنوع الديمغرافي توفر المكان الأنسب لمعرض دولي.
وتتوفر لدى دبي ماكينة إعلامية قوية، وفي مدينة دبي للإعلام، هنالك تمثيل لكل وسائل الإعلام الدولية والإقليمية والمحلية، مما يعطي المعرض فرصة التغطية الشاملة.
وإذا تمعنا في الموضوع أو الشعار الذي اختارته دبي، فإننا نرى فيه فكرة إنسانية جامعة، وأن كل دولة تعرض هنالك ستجد من خلاله ما يمكنها من عرض إمكاناتها العقلية والتكنولوجية ويعطيها الفرصة لتثبت أنها إنسانية النظرة، وتتطلع إلى التعاون مع باقي العالم.
ومع أن ايزمير قد تكون أكثر المدن تنافسية بسبب موقعها في الشرق الأوسط، وهي ايضاً مدينة جميلة، إلا أن دبي قد يكون لها حظاُ أوفر، خاصة وأن دولة الإمارات العربية المتحدة دولة ذات علاقات متشابكة وكثيرة وتتفوق في هذا المضمار على ايزمير.
أما كل من المدينة الروسية والبرازيلية، فقد تبنيا بعضاً من قضيتهما من أجل الفوز على تنظيمها لحدثين دوليين أخريين وهما الألعاب الأولمبية السنوية في "سوشي" في منطقة القفقاس في روسيا، وهو اختيار أثار جدلاً كبيراً. وتنظيم مباريات كأس العالم في البرازيل وهو ما يزال يثير كثيراً من المخاوف بسبب المعوقات والجدل السياسي حول جدوى استضافة هذا الحدث الكروي العالمي في البرازيل.
وإذا فازت "دبي" كما أتوقع، فإن السؤال الهام: هو ماذا ستستفيد "دبي" من هذا المعرض. والجواب واضح. فمدينة دبي بنت سمعتها الدولية على أنها مركز دولي متميز. وقد استفادت دبي من هذه السمعة استفادة كبيرة، وثبت أن استثمارها لتكون مركزاً دولياً قد أثمر وعاد عليها باستثمارات وعوائد كبيرة جداً. ويأتي هذا المعرض معززاً لها.
وكذلك، فإن دبي ستجد في المعرض الذي يمتد عادة لستة أشهر فرصة لكي تسوق نفسها في مختلف المجالات. فمن مشروعاتها الجديدة على سبيل المثال أنها تريد أن تكون عاصمة الاقتصاد الإسلامي. وهي لا شك بحاجة إلى الدعوة للاستفادة من خدماتها في النقل والموانئ والخدمات اللوجستية الأخرى. وهي أيضاً ستتمكن من عرض إمكاناتها كمركز جاذب للاستثمار من مختلف مناطق العالم سواء في التمويل، أو العقار، أو السياحة، أو مراكز الشركات الكبرى، أو نقطة اتصال مع كبريات المدن في المنطقة مثل بيجنج وشانغهاي في الصين، وحيدر أباد وكولكاتا ومومباي في الهند، وجاكارتا بأندونيسيا، ودكا في بنغلاديش، وكراتشي في باكستان، وطهران في إيران والقاهرة في مصر والرياض في المملكة العربية السعودية وغيرها.
ومن هنا، فإن للمعرض فوائد كبيرة لمدينة مثل دبي صممت وثبتت لتكون مركزاً لهذه الخدمات والمعارض.
لا شك أن نجاح دبي هذا اليوم في الحصول على المعرض سيضيف ريشة في طاقيتها، وميدالية جديدة تعلقها على صدرها.
ملاحظة: وجهة النظر الواردة تعكس رأي كاتبها، الدكتور جواد العناني، عضو مجلس الأعيان الأردني، ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني السابق، ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN بالعربية.
إقرأ المزيد: تحليل: إلى قطر وإن طال السفر
حرب العملات بين الصراع الاقتصادي والانكفاء القومي
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.