فريدا غيتس تروي لـCNN تجربة سفرها من دبي إلى أمريكا بعد فرض حظر الإلكترونيات

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: Frida Ghitis

مقال رأي لفريدا غيتس، كاتبة في الشؤون العالمية لمجلة The Miami Herald and World Politics، وصحفية سابقة في CNN. الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي كاتبتها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

محتوى إعلاني

(CNN) -- كنت في الإمارات عندما أعلنت الحكومة الأمريكية فرض قيود جديدة على حمل الإلكترونيات على متن رحلات معينة من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة.

محتوى إعلاني

عندما انتشرت أخبار الحظر، حاولت أنا وأصدقائي وزملائي اكتشاف التفاصيل. كشف سؤال أحد أصدقائي عن شكوك جديدة حول قرارات واشنطن في هذه الأيام. سألت: "هل هذا شيء يتعلق بترامب؟".

خفّت شكوكي بشأن سبب الإجراء عندما سمعت أن السلطات البريطانية فرضت قيوداً مماثلة. ولكن لم تكتمل راحتي عندما فكرت في أن القيود كان سببها مخاوف مشروعة بشأن هجوم إرهابي قد يستهدف الطائرة التي أسافر على متنها.

وقال أحد أصدقائي: "لديك جواز سفر أمريكي، لذلك لن تضطري إلى تسليم كمبيوترك المحمول." ولكن ذلك غير صحيح. جنسية المسافر ليست عاملاً، وإنما جنسية الشركة. حظر الإلكترونيات، كما وصفه مستخدمو تويتر، لا ينطبق على شركات الطيران الأمريكية. ولكنه طُبق على رحلتي، على متن طيران الإمارات.

أطلقت الخطوط الجوية الملكية الأردنية، إحدى شركات الطيران المتأثرة بالحظر، حملة خفيفة الظل لإعلان القواعد الجديدة. واقترحت 12 شيئاً يمكن القيام بها على متن رحلة لمدة 12 ساعة مع عدم وجود الكمبيوتر المحمول أو الكمبيوتر اللوحي، بما في ذلك التحدث إلى الشخص الذي يجلس بالقرب منك والتعجب من معجزة الطيران. وبشكل منفصل، نشرت تغريدة جاء فيها: "ابقوا معنا للمزيد من المتعة" و"حظر جديد كل أسبوع" – تربط ضمنياً ما بين حظر الإلكترونيات وحظر السفر المثير للجدل الذي يمنع دخول مواطني دول 7 دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة، والذي يُشير إليه العديد من الناس باسم "حظر المسلمين".

وعندما أقلعت رحلتي أخيراً من دبي، في يوم نادر من الإلغاءات المتعلقة بالطقس والتأخير في منطقة الخليج، والطائرة تهتز بسبب الاضطرابات الجوية، لم أكن أشعر بالقل من قنبلة إرهابية. كنت أشعر بالقلق بشأن كمبيوتري المحمول.

منذ البداية، كنت أتساءل كيف سيكون حال الجهاز وأجزاءه الصغيرة الجهاز بعد مناولة الأمتعة والتكدس تحت الحقائب الثقيلة الأخرى والتعرض للهواء البارد القاسي في مقصورة الشحن بالطائرة. كنت أخشى من سرقة الجهاز، وكنت أتساءل عما إذا كان أي شخص قد يخترقه وستولي على محتوياته أو حتى يزرع فيه جهاز تجسس. إذ تعد القرصنة مصدر قلق للصحفيين الذين يسافرون حول العالم.

بذلت قصارى جهدي لتخفيف هذه المخاطر. غلفت الكمبيوتر المحمول وجهاز الـ"iPad" بعدة طبقات من أوراق التغليف ذات الفقاعات الهوائية. بالكاد تمكنت من إغلاقه بعد ذلك، وسمعت فرقعة فقاعات الهواء ​​عندما ضغطت عليه لإغلاقه. ثم في المطار، استخدمت خدمة تغليف الأمتعة. كنت قد رأيتها من قبل، حقائب تُغلف بطبقات من البلاستيك. اعتقدت دائماً أن ذلك كان من أجل من الأمتعة الممتلئة من أن تُفتح عن طريق الخطأ وتسقط محتوياتها خارجها. ولكن اتضح لي فجأة أنها قد تكون وسيلة للحماية من سرقة محتوياتها.

وعند منطقة تسجيل الدخول، قابلت مسافرين من رجال الأعمال في رحلات قصيرة أخبروني أنهم اضطروا لشراء أمتعة من أجل الحصول على شيء لتسليمه للشحن.

وقالت لي شانتال موسى، وهي مواطنة أمريكية تعيش في مدينة شيكاغو الأمريكية والأردن، إنها على قناعة تامة بأن القواعد لا تتعلق بالأمن بل بالأعمال التجارية، وهو جهد من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمعاقبة شركات الطيران في الشرق الأوسط ومساعدة الناقلات الأمريكية. وأشارت إلى الاجتماع الذي عُقد مؤخراً بين ترامب ومدراء شركات الطيران الأمريكية.

طيران الإمارات أنشأت عدة خطوات عند مدخل الصعود إلى الطائرة، تقوم فيها بتحضير أجهزة الكمبيوتر المحمولة والالكترونيات الأخرى الخاصة بركابها للشحن. أخبرني جون جوندوس، أحد كبار موظفي الخدمات في طيران الإمارات، بأننا "أول رحلة في اليوم الأول" لحظر الإلكترونيات. كانت الأمور تبدو أنها تسير على ما يرام. وانزعج عدد قليل من الركاب بعد أن قيل لهم عن طريق الخطأ أن بعض الأشياء، بما في ذلك سماعات الرأس الكبيرة، سيسمح بحملها داخل مقصورة الركاب. ولكن كانت هناك بعض الشكاوى القليلة. بعد سنوات من إجراءات الأمن المرهقة في المطار، تقبل أغلب الركاب الأمر على أنه شيء خارج سيطرتهم.

وجدت أن عدم وجود الكمبيوتر المحمول على متن الرحلة سبباً جيداً للاسترخاء. لم يكن الملل، رغم أن الرحلة استغرقت 15 ساعة، مشكلة. تقدم معظم شركات الطيران ثروة من وسائل الترفيه على متن طائراتها. إلى جانب ذلك، كانت الخطوط الجوية الملكية الأردنية، على حق: تعجب من معجزة الطيران. أنا، عن نفسي، لا أزال منبهرة من التجربة، رغم أني تجاوزت مليون ميل من الرحلات الجوية منذ سنوات عديدة. أستطيع أن أؤكد أن دولة غرينلاند لا تزال أعجوبة من البياض الجليدي، والنظر إلى الأفق من أعلى لا يزال يحبس الأنفاس.

ولكن لا يزال هناك الواقع على الأرض.

لدى وصولي إلى شيكاغو، وهي مدينة لم تكن على خط مساري الأصلي، انتظرت عند خط سير الأمتعة لآخذ حقائبي المغلفة. وصلت دون أي آثار تشير إلى العبث بها. ثم، بعد الجمارك، سلمتها مرة أخرى إلى شركة الطيران وهرعت عبر المطار لألحق رحلة المتابعة. بالكاد لحقتها، وهو أكثر مما أستطيع أن أقوله عن أمتعتي.

بعد يوم طويل من السفر وقطع ما يقرب من 8 آلاف ميل، وأكثر من 24 ساعة منذ غادرت فندقي متجهة إلى مطار دبي، وصلت إلى وجهتي النهائية. وقفت عند خط سير الأمتعة وشاهدت حقائب الجميع تسقط على الحزام الناقل، وأنا أتخيل كمبيوتري المحمول يتخبط بمحتويات الحقيبة. انتظرت وانتظرت. ولم تأت حقيبتي.

قدمت تقرير الأمتعة المفقودة وأنا مرهقة. ووجدت الشركة أن حقيبتي لا تزال في شيكاغو.

تم توصيل حقيبتي أخيراً إلى منزلي في اليوم التالي. تمزق الغلاف البلاستيكي، وكُسر القفل البلاستيكي. والتف حول الحقيبة شريط أبيض يحمل شعار إدارة أمن النقل (TSA) يُعلن بخط كبير أن الحقيبة تم فحصها.

شخص ما فتش محتويات حقيبتي. ووُضعت بطاقة داخلها أخطرتني أن التفتيش تخطى مرحلة تمزيق الغلاف الخارجي.

أنا الآن أكتب هذا المقال على الكمبيوتر المحمول. لم يُسرق. لم ينكسر. هذا ما أعرفه.

نشر
محتوى إعلاني