عادت الزميلة أروى ديمون إلى العراق لتجد البلاد تغيرت وباتت الحياة فيها مختلفة. ومن خلال هذه الرحلة، تستعرض ديمون الاختلافات بين الفترات الأولى من الحرب، التي غطتها في تلك الفترة، وما يدور في حياة العراقيين اليوم. وخلال هذه الرحلة، خطت ديمون بقلمها السطور التالية مقدمة نظرة تعكس الواقع الجديد الذي يعيشه العراقيون اليوم.
بغداد، العراق (CNN) -- الكثير من الصخب في الطريق إلى بغداد، وهو ما يعكس نوعا من الروتينية في المدينة المليئة بنقاط التفتيش والتفجيرات، فالعنف الذي مزق العراق بعد عام 2003 تداخل في كل شيء.
وقد اختلفت جميع الأماكن، حتى تلك التي كان يلعب فيها الفتية على دراجاتهم، ففي أحد أحياء بغداد، يتجمع الأطفال اليوم للعب كرة القدم، في نفس المكان الذي كانوا يتجمعون فيه لمشاهدة عمليات تنفيذ الإعدام.
وعندما كنا نصور مؤخرا على ضفاف دجلة في بغداد، لم يستطع زميلنا العراقي محمد نسيان لحظات قاتمة أخرى، ففي ذروة العنف الطائفي، كان الناس يجمعون الجثث بشكل منتظم من مياه نهر دجلة.
ذلك اليوم قضيناه في المتنبي، المعروف بشارع الكتاب، الذي شهد فظائعا كثيرة كذلك، وهنا يمكنك أن تجد جميع أنواع المجلات والكتب والصحف القديمة، فهو مكان الاجتماع التاريخي للمثقفين في البلاد، الذين يأتون هنا للتسوق، ويجتمعون في المقاهي لمناقشة مواضيع مختلفة، بدءا من السياسة وانتهاء بالشعر.
لكن هذا الشارع كان مستهدفا في الماضي، إذ شهد هجوما مدمرا في مارس/ آذار من عام 2007.
ويقول البعض إن الانفجار مزق روح هذا الشارع، فرغم ازدحامه اليوم، إلا أن الإقبال عليه هش بسبب المخاوف من تكرار ما حدث سابقا.
عدنان الشيخ يقول إن يعيش هنا منذ أكثر من 50 عاما، ولا يزال على قيد الحياة لأنه كان مريضا في الاسبوع الذي حدث فيه الانفجار، فكشكه موجود خارج مقهى الشهبندر الشهير، الذي يعتبر تجمعا للمفكرين منذ زمن طويل.
أما حجي محمد، صاحب المقهى فقد كان ودودا، وسمح لنا بالتصوير داخل المقهى، ولكن عندما طلبنا إجراء مقابلة معه رفض فورا.
أربعة من أبناء وأحفاد مالك هذا المكان قضوا في هجوم عام 2007، وقد أردنا التحدث إليه، ولكنه رفض، إذ لا يزال يراوده الكثير من الألم والغضب، وهذا متوقع، كما أنه أبدى عدم رغبته في الحديث لشبكات أمريكية، مضيفا أن أمريكا وبوش قتلوا أولاده.
وهذا هو المنطق الذي يحمله العراقيون، فالبلد الذي مزقته التفجيرات والأعمال التخريبية، يلقى اللوم فيها على الأمريكيين.
وللكثير منهم، لم تكن اللحظة الأهم هي إلقاء القبض على صدام حسين أو إعدامه أو حتى إجراء انتخابات ديمقراطية، إنها اللحظات الأخيرة التي رأوا فيها أحباء لهم قبل مقتلهم أو إصابتهم، أو اللحظات التي يراوغون فيها الموت، أو يتأملون فيها مجتمعهم وهو ينهار ويتمزق، ولعل الكثير منهم اليوم بالكاد يتذكر شكل العراق الذي يعرفونه.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.