رأي.. كيف تسعى باكستان لإعادة تشكيل صورتها الاقتصادية؟

نشر
5 دقائق قراءة

مقال رأي للزميل جون دفتريوس، المتخصص في الأسواق الاقتصادية الناشئة. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

محتوى إعلاني

داخل قاعة خشبية يحرسها جنديان يرتديان ملابسهما العسكرية، تعهد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بإعادة تشكيل الصورة الاقتصادية لبلاده.

محتوى إعلاني

ومتحدثا أمام حضور مكون من 60 مديرا تنفيذيا ورائد أعمال أتوا إلى باكستان لحضور "منتدى قادة إسلام أباد"، استخدم لاعب الكريكيت العريق تجربته للحديث عن التحديات التي تواجهها باكستان لعقود طويلة.

وقال خان: "أولئك الذين يحققون النجاح في الحياة هم من يقبلون على المخاطر، لا نصل إلى القمم التي نسعى إليها، وفي معظم الوقت نضحي بأحلامنا في الأوقات الصعبة".

ويمكن وصف ما يجري حاليا بالأوقات الصعبة، فما يجري من توتر مع الجارة، الهند، والفساد المتوسع، إضافة إلى أشكال العنف والإهاب في البلاد، كل ذلك يفهمه خان ويدرك التحديات المقبلة على هذا البلد الذي يحتوي سوقا ناشئة فيها أكثر من 200 مليون مستهلك.

وقال رئيس الوزراء الباكستاني: "باكستان تنفتح على العالم مع تغير طريقة التفكير في البلاد".

شعرت بأن هناك حاجة للاستعجال للمضي قدما في هذا البلد للمرة الأولى منذ سنوات طويلة. رئيس الوزراء وحكومته يدركون أهمية تحسين العلاقات مع الهند، وتحقيق الإصلاح الاقتصادي، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي لا يتجاوز الـ3 مليارات دولار سنويا بسبب حالة عدم الاستقرار الداخلي والإقليمي.

وفي المنتدى، الذي استمر لمدة يومين، أكد جميع المسؤولين الكبار في الحكومة الباكستانية، ومنهم رئيس أركان القوات المسلحة على ضرورة الوصول إلى الأهداف. ففي مقابلة سريعة أجريتها مع وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، لم يتوان عن الإدلاء بدلوه في مجال عادة ما يتحدث فيه وزير المالية.

تحدث قريشي عن مواجهة الفساد، حتى وإن طال ذلك أعضاء في الحزب الحاكم، فقد قال قريشي: "ستتم إقالة أي فاسد، ليكون مثالا للآخرين".

وقد حققت باكستان تطورا في محاربة الفساد حتى قبل وصول الحكومة الحالية إلى السلطة، فاحتلت المرتبة الـ 117 من بين 180 دولة على تقرير مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، لترتفع 22 مرتبة خلال السنوات الستة الماضية.

وبدءا من الأسبوع الأول من شهر مارس/ آذار الجاري، وصلت قيمة الاحتياطي الأجنبي إلى 8 مليارات دولار، ما يعد كافيا لمدة 3 أشهر لا أكثر.

وبوجود مساحة بسيطة للتصرف بفضل الحلفاء الإقليميين، تسعى باكستان للتوصل إلى شروط أفضل في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، حتى تتمكن بذلك من الحصول على حزمة إنقاذ للمرة الرابعة عشر منذ ثمانينيات القرن الماضي. وزراء في الحكومة قالوا لي إنه وبعد تراجع رئيس الوزراء الباكستاني عن تصعيد الهجمات العسكرية ضد الهند، كان من الواضح أن تركيزه الأساسي هو على التطوير وليس خلق صراع جديد.

وقال وزير الخارجية قريشي: "الرسالة من باكستان واضحة جدا، نحن نريد السلام لأن هذا هو هدفنا الأساسي. باكستان قد تكون هي موطن تحقيق الأحلام، ولأجل ذلك، نحن بحاجة للسلام مع جيراننا، والهند هي جارتنا".

من جهة أخرى، قال لي مسؤولون سابقون في الجيش الباكستاني إن التوتر سيبقى موجودا حتى انتهاء الانتخابات في الهند في مايو/ أيار المقبل. التخوف هو أن يثير رئيس الوزراء ناريندرا مودي الحماس الوطني لمواجهة الغضب المتصاعد من البطالة برغم النمو الاقتصادي الذي وصلت نسبته إلى 7٪.

وعلى باكستان أيضا العمل على إعادة تأسيس علاقاتها مع واشنطن، والتي أصبحت سيئة خلال فترة ترامب الرئاسية، حين خفض الرئيس الأمريكي من المساعدات العسكرية والاقتصادية لباكستان في نوفمبر الماضي بحجة أن "باكستان لا تقدم أي شيد بالمقابل." الإدارة الأمريكية تستمر في الوقوف إلى جانب الهند، مؤكدة أن على باكستان التوقف عن إيواء الجماعات الإرهابية.

وقال مسؤولون باكستانيون إن واشنطن لا تحظى بشعبية كبيرة بين الباكستانيين اليوم، ولكنها تبقى قوة كبيرة. ولطالما كان الأمر صعبا بالنسبة لباكستان في إحداث التوازن خصوصا في منطقة خالية من الاستقرار، ولكنها تطمح في الوقت ذاته إلى ركوب موجة النمو في آسيا، خصوصا بعد تعهد من الصين باستثمار أكثر من 50 مليار دولار في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، كجزء من مبادرة "حزام واحد طريق واحد".

نشر
محتوى إعلاني