كيف يتغير شكل الصفوف المدرسية والمؤسسات التعليمية في دول الخليج؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كيف ستبدو الصفوف الدراسية والمؤسسات التعليمية في المستقبل؟ قد لا تكون هناك إجابة أكيدة لذلك، ولكن في ظل الجهود المبذولة في دمج التكنولوجيا مع التعليم، ليس من الصعب استنتاج أن صفوف المستقبل ستكون مسلحة بأدوات وبرامج متطورة من شأنها تحويل واقع التعليم ونقله إلى آفاق لم نفكر بها من قبل.
وتُعد المملكة المتحدة رائدة على مستوى العالم في تطوير تكنولوجيا التعليم، إذ قامت عدد من الشركات بالفعل بوضع بصمتها في دول الخليج، بينما يُعتبر بعضها الآخر في صدد الوصول إلى اتفاقيات من أجل الارتقاء بمجال التعليم في المنطقة.
ومن تلك الشركات البريطانية الرائدة هي "Kinteract"، والتي يعمل تطبيقها على توفير رحلة تعليمية شخصية ترافق الطلبة من الطفولة إلى المرحلة الجامعية، إضافةً إلى شركة "BrightSign" التي ابتكرت قفازاً من شأنه إحداث فرقاً في حياة الطلبة من ذوي الإحتياجات الخاصة.
ما هو موقع دول الخليج عندما يأتي الأمر إلى دمج التكنولوجيا مع التعليم؟
وعلى مر العقود، أصبح تأثير التطور التكنولوجي واضحاً بشكل أكبر في العالم، ويرى عمر فاروقي، وهو مؤسس ورئيس الشركة العالمية للتعليم البديل "Coded Minds"، والتي يقع مقرها في دبي، أنه لا يمكن إيقاف هذا التطور، ولذلك، "يجب توظيفه بإخلاص داخل صفوفنا أيضاً"، بحسب ما قاله في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
ورغم وجود بعض المخاوف المتعلقة باستخدام التكنولوجيا في الفصول الدراسية، إلا أن غالبية الآباء والأمهات في منطقة الشرق الأوسط يعتقدون أن إيجابيتها تفوق سلبياتها، إذ يؤمن 75% منهم بقدرة الذكاء الاصطناعي على جعل التعليم أكثر متعة، وذلك بحسب نتائج استبيان أجرته شركة بيرسون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تُعد شركة التعليم الرائدة في منطقة الشرق الأوسط.
وعبر دمج التكنولوجيا في الصفوف، توفر المدارس في دولة الإمارات العربية المتحدة ومن حول العالم مناهج ترتكز على الطلبة بشكل أكبر، حسب ما قاله أوزهان توكتاس، وهو المدير الإداري لشركة بيرسون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وأكّد توكتاس على فوائد التكنولوجيا قائلاً: "مع القدرة على تعزيز العلاقة بين المعلمين والطلبة، تمكن التكنولوجيا المعلمين من النمو لاتخاذ دور مرشد، وخبير بالمحتوى، ومُدرب"، مضيفاً: "في الأعوام الأخيرة، شهدنا تركيزاً وتحولاً قوياً باتجاه التكنولوجيا، إضافةً إلى قيادتها لنتائج تعليمية أفضل. وبالتالي، أصبحت التكنولوجيا مهمة وضرورية للغاية اليوم من أجل تعزيز مهارات القرن الـ21 لدى الطلاب".
ورغم وجود إيمان كبير بقدرة التكنولوجيا على تطوير مجال التعليم، إلا أن ذلك يكمن في استخدام التكنولوجيا بالطريقة الصحيحة، فقال فاروقي: "لم تغيّر التكنولوجيا الفصول الدراسية في دول مجلس التعاون الخليجي.. ويتم استخدامها أكثر من أي وقت مضى، ولكننا سنظل في حالة ركود حتّى نقوم بتقييم الهدف الأساسي. ويجب أن ندع التكنولوجيا تكون أداة، وليس الهدف النهائي".
تطبيق يُركّز على الطالب ويُخفف من عبء المعلمين
ومن الشركات البريطانية التي تسعى إلى تطوير مجال التعليم في منطقة الخليج هي شركة "Kinteract" التي تدعم التعليم عبر تطبيق يمزج بين علوم البيانات والخبرات البشرية.
وصُمم تطبيق "Kinteract" ليتيح للمعلمين تتبع ومشاركة ملاحظاتهم بسهولة وأمان، وذلك من خلال وسائط مختلفة مثل الدردشة، وتسجيلات الفيديو، والتسجيلات الصوتية.
ويتمكن من استخدامه المعلمون وأولياء الأمور، وليس الطلبة فقط، ويسمح ذلك لجميع الأطراف بمراقبة تقدم الطلبة، وتحديد أي مشكلة تحتاج إلى اهتمام فوري.
ويُمكّن هذا التطبيق المعلمين من خلق تجربة أكثر شخصية للطلبة أيضاً عبر وضع خطط تعليمية للتلميذ بشكل فردي.
ولا تكمن فائدة التكنولوجيا في جعل التعليم أكثر متعة فقط، إذ يمكنها أن تساعد المعلمين في تطوير أنفسهم بدلاً من الإنشغال بالمهام الإدارية، وفقاً لما قاله فاروقي.
ولا يتيح تطبيق "Kinteract" الإبلاغ عن التقارير في الوقت الحقيقي فقط، وفقاً لما ذكره المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "Kinteract"، شهزاد نجيب، بل إنه يؤدي إلى "تمكين المعلمين من التنبؤ بالتقدم، ومعالجة احتياجات التعلم الفردية بدون زيادة عبء العمل".
واعتمدت بعض المدارس الخاصة الدولية بالفعل على الخدمات التي يوفرها تطبيق "Kinteract"، إضافة إلى برامج المدارس المستقلة في العاصمة الإماراتية أبوظبي. وتهدف الشركة إلى توسيع نطاقها إلى دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً.
ماذا عن دور التكنولوجيا في جعل التعليم أكثر شمولية؟
ويؤمن توكتاس بقدرة التكنولوجيا على جعل الفصول الدراسية أكثر شمولية للطلاب من ذوي الإحتياجات الخاصة، فقال: "مع استخدام التكنولوجيا، يستطيع الطلبة من ذوي الإحتياجات الخاصة الوصول إلى التعليم، وبرامج التعليم المختلطة. ويحررهم ذلك من الحاجة المستمرة لتدخل مباشر من المعلمين".
ويمكن رؤية هذا التأثير الإيجابي للتكنولوجيا من خلال القفازات الذكية التي ابتكرتها شركة "BrightSign".
ويُتيح هذا القفاز الأفراد الذين يعانون من الإعاقات السمعية أو الكلامية من التواصل مع الأشخاص عبر تحويل الإشارات اليدوية إلى نص وصوت، إذ يتضمن القفاز شاشة ومكبر صوت، بحسب ما أوضحته المؤسِّسة ومديرة التكنولوجيا التنفيذية في شركة "BrightSign"، هديل أيوب، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وأشارت أيوب إلى أن القفاز يسمح بتكوين محادثة بين طرفين أيضاً، فإذا كان المُستخدم أصم على سبيل المثال، وكان هناك شخص يتحدث معه، يستطيع القفاز تسجيل الكلام وتحويله إلى نص يظهر على شاشة القفاز.
ويتيح قفاز "BrightSign" للمستخدمين ترجمة إشارات اليد التي يقومون بها إلى لغات لا يعرفونها، ويتمتع حالياً بقدرة الترجمة إلى أكثر من 30 لغة مختلفة تتضمن الإنجليزية والعربية.
ولدى القفاز ميزات قابلة للتعديل لتحقيق رغبات مستخدميه المتنوعين، ويوجد أكثر من 180 خياراً يُمكّن المستخدم من تعديل "صوته" بالطريقة التي يرغب بها لتناسبه سواءً كان ذكراً أم أنثى، صغيراً أم كبيراً في السن.
وأكّدت أيوب: "نحن نرغب في أن يكون شخصياً بقدر الإمكان للمستخدم"، موضحة: "لدينا أيضاً لهجات مختلفة، منها إنجليزية وبريطانية، وأمريكية، وأسترالية. وفي اللغة العربية، لدينا اللهجة المصرية، والأردنية، والسعودية".
وعادةً، يتم وضع الطلاب من ذوي الإحتياجات الخاصة في صفوف دراسية خاصة بهم، أو يجب أن يرافقهم "معلم ظل" في الفصل، بحسب ما قالته أيوب.
وأوضحت أيوب أنه يمكن لتوفير التكنولوجيا أن يجعل الصفوف أكثر شمولية للطلبة من ذوي الإحتياجات الخاصة، وأكّدت قائلةً: "لا يمكننا القيام بذلك بدون التكنولوجيا، وهو أمر مستحيل تقريباً".