نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- شكك الإعلامي والكاتب السياسي لدى شبكة CNN، فريد زكريا، في أهداف الأطراف الدولية المنتقدة للمفاوضات الدولية مع إيران حول ملفها النووي، معتبرا أن الرافضين للمفاوضات لا يمتلكون خططا دبلوماسية بديلة، ما يعني أن جدول أعمالهم لا يتضمن سوى بديل وحيد وهو الحرب.

وقال فريد زكريا في مقاله:

من الصعب التكهن بما سيعقب إعلان الفشل في التوصل إلى اتفاق بين إيران والدول الغربية حيال ملفها النووي، فقد انتهت جولة من المفاوضات عند مستوى معين، ولكن من المقرر أن تستمر المباحثات عند مستويات أدنى بعد عشرة أيام.

وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، أدلى بالتصريحات الأكثر عملية إذ قال: "كان من المعروف على الدوام أن التوصل إلى اتفاق سيكون أمرا صعبا في ظل حالة انعدام الثقة المستمرة منذ وقت طويل". ولكن الجدير بالانتباه هو لهجة المتحاورين بعد انتهاء اللقاء، فقد شدد الجانب الإيراني، وكذلك الأوروبي عبر مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، على أن اللقاءات كانت "إيجابية وبناءة."

ولكن كان هناك بعض الأصوات التي كانت أقل إيجابية، فمن جهة انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المحادثات، وقال مقربون منه إن إيران ستحصل على كل ما تريده دون مقابل. كما برزت انتقادات وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، وقد سمح الموقف الفرنسي المتشدد بظهور الموقف الأمريكي وكأنه معتدل، مع أن التجربة أثبتت بأنه يمكن الاعتماد على فرنسا لتخريب الموقف الأمريكي على الدوام، بصرف النظر عن طبيعته.

ولكن بالنسبة لي تبدو الأصوات السلبية حيال المفاوضات مع إيران متشائمة كثيرا، فالاتفاق الأساسي الذي كان من الممكن التوصل إليه ينص على ضرورة وقف إيران لبرنامجها النووي مؤقتا، بما في ذلك عمليات تخصيب اليورانيوم، لمدة ستة أشهر يصار خلالها إلى إجراء مفاوضات جدية من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي.

الأمر الجوهري هنا هو طبيعة العقوبات التي قد ترفع عن إيران خلال هذه الفترة، والإجابة واضحة، وهي أن الجانب الإيراني لن يحصل على الكثير، فإدارة الرئيس باراك أوباما لم تقترح رفع أي عقوبات أساسية عن إيران أو حتى تعليقها، بل اقترحت القيام ببعض الخطوات الصغيرة. أما الجانب الأوروبي فبدا أكثر مرونة حيال العقوبات، ولكن بناء على ما سمعناه فإن دول أوروبا اقترحت تخفيفا محدودا للعقوبات أيضا.

الخلاف الآن يدور حول ضرورة أن تقوم إيران بتقديم تنازلات كبيرة، ولكن دون أن يكون هناك أي مقابل من الجانب الغربي، وفي الواقع فإن المفاوضات لا تتم بهذه الصورة، بل إن هذا الأمر يشبه الطلب من الجانب الآخر إعلان استسلامه، ما يجعل المرء يتساءل: هل لدى المنتقدين والمشككين بالمفاوضات أي صفقة أفضل يمكنهم طرحها أم أنهم لا يرغبون في حصول الصفقة أساسا ما يفتح الباب أمام حل آخر وهو الحرب؟

في هذه الحالة، فإن الخطر المترتب على مواقف أولئك المعارضين لا يتمثل في فشل مفاوضات جنيف، بل في واقع أن وجهة نظرهم بدأت تحقق الانتصار.

يشار إلى أن المقال لا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.