شبكة "الجزيرة".. هل أصبحت "ورقة مساومة" لتحقيق أهداف أخرى؟

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: AP Photo/ Karmen Jebreil, File

لندن، بريطانيا (CNN)-- الشبكات الإخبارية تكره أن تصبح هي محور القصة. ومن المؤسف لشبكة "الجزيرة" الإعلامية القطرية أنها أصبحت الآن محور أزمة دبلوماسية في الشرق الأوسط.

محتوى إعلاني

إغلاق الشبكة والشركات التابعة لها هو من بين 13 مطلباً قدمتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر لاستعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر.

محتوى إعلاني

وكانت تلك الدول العربية قطعت العلاقات مع قطر في وقت سابق من هذا الشهر، لاتهام الدوحة بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه قطر بشدة، وتقول إنها اتهامات "غير مبررة" ولا "أساس لها من الصحة."

قامت قطر بتأسيس قناة "الجزيرة" لتصبح علامة تجارية عالمية. لكن الشبكة اكتسبت أعداءً من الرياض إلى القاهرة بانتقاداتها للحكومات العربية وتغطيتها الإخبارية حول الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي.

ووصفت "الجزيرة" مطالب إغلاقها بأنها "محاولة يائسة لإسكات الإعلام الحر والموضوعي في المنطقة،" وأضافت في بيان: "نؤكد على حقنا في ممارسة عملنا المهني بحرية واحترافية تامة دون أية قيود من حكومات أو جهات، وتطالب شبكة الجزيرة حكومات الدول الديمقراطية والهيئات الدولية المدافعة عن حرية الرأي وحقوق الإنسان، والمؤسسات الحقوقية الدولية والمؤسسات الإعلامية الحرة في كافة دول العالم بالتنديد بهذه المطالب الخطيرة."

وقال مايكل ستيفنس، وهو باحث في معهد "Royal United Services Institute" في لندن، إن قائمة المطالب من قطر ينبغي أن تُعتبر نقطة انطلاق للمفاوضات.

وأضاف على تويتر: "يبدو منطقياً بالنسبة لي أن هذه المطالب الأكثر قسوة ستكون ورق مساومة لتطبيق المطالب التي تريدها السعودية والإمارات فعلاً." وتشمل المطالب الأخرى وقف إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر وتخفيض العلاقات مع إيران.

وقد ساعدت "الجزيرة"، التي أنشئت قبل عقدين من الزمن في الدوحة، على توسيع نفوذ قطر السياسي من خلال بث برامج باللغة العربية تُشاهد في ملايين البيوت في جميع أنحاء المنطقة.

وأطلقت الشبكة برامج باللغة الإنجليزية استهدفت الأسواق العالمية بما فيها الولايات المتحدة. وفي حين أن قناة "الجزيرة" الإنجليزية ممولة من قطر على غرار قناة "الجزيرة أمريكا" المنكوبة، إلا أنهما كانتا تتمتعان باستقلالية أكبر في التحرير.

غير أن المنهج الصحفي الذي انتهجته القناة جعلها تكسب الأعداء بسرعة. ويقول المحللون إنها أعطت صوتاً للانتقادات الموجهة للحكومات الاستبدادية في منطقة كان فيها ذلك الحديث خارج المألوف إلى حد كبير.

وقال سيمون هندرسون، مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، بعد أربع سنوات فقط من إطلاق القناة: "تعتبر الجزيرة مثيرة وإسلامية وعربية، ولكنها تعكس اهتمامات سياسة الدوحة بطرق أكثر مما قد يهمها الاعتراف به." وأضاف أن "العديد من الحكومات العربية تفضل أن تختفي الجزيرة ببساطة."

وقد أصرت الشبكة منذ فترة طويلة على أن تغطيتها عادلة وغير منحازة، واكتسبت سمعة في الإبلاغ الشجاع عن حقوق الإنسان والسكان الضعفاء.

وقالت الشركة، الجمعة: "ورغم هذه الدعوات الجائرة لتكميم الصوت المستقل، ستبقى شبكة الجزيرة الإعلامية بكافة قنواتها كما عهدها المشاهدون منذ نشأتها قبل 20 عاماً مصدراً للأخبار الموثوقة، تطرح القضايا التي تهم المشاهد في قالب مهني وبتحليلات معمقة. وستحافظ على مهمتها في ممارسة الصحافة المهنية بغض النظر عن الضغوط الممارسة عليها من دول المنطقة، والتي تهدف إلى إسكاتها أو تغيير سياستها التحريرية المستقلة."

ولكن في منطقة تستخدم فيها وسائل الإعلام في كثير من الأحيان كأدوات سياسية، لم تتمكن من تجنب الوقوع في نزاعات جيوسياسية. فعلى سبيل المثال، استدعت المملكة العربية السعودية سفيرها من الدوحة في عام 2002 بعد أن بثت قناة "الجزيرة" تعليقات كانت تنتقد الأسرة الحاكمة. ولم يعد السفير حتى عام 2007.

وحظيت قناة "الجزيرة" بالاهتمام في الولايات المتحدة للمرة الأولى بعد أن بثت مقاطع فيديو لأسامة بن لادن وهو يبرر هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وخلال حرب العراق، انتقد كبار مسؤولي إدارة بوش بشدة تغطية القناة. وقال وزير الدفاع الأميركي الأسبق، دونالد رامسفلد، إن تقاريرها عن سقوط ضحايا بين المدنيين خلال معركة الفلوجة كانت "هراءً فظيعاً".

وفي عام 2003، قُتل أحد موظفي قناة "الجزيرة" وأصيب ثلاثة موظفين آخرين بجروح في غارة جوية أمريكية أثناء دخول أمريكا إلى بغداد. ونفى المسؤولون الأمريكيون أن مكتب القناة كان مستهدفاً.

وأدت الانتفاضات الشعبية خلال الربيع العربي إلى زيادة تعقيد الموقف التحريري للشبكة. إذ اتهمها النقاد بتشجيع الثورات في ليبيا ومصر، لكنهم اعتبروا أن تغطيتها للمعارضة في البحرين المجاورة كانت "جبانة".

وكانت آخر أزمة حول مصر. إذ كانت السعودية والإمارات من الداعمين الرئيسيين للقرار العسكري بإبعاد مرسي، زعيم جماعة الإخوان المسلمين، عن السلطة. وجماعة "الإخوان المسلمين" هي حركة إسلامية تعتبر منظمة إرهابية من قبل السعودية والإمارات.

أما قطر فكانت من أكبر مؤيدي مرسي، وشككت "الجزيرة" في شرعية خلفه الرئيس عبدالفتاح السيسي. وسرعان ما وجه دعم الشبكة للحركة المصرية اهتمام الحكومة المصرية الجديدة التي اعتقلت في عام 2014 ثلاثة صحفيين يعملون في قسم اللغة الإنجليزية للقناة.

وتوّج النزاع بإغلاق قناة "الجزيرة لايف مصر"، وهي شبكة تابعة لها، في عام 2014. وأطلق سراح الصحفيين فيما بعد.

وقد واجهت "الجزيرة" الرياح المعاكسة على الجبهة الاقتصادية أيضاً. إذ رغم الإشادة بمستواها الصحفي، إلا أن الشبكة تخلت عن شبكتها الأمريكية – "الجزيرة أمريكا" - في عام 2016 بعد أن فشلت في جذب جمهور.

كما حدث انخفاض حاد في الوظائف في المكتب الرئيسي.

نشر
محتوى إعلاني