دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان الصعود الواضح لدور قطر السياسي من بين أبرز نتائج الربيع العربي، فقد بات للدوحة نفوذها الكبير في العواصم التي برز فيها دور جماعة الإخوان المسلمين على حساب الأنظمة السابقة، وتصدرت الدولة الخليجية الصغيرة قائمة الدول التي أرسلت طائرات لفرض حظر جوي في ليبيا، كما دعمت الاقتصاد المصري بودائع مالية، وكشفت علنا عن دعمها للثوار في سوريا بوجه نظام الرئيس بشار الأسد.
لكن هل يسمح لها حجمها والتحديات المقبلة بتحقيق طموحاتها؟
من بين الذين حاولوا الإجابة على هذا السؤال أرين بايكر، مديرة مكتب الشرق الأوسط لدى مجلة "تايم" الشقيقة لـCNN، التي قالت فيها: "عرضت للتحديات التي تواجه الإمارة بسبب تركيبتها السياسية والسكانية الفريدة.
وتقول باركر إن السياسة الداخلية القطرية محكومة بعاملين، أولهما كثافة الوجود الأجنبي، والذي لا يشكل خطرا سياسيا، والثاني هو ضعف التمثيل السياسي في البلاد. فالأسرة الحاكمة صغيرة الحجم، ورغم تقرير انتخابات تشريعية العام المقبل إلا أن قدرتها التمثيلية ليست واضحة."
وتضيف: "حقيقة أن رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني يتولى في الوقت نفسه حقيبة الخارجية يظهر العجز عن إيجاد شخص يشغل منصبا أساسيا مثل هذا، ويدل على ضيق الدائرة القيادية."
هل تريد قطر وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في دول المنطقة؟
تعلق بايكر على هذا الموضوع بالقول: "أظن أن قطر ترى بأن جماعة الإخوان المسلمين موجودة في المنطقة لتبقى، وهي بالتالي ترغب في أن تكون في الجانب المنتصر."
وأضافت أن الدوحة "لم تدعم الجماعة بهذا الشكل قبل الثورة المصرية."
وتابعت بايكر بالقول: "من خلال زيارتي إلى سوريا رأيت أن الناس - رغم الانتقادات الكثيرة للجماعات الإسلامية - إلا أنها ترى فيها تشكيلات أكثر تنظيما من الجماعات الأخرى التي تقوم أحيانا بأعمال سرقة وقتل لأنصار النظام. وقد قال لي عدد كبير من السوريين إنهم يفضلون القوى الإسلامية لهذا السبب، وأظن أن هذه الأسباب هي التي دفعت قطر إلى تفضيل التعاون مع هذه القوى المنظمة والمنضبطة."
ما مدى إمكانية أن تصبح قطر قطبا بارزا بالمنطقة سياسيا واقتصاديا مثل السعودية؟
ردت بايكر قائلة: "النفوذ السعودي في تراجع، وقطر تحاول الدخول لملء الفراغ.. ولكن القوة لا تقتصر على الثروة فحسب، فرغم ارتفاع الدخل الفردي القطري إلا أن اقتصاد البلاد لا يقارن بالاقتصاد السعودي الضخم المستند إلى قدرات بشرية أكبر بكثير، وبالتالي فما زال لدى الرياض الكثير من القدرات السياسية."
هل هناك معارضة واضحة في قطر؟
لا يبدو أن في قطر معارضة واضحة ونشيطة، وخاصة في السنوات الأخيرة، وتعتبر حادثة قبيلة "مرة"، التي سحبت السلطات جنسية الآلاف من أفرادها، أبرز ما عرفته الإمارة، إلى جانب سجن الشاعر "ابن الذيب" قبل أشهر بسبب قصيدة حول الربيع العربي، إذ تسببت تلك الحادثة بردود فعل دولية مستنكرة.
أما بايكر فتقول حول قضية وجود معارضة في قطر: "بعض مدراء تحرير الصحف يتحدثون عن قضايا تشغل بالهم، كما يتناول عدد من الناس الأمور العامة، ويسألون عن قضايا مثل تخصيص الحكومة الكثير من الأموال لبطولة كأس العالم 2022 رغم عدم وجود منتخب قوي، أو السعي لجذب جامعات عالمية في قطر في حين أن معظم الطلاب من الأجانب."
وأضافت: "هناك أيضاً بعض المتشددين من رجال الدين الذين ينتقدون قيام نساء أجنبيات بارتداء ملابس غير مناسبة مع التقاليد المحلية."
أدوار قطر الإقليمية وانقلاب التحالفات
احترفت الدوحة لعبة المحاور خلال السنوات الماضية، مع سلوك سياسي يحافظ على العلاقات مع كافة الأطراف. فقد كانت على علاقة وطيدة بإيران وسوريا وحركة حماس وحزب الله، وما كان يعرف بـ"محور الممانعة"، ولكنها كانت في الوقت عينه ضمن الدول الخليجية النشيطة في "محور الاعتدال" المواجه له، مع استضافتها لقاعدة عسكرية أمريكية كبيرة.
ولكن مع بدء ما يعرف بـ"الربيع العربي"، ظهر تحول في الموقف القطري، وخاصة حيال العلاقات مع سوريا وحزب الله، فقد دعت الدوحة علنا إلى رحيل الأسد ودعم المعارضة التي تقف ضده، لتتفق بذلك مع المواقف الخليجية والسعودية، لتتحمل بذلك انتقادات واسعة من إيران وسوريا وحزب الله.
ورغم صغر حجمها العسكري، إلا أن قطر كانت الدولة الأولى التي عرضت طائراتها لحراسة مناطق حظر الطيران التي فرضتها الأمم المتحدة في ليبيا.
كما أن زيارة الشيخ حمد إلى قطاع غزة قبل أشهر لفتت الأنظار،، حيث كان أول رئيس يزور المنطقة منذ تولي حماس للسلطة، إضافة إلى إعلان حزمة التطوير في غزة بقيمة 400 مليون دولار، علاوة على تقديم مساعدات إنسانية للشعب السوري بقيمة 100 مليون دولار الشهر المنصرم.
ولم تكتف قطر بهذا، بل قامت بعرض مليارات الدولارات كمساعدات لمصر، التي تعاني من تداعيات الثورة التي أطاحت نظام الرئيس حسني مبارك، كما قدمت مساعدات مالية إلى تونس وسط انقسامات حول الموقف من الدوحة ودورها السياسي.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.