رأي: كولا وآيفون بأسواق طهران.. جزرة الاقتصاد أفضل من العصا
تنويه من المحرر: مقال كتبه خصيصا لـCNN كورنيليوس أديبهار، الباحث الزميل في معهد كارنيغي للسلام الدولي ومؤلف كتاب "نداء طهران: فهم القيادة الإيرانية الجديدة" وقد عمل أستاذا لمادة العلوم السياسية في جامعة طهران خلال الفترة ما بين 2012 و2013، علما أن ما جاء في المقال يعبر عن وجهة نظره حصرا ولا يعكس بالضرورة رأي CNN.
نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- تواصل إيران سعيها لتلميع صورتها عالميا، في حين تواجه الحكومة الأمريكية مصاعب مستمرة في تفسير التبدل في مواقفها حيال طهران لجمهورها المحلي، والمثال الأخير عن هذا الأمر جرى الشهر المنصرم، خلال ظهور الرئيس حسن روحاني في مؤتمر دافوس، عندما وجه الدعوة إلى كافة الشركات والدول لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في بلاده.
ويبدو أن دعوة روحاني لم تلق آذانا صاغية في واشنطن، فقد حاصر أعضاء الكونغرس وكيلة وزارة الخارجية، ويندي شيرمان، بالأسئلة خلال جلسة استجواب، حول تأثير إقبال الشركات الأجنبية على إيران وإمكانية إضراره بالضغوط والعقوبات الأمريكية على طهران بسبب ملفها النووي.
ولكن فكرة أن الأعمال التجارية يجب أن تظل معلقة لأسباب سياسية ليست فكرة غير واقعية فحسب، بل إنها غير منتجة أيضا، فالقول بوجوب عدم إجراء صفقات تجارية مع إيران يعني أن المشرعين الأمريكيين يقللون من أهمية التواصل السليم في هذه الأزمة، وخاصة مع الجمهور الإيراني الذي يتطلع إلى الشعور بأن اقتصاده قد اقترب من التعافي.
إن قدوم الشركات العالمية على نطاق واسع إلى إيران لا يزعزع الموقف الأمريكي، بل على العكس -- كورنيليوس أديبهار، إذ سيزيد التفاؤل بين رجال الأعمال والجمهور الإيراني بوجود ضوء في نهاية النفق، وسيدعم ذلك موقف الرئيس روحاني بمواجهة خصومه من المتشددين الذين ينتقدون الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة.
صحيح أن نظام العقوبات قد ساعد على دفع إيران نحو طاولة التفاوض، لكن من الصعب تخيل استمرار الدعم الدولي لهذه المعايير المتشددة إذا لم تغيّر الإدارة الأمريكية والدول المتحالفة معها مقاربتها للملف الإيراني مع إظهار طهران إشارات تدل على استعدادها للوصول إلى تسويات. إن الدعوات لمواصلة الضغط على إيران - أو حتى زيادته كما يطلب البعض – دعوات مضللة، فمع المفاوضات الحاصلة ينظر العالم نحو نوع من التسوية -- كورنيليوس أديبهار.
كل من زار العاصمة الإيرانية، طهران، وحتى خلال الفترة السابقة لتولي روحاني السلطة، يدرك أن السوق الإيرانية تحصل على إمدادات وفيرة من المنتجات الغربية، من مشروب كوكا كولا وصولا إلى هواتف آيفون -- كورنيليوس أديبهار، بما يشكل دليلا واضحا على الخيال المبدع للشركات التي تمكنت من إجراء صفقات تجارية رابحة مع بلد يخضع لعقوبات. فالشركات الأمريكية لم تجلس مكتوفة اليدين حيال السوق الإيرانية التي تضم 70 مليون مستهلك، بل زودتها بما تحتاجه من خلال وسطاء، وهناك شركات عديدة تبحث بجدية عن فرص استثمارية في قطاعات النفط والغذاء والمنتجات الكيماوية.
على الولايات المتحدة أن تتصرف بثقة أكبر مع التحضيرات التي يقوم بها القطاع الخاص لدخول السوق الإيرانية، فعوض الحديث عن خطر تراجع تأثير العقوبات يمكن الحديث عن الفوائد التي يمكن جنيها جراء تركيز إيران على "جزرة" تحسين الاقتصاد عوض تخويفها بالعصا فقط.
تنويه: المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه ولا يعكس بالضرورة رأي CNN.