القاهرة، مصر (CNN)-- خارج مقر الجامعة العربية في العاصمة المصرية القاهرة، حيث اجتمع وزراء الخارجية العربية الأحد الماضي للنظر في الأزمة السورية، تجمع ما لا يزيد عن مائتي شخص حملوا صور الرئيس السوري بشار الأسد، والرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر، في مظاهرة تنديداً بالخطط الأمريكية لضرب دمشق.
ورغم صغر حجم التحرك بالمقاييس المصرية، إلا أنه سرعان ما أثار اهتمام الإعلام، وكذلك خصوم الرئيس السوري، وكادت بعض الاحتكاكات أن تقع، لولا تدخل الجهات المنظمة التي تنتمي إلى تحالف لأحزاب ناصرية مصرية، في مشهد يعكس انقسام الشارع المصري حول الموقف من سوريا، بعد أسابيع على عزل الرئيس محمد مرسي.
فقد أشعلت الخطط الأمريكية لضرب سوريا نفسا عسكريا ممزوجا بالقومية العربية في مصر التي تأثر قسم كبير من شعبها بهذه الروح بعد بروز دور القوات المسلحة المصرية على الساحة المحلية وإزاحة مرسي الذي كان من بين الداعمين للمعارضة السورية.
ومنذ تسلم الحكومة المصرية المدعومة من الجيش للسلطة في القاهرة برز تبدل في الموقف المصري حيال ما يجري في سوريا، فقد رفضت القاهرة بشدة التدخل العسكري الخارجي خلال اجتماعات الجامعة العربية، في الوقت الذي كانت فيه القوات المسلحة المصرية تشن حملة قاسية ضد جماعة الإخوان المسلمين تحت شعار "مكافحة الإرهاب."
ورفع المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، المحسوب على التيار الناصري، سقف التصريحات المصرية قبل أيام، إذ قال إنه بحال تعرض مصر لضربة فذلك سيكون من الشمال، بإشارة إلى الأراضي السورية، مضيفا "الهجوم على سوريا هو هجوم على مصر."
كما انضم الشبان الذين أطلقوا حركة "تمرد" التي نظمت المظاهرات التي انتهت بعزل مرسي إلى الحملة المناهضة للضربة على سوريا، ودعا محمود بدر، الناطق باسم الحركة، إلى إغلاق قناة السويس بوجه السفن الحربية التي قد تشارك بالضربة ودعم "الجيش العربي السوري" بمواجهة القوات الأمريكية، واصفا من يقف إلى جانب الضربة بأنه "خائن" في حين نشرت الصفحة الرسمية لـ"تمرد" صورة للعلم الأمريكي تأكله النيران.
ويشترك صباحي وشبان حركة تمرد في جانب أساسي بشعورهم نحو "الحنين" لفترة صعود القومية العربية التي مثلتها حقبة عبدالناصر، والتي شهدت فترة قصيرة من الوحدة مع سوريا.
ورغم الفوارق الكبيرة بين الناصرية والبعثية، والتي تعتبر بدورها حركة تنتمي للفكر القومي العربي، إلا أن الطروحات الناصرية مازالت متجذرة لدى شرائح واسعة من المصريين الذين اندفع بعضهم إلى المقارنة بين عبدالناصر وقائد الجيش المصري، الفريق أول عبدالفتاح السيسي، الذي حمل بعض المحتجين خارج مقر الجامعة العربية صوره إلى جانب الزعيم المصري الراحل.
ولكن يبدو أن عودة الأفكار الناصرية في مصر تقلق البعض، فلدى العديد من المصريين ذكريات متضاربة حول فترة عبدالناصر، فرغم طروحاته الشعبية إلا أن فترة حكمه شهدت وضع أسس السياسات المتشددة التي مازالت الدولة المصرية تعاني تبعاتها، وعلى غرار الحكومة الحالية قام نظام عبدالناصر بقمع القوى السياسية المعارضة، وبينها جماعة الإخوان المسلمين، في أعقاب فشل محاولة اغتيال استهدفته واتهمت بها الجماعة.
ويقول خالد فهمي، أستاذ قسم التاريخ في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن شعارات المرحلة الناصرة غابت بشكل ملحوظ في أعقاب ثورة "25 يناير" التي أسقطت نظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك. ويرى فهمي أن تلك الثورة عبرت في الواقع عن رفض معادلة الحكم التي وضعها عبدالناصر بتأمين الأمن والاستقرار الاقتصادي على حساب الحقوق السياسية.
ويضيف فهمي أن هذا الأمر تبدل تماما خلال السنة التي تولى فيها مرسي زمام السلطة إذ عاد المحتجون لرفع صور عبدالناصر. واعتبر الأكاديمي المصري أن السبب كان "الخوف من جماعة الإخوان المسلمين ومن سقوط القانون والنظام" ما يعكس حالة "تعب من الثورة."
ويتابع فهمي بالقول: "الثورة خرجت ضد المعادلة التي تخيّر الناس بين الاستقرار والحرية.. لقد أراد الناس الحصول على كليهما، ونعلم أن الحرية تعني بالضرورة الإجابة على أسئلة مهمة تتعلق بالجيش ودوره، إذ أن سياسات عبدالناصر أقحمت الجيش في المعادلة السياسية المصرية ومنحت هذه الهالة من الحصانة، وبالتالي فإن عودة عبدالناصر هو تراجع للثورة."
من مقال لجاريد مالسين في مجلة تايم الشقيقة لـCNN، علما أن المقال لا يعبر إلا أن آراء كاتبه ولا يعكس بالتالي وجهة نظر CNN.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.