أحلام ليست للفقراء..هل يتمكن أصحاب المليارات من شراء "الفانتازيا" في الشرق الأوسط؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "همَ مين واحنا مين، هم الأمرا والسلاطين، هم المال والحكم معاهم، واحنا فقراء ومحكومين، حزر فزر شغل مخك، شوف مين فينا بيحكم مين" هذا ما قاله الشيخ إمام الرجل الذي كانت أغانيه تطل من ميادين الثورة في مصر، في إحدى أغنياته.
ولكن، إذا كانت أحلام الفقراء بسيطة، لا تتعدى بيت صغير يعيش فيه هؤلاء بسلام، وتوفير قوت يومهم، والتمتع بالصحة الجيدة والسعادة، فما هي أحلام أصحاب المليارات؟ هل ما زالت تتمثل بشراء خاتم من الألماس، أو بناء قصر مشيد، أو حاشية من الخدم تلتصق بهم أينما حطت أقدامهم، أو شراء سيارة فاهرة بملايين الدولارات؟
ويبدو أن الأمر تغير، إذ بات للسلع الفاخرة معنى آخر، لا يشبع طموحات الأثرياء في كل ما سبق ذكره، بل تخطاه إلى الأحلام التي تصبح واقعاً فقط في حياة من يملك المليارات من الدولارات.
وتواجه العلامات التجارية الفاخرة تحديات كبيرة في يومنا الحالي، إذ أصبح العديد منها متاحاً إلى الكثير من الأشخاص، لتتخطى معناها الحصري المقيد فقط بالأثرياء وتتبنى مفهوم أكثر شمولية، من حيث جذب الإيرادات، ما أدى إلى التأثير على فرادتها وأصالتها.
لذا، يوجد اتجاه حالياً بعكس مفهوم الشمولية للسلع الفاخرة، حتى تصبح أكثر حصرية من جديد، وتتمكن من جذب العملاء الأثرياء.
وتعتمد العلامات التجارية الفاخرة في الوقت الحالي على نهجين مختلفين، لتلبية الزبائن الأثرياء وغير الأثرياء، ما يشكل التحدي الأبرز الذي سيواجه أسواق الترف والسلع الفاخرة في العالم.
وقال رئيس شركة "ويلث أكس" المتخصصة في توفير المعلومات عن الأشخاص الأثرياء وتوزيع الثروة في جميع أنحاء العالم، ديفيد فريدمان في مقابلة لموقع CNN بالعربية على هامش مؤتمر الترف في دبي، "The Arab Luxury Conference" إن "شراء السلع الفاخرة يعتبر بمثابة طموحات كبيرة بل ويشبه الأحلام، لذا يجب أن تتمكن السلع الفاخرة من استيعاب المستهلكين الأثرياء وصناعة السلع الفاخرة التي تحقق أحلامهم، ما يؤدي إلى اعتماد النهج الفردي في تقديم السلع الفاخرة لتلبية طلباتهم."
وأشارت بيانات شركة "ويلث أكس" إلى أن الشرق الأوسط يعد المنطقة الرابعة التي تتضمن غالبية أصحاب المليارات في العالم بعد أوروبا، وأمريكا الشمالية وآسيا، إذ يوجد 5300 من الأفراد الفاحشي الثراء (أي الذين يملكون 30 مليون دولار و أكثر) في الشرق الأوسط.
ويشغل أصحاب المليارات في الشرق الأوسط والذين لديهم ثروة مجتمعة تبلغ 354 مليار دولار أمريكي نسبة مئوية أعلى من الثروة الإجمالية مقارنة بالأثرياء في أي منطقة أخرى في العالم. ويتمتع الشرق الأوسط بمعدل ثروة قيمتها 166 مليون دولار للفرد الثري، أي أعلى من المعدل العالمي الذي يبلغ 139 مليون دولار.
وفي مقابل ذلك، أوضحت بيانات "ويلث أكس" أن الإنفاق على شراء السلع الفاخرة في الشرق الأوسط يعتبر أقل من المتوسط العالمي. وينفق الأشخاص الأثرياء حول العالم ما قيمته 848 ألف دولار سنوياً لشراء السلع الفاخرة، مقارنة بالأثرياء في الشرق الأوسط الذين ينفقون ما قيمته 755 ألف دولار للأمر ذاته.
وقال فريدمان إن "الأشكال القديمة لاستخدام وسائل الإعلام في استهداف الأفراد الأثرياء، لن تنجح بعد الآن، إذ يجب أن تعتمد العلامات التجارية على خطة ذكية لتسويق منتجاتها مثل اعتماد النهج التقليدي في تنظيم المناسبات والشراكات."
وتتمثل واحدة من التحديات الكبرى في الشرق الأوسط بأن كل علامة تجارية تعمد إلى تطوير استراتيجية التسويق الخاصة بها، أي الإعتماد على سوق للأثرياء منفصل عن سوق غير الأثرياء.
وأضاف فريدمان أنه "يجب تطوير قدرة المستهلك من حيث تطوير استراتيجية حول ما يمكن أن ينفقه الأثرياء ما في المستقبل وليس ما أنفقه هؤلاء لشراء السلع الفاخرة في الماضي،" موضحاً أن "جميع الأثرياء لديهم حلم بشراء ما ليس لديهم القدرة على شرائه، أي التجربة."
وأكد رئيس "ويلث أكس" أن فإن كل فرد يتمتع بحلمه الخاص عن الترف ولا يوجد حلم مشترك للأثرياء عامة، مضيفا أن "الماركات الفاخرة يجب أن تعمد إلى صياغة التجارب الفريدة من نوعها التي لا يمكن شرائها."
من جهتها، قالت نائبة مدير المبيعات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في فنادق "ريتز كارلتون" لوري ريبيستين لموقع CNN بالعربية: "نحن نبحث عن توفير الأوقات المميزة للزبائن في فنادقنا." وأضافت ريبيستين أن "العطلات والرحلات السياحية والسفر تتمحور حول العائلة بالدرجة الأولى، ونحاول أن نعمد إلى تطوير وابتكار علامتنا التجارية في هذا الخصوص،" لافتة إلى أن "فنادق ريتز كارلتون تهدف إلى خلق تجارب مميزة للعملاء، حتى يتسع مفهوم الفندق أكثر من مجرد مكان للإقامة، ويصبح جزءا من الذاكرة، ونجماً في الأحاديث والقصص التي تروى بين الأصدقاء والعائلة."
وفي السياق ذاته، ذكرت دراسة صادرة عن شركة طائرات "إيرباص" حول سلوك أصحاب المليارات في العالم أن "الأثرياء يتمتعون بشعور بالحزم والتصميم في تحقيق ما يريدون، فضلاً عن ذكائهم الشديد، وتوقهم إلى الخدمات المميزة التي تلبي احتياجاتهم."
ورأت الدراسة أن أصحاب المليارات لديهم 4 احتياجات أساسية فيما يرتبط بترف السفر، تتمثل بمواعيد السفر المرنة والتي تناسب جدول أعمالهم، والخصوصية، والألفة (إذ يريد هؤلاء اصطحاب حاشيتهم الخاصة) والتجارب المميزة الموجهة لتلبية أحلامهم.