القاهرة، مصر (CNN)-- يبدو أن حالة الترقب التي يشهدها الشارع المصري ستستمر لبعض الوقت، مع قرب اعتصامات أنصار الرئيس "المعزول"، محمد مرسي، إكمال شهرها الثاني، وسط انقسام بين قيادات الحكومة الانتقالية حول كيفية فض هذه الاعتصامات، التي يرى كثيرون أنها ليست إلا "مسألة وقت."
ففي مقابل دعوات "فض الاعتصام بالقوة"، تزايدت في أعقاب دعوة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، المصريين للنزول إلى الشارع لـ"تفويض" الجيش والشرطة لمواجهة ما وصفه بـ"الإرهاب"، بدا فريق آخر، داخل مؤسسة الرئاسة، رافضاً لتلك الدعوات.
السيسي يدعو للتظاهر الجمعة.. "تمرد" تدعمه والعريان ينتقد
وتجلت مواقف هذا الفريق، عندما هدد نائب رئيس الجمهورية "المؤقت" للشؤون الخارجية، محمد البرادعي، بتقديم استقالته في حالة إذا ما قامت قوات الأمن أو الجيش باستخدام القوة في فض المعتصمين بميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر"، مما وضع هذا الفريق في مواجهة مع نظرائهم داخل القصر الرئاسي.
وبينما تتزايد شكاوى سكان المناطق التي تشهد اعتصامات مؤيدي مرسي، بسبب "فقدان الأمن"، أو لـ"سوء معاملتهم" من قبل أفراد ما تُسمى "اللجان الشعبية"، التي تم تشكيلها لحماية المعتصمين، سعت جماعة الإخوان إلى استغلال ذلك الانقسام الواضح لدى الفريق الرئاسي "المؤقت"، لتحقيق المزيد من المكاسب.
ورغم أن العديد من قادة الجماعة يصرون على أن "الرئيس مرسي سيكون بيننا خلال أيام"، إلا أن الواقع على الأرض يعكس غير ذلك، حيث عمد منظمو اعتصام رابعة إلى تجهيز الخيام للبقاء لفترات أطول، كما أنشأوا دورات المياه على أطراف الميدان، بل وأقاموا الأفران لصنع البسكويت في عيد الفطر.
حزب الحرية والعدالة: الشعب رد على تهديدات "الإنقلابين" بالعيد
ولا يمثل الاعتصام مشكلة في حد ذاته، سواء للمواطنين أو للأجهزة الحكومية، التي تحرص، بين فترة وأخرى، على تأكيد احترامها للحق في التعبير عن الرأي بصورة سلمية، إلا أنه في كل مرة تدعو فيها جماعة الإخوان أنصارها إلى النزول في "مليونية" جديدة، تشهد القاهرة حالة من الشلل تضرب معظم شوارعها.
وعادةً ما يلجأ أنصار الرئيس "المعزول" إلى إغلاق شارعي النصر وصلاح سالم، بدعوى إقامة مباراة لكرة القدم، أو لتنظيم فعالية ما، بل ويقومون، في كثير من الأحيان، بإغلاق كوبري 6 أكتوبر، الذي يربط شرقي العاصمة بغربها، بدعوى أداء الصلاة أعلى الكوبري، كما قاموا ببناء جدار أسمنتي بأحد مداخل الكوبري.
وأدى قيام معتصمي رابعة بتنظيم مسيرات خارج الميدان، عادة ما تنتهي بمواجهات دامية، سواء مع الأهالي أو مع أفراد الشرطة، إلى تزايد الدعوات بضرورة فض الاعتصام، في الوقت الذي يغلق فيه معتصمو النهضة الطريق أمام الطلاب المتوجهين إلى مكتب التنسيق بجامعة القاهرة، لتقديم أوراق التحاقهم بكليات الجامعة.
الإخوان ينددون بـ"تهديدات" الداخلية ويعززون الدفاعات والمتاريس
ويضع "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، أحد الجماعات المنبثقة عن جماعة الإخوان، عدداً من الشروط، يصفها البعض بـ"التعجيزية"، مقابل إنهاء الاعتصام، أولها "عودة الرئيس محمد مرسي رئيساً للجمهورية"، و"عودة مجلس الشورى المنتخب"، و"عودة العمل بالدستور"، إضافة إلى "محاكمة قادة الانقلاب."
ومما يثير التساؤلات حول الهدف من وراء تلك المسيرات، قام منظمي اعتصام رابعة بإقامة ما وصفوه بـ"مستشفى ميداني" في إحدى قاعات العزاء التابعة لمسجد رابعة العدوية، رغم أن "مستشفى رابعة التخصصي"، أحد المؤسسات العلاجية التابعة لوزارة الصحة، يقع على بعد أمتار قليلة من مقر الاعتصام.
ووفق شهادات أدلى بها عدد من معتصمي رابعة، فإن عدداً من الضحايا الذين سقطوا خلال "أحداث المنصة"، أواخر يوليو/ تموز الماضي، تم نقلهم بواسطة سيارات الإسعاف إلى "المستشفى الميداني"، حيث سُمح لكاميرات وسائل الإعلام بتصويرهم وهم ممددين على أرضية القاعة.
مصر: هل يحل نفي مرسي أو خروجه آمناً الأزمة؟
وأثارت تلك الإجراءات انتقادات لدى كثير من المراقبين، خاصةً أن عدداً من المصابين لفظوا أنفاسهم بعد نقلهم إلى المستشفى الميداني، في حين كان من الممكن إنقاذهم إذا ما تم نقلهم إلى المستشفى الحكومي، كما اتهم مسؤولون بوزارة الصحة أنصار الإخوان بتهديد سائقي سيارات الإسعاف، وإجبارهم على نقل الجرحى إلى المستشفى الميداني.
إلا أن شهود عيان من معتصمي رابعة أكدوا لـCNN بالعربية أن مسؤولي المستشفى رفضوا استقبال الجرحى، رغم أن سيارات الإسعاف، التابعة لوزارة الصحة هي التي كانت تقلهم، بل واتهموا أيضاً قوة الشرطة المكلفة بحماية المستشفى بتحطيم الأجهزة الطبية بالخاصة بالمستشفى الميداني.
قيادي سلفي بعد أحداث الجمعة: يامن فوضت السيسي ستلاحقك الدماء
ورداً على سؤال حول المدى الزمني لاستمرار الاعتصامات، في ضوء "الرفض الشعبي" لمطالب المعتصمين، أفاد المعتصمون بأنهم سيواصلون "مرابطتهم" في أماكن الاعتصام، إلى حين تحقيق مطالبهم، وأولهما "عودة مرسي"، مع عدم احتساب الفترة منذ عزله وحتى عودته، ضمن فترته الرئاسية.
بقي أن نشير إلى أن البعض يرى أن "أفضل عقاب" لجماعة الإخوان هو عدم فض اعتصامات أنصار مرسي، حيث أن ذلك يكبد الجماعة، والجماعات المتحالفة معها، خسائر مالية تُقدر بنحو 60 مليون جنيه يومياً، أي ما يقرب من مليون دولار، ولكن السؤال هو: إلى أي مدى يمكن أن يؤثر ذلك على مقدرات الدولة المصرية؟
مؤيدو مرسي: فض اعتصام رابعة "سيكون كارثة على الفاعل"
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.