النفط السعودي سلاح قوي.. لكن استخدامه له مخاطر كبيرة
(CNN Business)-- قبل 45 عاما، قطعت السعودية وحلفاؤها إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل. تضاعفت أسعار النفط 4 مرات، ما أدى إلى صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي.
الآن، تواجه المملكة تهديدات بالعقاب على خلفية قضية الصحفي في جريدة واشنطن بوست، جمال خاشقجي، وتتحدث عن الانتقام إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها. حتى أن أحد المعلقين السعوديين البارزين ألمح إلى أن النفط يمكن استخدامه مرة أخرى كسلاح.
وحذّر تركي الدخيل، المدير العام لقناة العربية الإخبارية المملوكة للسعودية، الأحد الماضي، في مقال رأي، من أن الولايات المتحدة ستقوم "بطعن اقتصادها حتى الموت" وأن أسعار النفط سترتفع الى 200 دولار للبرميل إذا فرضت واشنطن عقوبات على الرياض.
بقيت أسعار النفط ثابتة يوم الإثنين، ما يشير إلى أن الأسواق رفضت في الوقت الراهن المخاطر المتمثلة في أن السعودية قد تقيد الإمدادات. وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في حديث له في الهند، الإثنين، إن المملكة ستواصل العمل "كالبنك المركزي لسوق النفط" للحفاظ على توازن العرض والطلب وفقا لتقارير إعلامية.
ولكن إذا تصاعدت الأزمة حول خاشقجي، فإن هذا الالتزام يمكن أن ينهار، وفقا لقول خبراء النفط.
وقالت هيليما كروفت، كبيرة المحللين الاستراتيجيين للسلع في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" إن التهديد الخطابي بحجب الإمدادات الإضافية "يمكن بالتأكيد أن يمارس بعض الضغط الصعودي على الأسعار".
وأضافت كروفت أن المملكة يمكن أن تذهب إلى أبعد من ذلك من خلال زيادات بطيئة في الإنتاج لتعويض انخفاض الإمدادات الإيرانية عندما تدخل العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ في الشهر المقبل.
سد الفجوة التي خلفتها إيران
وتضخ السعودية نحو 10.5 مليون برميل من النفط يوميا وفقا لبيانات أوبك. وكانت قد ذكرت في وقت سابق أنها ترغب مع روسيا في سد الفجوة التي خلقتها عودة العقوبات على إيران.
وقال بيورنار تونهاجين، رئيس أبحاث سوق النفط في "ريستاد انرجي": "نتوقع تراجع إنتاج إيران من الخام بما يقرب من مليون برميل يوميا". وأضاف أن المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة التي لديها طاقة إنتاجية احتياطية، للتعويض عن مثل هذه الخسائر.
لقد تغيرت أسواق النفط العالمية من خلال مضاعفة الإنتاج الأمريكي خلال العقد الماضي. لأول مرة منذ عام 1973، تعتبر الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط الخام في العالم، وفقا للتقديرات الأولية التي نشرت الشهر الماضي.
ونتيجة لذلك، فإن أمريكا أقل اعتماداً على النفط السعودي إلى حد كبير. في عام 2017، استوردت الولايات المتحدة 9٪ من نفطها من المملكة، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وقد انخفضت الواردات من المملكة العربية السعودية إلى النصف خلال 25 عامًا.
لكن العالم، والولايات المتحدة ما زالا بحاجة إلى النفط السعودي. بينما انخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط السعودي، تظل المملكة المصدر رقم 2 للنفط الأجنبي في الولايات المتحدة، بعد كندا.
فقاعة ومن بعدها لكمة عنيفة؟
إن أي تحرك من جانب السعوديين لخفض العرض من شأنه أن يدفع الأسعار العالمية إلى الارتفاع، ما يؤدي إلى إصابة السائقين في جيوبهم، الأمر الذي يزيد من التضخم الذي يهدد بالفعل تألق الاقتصاد الأمريكي.
مثل هذه الصدمة النفطية ستأتي في وقت حساس للغاية. فقد انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوبك، مشيراً إلى أنه قلق بشأن تأثير ارتفاع أسعار البنزين على الانتخابات النصفية الشهر المقبل. وقد ساعدت المخاوف بشأن التضخم في ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، مما أدى إلى موجة من الاضطرابات في وول ستريت.
وقال روبن ميلز، الرئيس التنفيذي لشركة "قمر إنرجي"، لـCNN: إن بلوغ مستوى 100 دولار للبرميل بنهاية العام "ليس مستحيلاً" إذا ما تم تخفيض الإنتاج السعودي.
إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر. يمكن أن ينتهي الأمر بالمملكة العربية السعودية بإطلاق النار على قدمها.
وأضاف ميلز أنه من مصلحة السعودية إبقاء الأسعار معتدلة لتجنب الأضرار الاقتصادية العالمية وتراجع الطلب وخسارة حصتها السوقية لصالح الإنتاج الصخري وتشجيع التقنيات غير النفطية مثل السيارات الكهربائية.