تحليل: ألمانيا الاقتصاد الأكبر في أوروبا.. ماذا لو بدأ في الاتجاه إلى اليسار؟

نشر
7 دقائق قراءة

لندن، المملكة المتحدة (CNN Business)-- تستعد أنغيلا ميركل للتنحي عن منصبها كمستشارة ألمانيا بعد 16 عامًا، وبذلك يبدأ عهد جديد لأكبر اقتصاد في أوروبا.

محتوى إعلاني

ومن الصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات يوم الأحد، كما أن معرفة أداء الحكومة الجديدة قد تستغرق أسابيع أو أشهر.

محتوى إعلاني

لكن عندما تتضح الأمور، تشير استطلاعات الرأي إلى أن المستشار الجديد قد يكون زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يميل إلى اليسار أولاف شولتس. وشولتس هو من قاد الاقتصاد الألماني خلال جائحة كورونا باعتباره وزير المالية بتحالف مع ميركل. فيما قد يصل عدد حزب الخضر إلى أكثر من الضعف في البرلمان.

ومن المتوقع أن يتحالف حزب شولتس  وحزب الخضر مع الحزب الديمقراطي الحر الذي يدعم قطاع الأعمال، ما يؤمن لهم نفوذًا كافيًا لتحويل الأجندة الاقتصادية للبلاد نحو اليسار.

وقد ترتفع الضرائب ومعدل الإنفاق، في الوقت الذي يعتزم فيه القادة السياسيون مضاعفة الرقمنة والسياسات المناخية. وقد لا تتصدر الديون الحكومية الآخذة في الارتفاع أولويات الحكومة المقبلة.

يقول كارستن برزسكي، وهو مدير أبحاث الاقتصاد الكلي في "آي.إن.جي": "سيجلب التحالف بين الخضر والليبراليين أحدث قوى الابتكار، وهو ما لم تشهده حكومة ألمانية منذ بعض الوقت".

زيادة الإنفاق والقلق تجاه ما بعد

تشير المصارف العالمية إلى أن النتائج النهائية لمناورات الأحزاب في مرحلة ما بعد الانتخابات ليست مؤكدة، وتنصح المستثمرين بالتحضير إلى نتيجتين محتملتين: تحالف بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، أو فوز بفارق ضئيل لحزب اليمين الوسط التابع لميركل، أي الاتحاد الديمقراطي المسيحي بزعامة أرمين لاشيت، الذي قد يحتاج إلى التحالف مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر.

وقد يأتي الخيار الأخير باليسار، لكنه أقل دراماتيكية من التحالف بين الحزب الديمقراطي الاشتراكي والخضر واليسار. وقلّل المحللون من احتمالية هذه النتيجة التي قد تفاجئ المستثمرين أيضًا بأن يتمخض عنها جهود أكثر طموحًا لإعادة توزيع الثروات وفرض الضرائب.

وبصرف النظر عن الائتلاف الذي سيتسلم زمام الأمور، سيتوجب عليه إدارة الانتعاش الاقتصادي المستمر من جائحة كورونا. فمن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الألماني بنسبة 2.9% هذا العام و 4.6% العام المقبل بعد انكماش شهده بنسبة 4.9% في 2020، بحسب آخر توقعات صدرت عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

لكن البيانات الأخيرة تظهر تراجع هذا الزخم، حيث هبط مؤشر IFO، الذي يراقب مناخ الأعمال في البلاد للشهر الثالث على التوالي في سبتمبر/ أيلول، وفقا لبيانات صدرت الجمعة. 

ومن المحتمل أن يترتب على تباطؤ النمو في الصين وتراجع سلسلة الإمدادات وأسعار الغاز الطبيعي المرتفعة الكثير من الآثار السلبية.

وقد يزيد هذا الانخفاض الضغط على قادة البلاد الجدد لإلغاء القوانين المالية الصارمة لكي يستمروا في يالإنفاق على الاقتصاد المحلي.

وكانت البلاد قد فرضت ما سمته "فرملة الديون" المنصوص عليها في الدستور في عام 2009، بعد الأزمة المالية باستثناء بعض المرات. وبسبب الجائحة تم تعليق قوانين الدين حتى العام 2023، ما سمح للألمان بالاستدانة أكثر، إذ ارتفعت نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي بنسبة 70% في عام 2020.

ولكن فيما تعتبر هذه النسبة ضئيلة إذا ما قارناها بالولايات المتحدة، حيث من المتوقع أن يتجاوز حجم الدين إجمالي الناتج المحلي السنوي، تتطلع الأحزاب الوسطية الألمانية إلى أن تكون المالية العامة تحت السيطرة. أما حزب الخضر فيسعى إلى تخفيف قوانين الدين.

ويعتقد كل من الاستراتيجيين في "يو بي اس" دين تيرنر و ماكسيميلين كنكل أن "فرملة الديون" الذي أصبح المبدأ الأساسي في التحفظ المالي الألماني قد تبقى سارية المفعول بما أن إلغائها قد يتطلب ثلثي الغالبية في البرلمان.

ويعتقدان أن قادة ألمانيا الجدد سيجدون سبلا أخرى لزيادة الإنفاق لمواجهة التغير المناخي، وهي مسألة حظيت بأهمية كبرى بعد أن اجتاحت البلاد الفيضانات في يوليو/ تموز.

"ما يجمع بين جميع الأحزاب هو ضرورة معالجة التغير المناخي"، بحسب ما كتب تيرنر وكنكل في تقرير بحثي، فبصرف النظر عن التحالف الفائز، "سيشهد الاستثمار في البيئة ارتفاعاً".

معالجة التغير المناخي

يتوقع برزكي أن التحالف الحاكم المقبل مهما كانت تركيبته فإنه سينتج عنه أداة استثمار مميزة، لتجنب "فرملة الدين" مما سيتيح تدفق الأموال على المبادرات الخضراء.

وقد تتغير بعض الجداول الزمنية من خلال حكومة تحالف أكثر ليبرالية.

"من المرجح أن يدفع (الخضر) الاقتصاد الألماني إلى الإسراع بالانتقال إلى الطاقة الخضراء كشرط للمشاركة في الحكومة"، بحسب تقرير أعده غولدمان ساكس لعملائه.

ودعا حزب الخضر إلى تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة بنسبة 70% من مستويات الفترة من عام 1990 إلى 2030 مقارنة مع هدف الحكومة الحالية البالغ 65%.

كما أنه يريد إقفال المحطات العاملة بالفحم بحلول نهاية العقد الحالي وليس بحلول 2038، وألا تصدر السيارات الجديدة أي انبعاث للغاز بحلول هذا الوقت أيضاً.

وهذا ما قد يثير التصادم مع أكثر القطاعات الألمانية نفوذًا في الأعمال. إذ أعلنت فولسفاغن الألمانية في آخر تحديث لاستراتيجيتها أن 50% من مبيعاتها ستأتي من سيارات الكهرباء بحلول العام 2030 على أن تصل هذه النسبة إلى 100% في العام 2040.

وقد يتأتى عن حجم تدخل الدولة في هذا الموضوع بعض الحساسيات بين أعضاء التحالف.

وأضاف برزكي: "سيكون الجدل الأكبر: كيف تغير سلوك الأشخاص؟ هل تفعل ذلك عن طريق الحوافز أم من خلال تثقيفهم أم عبر رفع الأسعار والتكلفة؟"

وقد تعني حكومة تميل إلى اليسار في ألمانيا زيادة الضرائب على أغنى الأغنياء الألمان، إذ يقترح الحزب الديمقراطي الاشتراكي فرض ضريبة جديدة على من لديهم ثراء فاحش.

ولكن تؤكد المصارف أنه من غير الواضح كيف ستسير الانتخابات، وقد يفوز الاتحاد الديمقراطي المسيحي ما يجعل من ألمانيا أكثر حفاظاً على مسارها المالي والاقتصادي الحالي.

نشر
محتوى إعلاني