القاهرة، مصر (CNN)-- تكاد الأنوف تختنق برائحة الغاز المسيل للدموع في ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة" في مصر. منذ عامين فقط، تحول الغاز المسيل للدموع مظهرا من مظاهر الوجود المصري. تغطي سحابة سوداء سماء القاهرة، تتمدد في فضاء العاصمة فوق المباني المكتظمة والشوارع التي تؤدي فيها الشرطة المصرية والمعتصمون لعبة القطة والفأر.
لا مكان للأوكسجين، الرئة تتضخم بفعل الغازات السامة، قنابل الغاز المسيل للدموع تهاجم المعتصمين. تتحرّك وحدات كبيرة من قوات الأمن والجيش، مدعومة بالجرافات، باتجاه طريق النصر المؤدي إلى مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر وميدان نهضة مصر في الجيزة، تزيل الحواجز الاسمنتية التي أقامها المعتصمون، وتلقي وابلاً من القنابل المسيلة للدموع على خيام الاعتصام، قبل أن تقتحم الاعتصامين.
الضباب الأسود يغطي الطرقات، بفعل الإطارات المحروقة التي أشعلها المعتصمون غضبا. وخارج ميدان رابعة العدوية، تلقي القوى الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع، بينما يحاول أنصار مرسي اختراق صفوف شرطة مكافحة الشغب.
هنا على أحد الجسور، يحاول أحدهم قيادة حافلة كبيرة غطيت باللونين الأزرق والأبيض، تصطدم الحافلة بالرصيف الإسمنتي وتتوقف في منتصف الطريق، ليتخذها المعتصمون مظلة يختبئون وراءها بعد حين.
تصل شرطة مكافحة الشغب المدججة بأسلحتها حيث المئات من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي يتجمعون في ساحة مصطفى محمود. المنظر يرهب الجميع. يقرر المعتصمون التراجع قليلا.
الدخان الأسود يغطي الساحة، ويمكن سماع إطلاق نار من البعيد. على مسافة قريبة، يحاول الطاقم الطبي إنشاء عيادة ميدانية مؤقتة. الوقت يمر بسرعة قياسية في المعركة. الدماء لا تزال تغطي ملابس الأطباء، وفي الخلف غرفة صغيرة، غطيت أرضيتها باللون الأحمر القاني، إذ تقول إحدى الممرضات أن الجثث تتكدس هنا.
يصل مائة مصاب إلى المستشفى، إذ يقول المسعفون إن غالبيتهم أصيبوا بطلقات نارية.
يتكرر المشهد في الشوارع القريبة في القاهرة. لكن ما بات شبه مؤكد أن أم الدنيا لم تعد بلد النيل والأهرام فقط، بل أصبحت أيضا بلد الغاز المسيل للدموع.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.