رأي.. ما هو دور الذكاء الاصطناعي في خدمة الاستدامة وتعزيز المساواة بين الجنسين؟
هذا المقال بقلم بهاء حمادة، نائب رئيس الاتصالات، مجموعة المعرفة المتعمّقة، والآراء الواردة أدناه تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.
أصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة لغة جديدة ومن أهم أوجه العصر الحديث. حقق التعلّم الآلي تغيرات جذرية في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حول العالم. على سبيل المثال، أدّى الانتشار السريع لوسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين الاجتماعيين إلى تحويل مفهوم الرأي العام إلى أبرز قوة اجتماعية وسياسية على مستوى العالم. ويحظى الذكاء الاصطناعي والخوارزميات بمكانة خاصة في صميم هذه الحركة، باعتبارهما حجر الزاوية لوسائل التواصل الاجتماعي. لعله من الحكمة استخدام عبارة "القوة للشعب" كشعار للتكنولوجيا في يومنا هذا.
لقد جعلت التكنولوجيا حياتنا أفضل، وأدّت إلى إمكانيات أقوى وأسهل وأسرع للتواصل بين الناس. عززت التكنولوجيا سبل تبادل المعرفة وسمحت بإمكانية وصول أكبر إلى كل شيء تقريبًا. والأهم أننا نشهد ترابطًا إيجابيًا بين التكنولوجيا والمصلحة العامة.
أثّرت التكنولوجيا بشكل إيجابي على حياة الإنسان منذ فجر الحضارات من خلال حل مشاكلنا اليومية وتسهيل حياتنا وسبل عيشنا. مع استمرارنا في مواجهة بعض التحديات السياسية والاجتماعية والبيئية الأكثر إلحاحًا، ستعتمد البشرية بشكل متزايد على التكنولوجيا كقوة متنامية من أجل المنفعة العامة.
ويعود الخيار لنا لاستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي بشكل أخلاقي وفعّال، لا سيما في عالم تسوده الفوضى، حيث بإمكان التطبيقات التقنية المختلفة أن تلعب دورًا مفيدًا للغاية في تعزيز الاستجابة لحالات الطوارئ، وتوطيد النشاط الاجتماعي، ومساعدة البشرية على الدفاع عن العدالة البيئية. يعتمد العديد من العلماء اليوم على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في جهودهم لخلق مستقبل خالٍ من الكربون.
يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا المستثمرين ومديري المخاطر على تحليل البيانات المتعلقة بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة، وذلك لاتخاذ قرارات استثمارية أفضل وأكثر مسؤولية.
في بعض الثقافات، تُستخدم التكنولوجيا لتقديم طرق بديلة للدفن، إذ تحل "الجنازات الخضراء" محل حرق الجثث، والتي تعد عملية ثقيلة على البيئة من حيث الانبعاثات، إذ أنها تطلق 400 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في دعم الشيخوخة الصحية
عززت التكنولوجيا جودة حياتنا، لا سيما بين فئة كبار السن. لقد أتاحت لهم طرقًا أسرع للتواصل والبقاء على اتصال مع أحبائهم، وهو أمر مهم لتعزيز الصحة العقلية وتوطيد الترابط الاجتماعي. تتيح لنا التكنولوجيا أيضًا فرصة العيش لفترة أطول وبصحة أفضل. من المتوقع أن يصبح قطاع الشيخوخة الصحية، الذي يضم التكنولوجيا العميقة والبرمجيات التي تهدف إلى تحسين الصحة وإطالة العمر، من أكبر القطاعات وأكثرها تطورًا على الإطلاق. ومن المتوقع أيضًا أن يحقق هذا القطاع معدل نمو سنوي مركب قدره 3٪ ليصل إلى 23 مليار دولار أمريكي في دولة الإمارات بحلول عام 2026.
كما أصبحت روبوتات قراءة الدماغ القائمة على خوارزميات التعلّم الآلي حقيقة واقعية. إن ذراع الروبوت الموصّل بسلك بين الدماغ والحاسوب يسمح للمرضى باستخدام أيديهم للتفاعل مع محيطهم. كما أن العيون الاصطناعية لمن يعانون من ضعف في البصر لم تعد خيالًا علميًا. يمكن أن تساعدنا المزيد من هذه الحلول التقنية على العيش بصحة أفضل وراحة أكبر لفترة أطول.
التكنولوجيا الفضائية لأغراض أرضية
تعمل دولة الإمارات جاهدةً لتأمين مقعد في الصف الأمامي ضمن سباق الفضاء العالمي. عززت الأمة أصولها الاستراتيجية وموقعها ضمن قطاع الفضاء، بما في ذلك إنجازاتها في مجال استكشاف الفضاء وتقنيات الفضاء، والتطبيقات الثانوية لهذه التكنولوجيا هنا على كوكب الأرض. ستلعب شركات التكنولوجيا الفضائية دورًا متزايد الأهمية في المساهمة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الاتصال والأمن وتنشيط الأعمال الهادفة.
بناء المرونة وتمكين الاستمرارية
أما بالنسبة للشركات والموظفين، تعتبر التقنيات التكنولوجية ضرورية للحفاظ على سير العمليات وتحقيق الأرباح، لا سيما أثناء حدوث اضطرابات أو أزمات، سواء في بيئات العمل البعيدة أو الهجينة. تؤثر هذه الديناميكيات بشكل كبير على التفاعلات بين العلامات التجارية والمستهلكين. كما رأينا في أعقاب أزمة كورونا، تمكنت التكنولوجيا بمساعدتنا على أن نصبح أكثر مرونة. ونتيجة لذلك، تمكنت معظم الشركات من التركيز بنجاح على عملياتها وعروضها، وظهرت العديد من الشركات الرقمية الناشئة. وأصبح العمل والتعلّم عن بعد أمرًا شائعًا. تسلط كل هذه التغيرات الضوء على أثر التكنولوجيا في عالم الأعمال وعلى الصعيد الشخصي.
دور التكنولوجيا في تحقيق المساواة بين الجنسين
نشهد اليوم تحيزًا بين الجنسين عبر مجموعة واسعة من القطاعات، ليس أقلها التكنولوجيا الصحية والتكنولوجيا الأنثوية. على سبيل المثال، يعد الافتقار إلى أبحاث وبيانات السوق أحد التحديات الرئيسية التي تواجه شركات التكنولوجيا الأنثوية، مما يمنع معظم هذه المؤسسات من الحصول على رأس المال الاستثماري. ولسد الفجوة بين الجنسين بما يتعلق بجمع الأموال، تُستخدم التحليلات السوقية المدعومة من التكنولوجيا العميقة لتزويد البيانات والخرائط الذهنية التي يمكن للمؤسسين والمستثمرين في مجال التكنولوجيا الأنثوية استخدامها لاتخاذ قرارات أكثر استنارة. فمن خلال توفير منصة معرفية مدعومة بالتكنولوجيا، يتم معالجة بعض الأخطاء الشائعة التي يرتكبها مؤسسو شركات التكنولوجيا الأنثوية أثناء الترويج لشركاتهم الناشئة، بحيث يتم تقديم طرق يمكن من خلالها تعديل عروضهن مع الحفاظ على وفائهن برؤيتهن.
ومن خلال استخدام التكنولوجيا العميقة والبيانات الناتجة عنها، يتم ضمان حصول النساء على فرص تمويل متساوية مقارنة بالرجال.