مصر تحقق فائضًا أوليًا للعام الرابع.. وخبراء: السبب زيادة إيرادات الضرائب وقناة السويس
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كشفت النتائج الأولية لأداء الموازنة العامة لمصر للعام المالي المنقضي 2021/2022، تحقيقها فائضًا أوليًا قدره 97 مليار جنيه (5 مليار دولار) بنسبة 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مع انخفاض في العجز الكلي بلغ 6.1%.
وأرجع خبراء أسباب هذا الفائض الأولي للعام الرابع على التوالي إلى زيادة إيرادات مصر، خاصة العائدة من قناة السويس التي حققت 7 مليارات دولار، إضافة إلى تأجيل شراء بعض السلع الأساسية لحين انخفاض أسعارها عالميًا.
حسب بيان رئاسي، حققت الموازنة العامة للعام المالي الماضي، نموًا في الإيرادات بنسبة 20%، ونموًا في المصروفات بنسبة 15%، وانخفضت قيمة فاتورة خدمة الدين إلى 32.8%.
أوضح الخبير الاقتصادي هاني جنينة، أن الفائض الأولي هو الفرق بين إيرادات الموازنة العامة للدولة ومصروفاتها بعد استبعاد فوائد الدين، وتكمن أهمية تحقيق فائض أولي لاستخدامه في خفض الدين لتحقيق استدامة الدين على الأمد الطويل، مضيفًا أن تحقيق مصر فائضًا أوليًا للعام الرابع على التوالي ساهم في تخفيض نسبة الدين المحلي من الناتج المحلي الإجمالي لقرب 90%.
وتوقع "جنينة"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تتجاوز نسبة الدين المحلي من الناتج المحلي الإجمالي في مصر نسبتها في العام الماضي بنسبة طفيفة، في ظل تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار السلع الأساسية والنفط، لكن ستحاول الحكومة استهداف تحقيق فائض أولي على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة، من خلال خفض فاتورة الدعم.
وأرجع جنينة أسباب تحقيق مصر فائض أولي بموازنة العام المالي الماضي، إلى وضع الدولة ضوابط لخفض المصروفات، منها رفع الدولة أسعار بعض الخدمات مثل الكهرباء والمياه والسلع سنويًا، وتحجيم الاستثمار الحكومي حيث كانت مصروفات الاستثمارات الفعلية حتى مايو/ أيار الماضي أقل حوالي 160 مليار جنيه (8.4 مليار)عن المستهدف، علاوة على تأجيل شراء بعض الاحتياجات الأساسية من الخارج لحين انخفاض الأسعار والاعتماد على الاحتياطي، مُدللًا على حديثه بإعلان مصر عن مناقصات لشراء القمح خلال الأيام الماضية، بعدما اعتمدت خلال الشهور الماضية على الفوائض المحلية إضافة إلى مخزونات القمح قبل ارتفاع الأسعار.
في الوقت نفسه نجحت الدولة في زيادة إيرادات الدولة، مثل نمو إيرادات بعض الهيئات الاقتصادية للدولة كما قناة السويس، ويتم تحويل نسبة 95% منها إلى الموازنة العامة مما يدعم إيرادات الدولة، حسب جنينة.
وحقّقت هيئة قناة السويس أعلى إيرادات في تاريخها بلغت 7 مليارات دولار خلال العام المالي الماضي، بحجم حمولات منقولة عبر القناة يصل إلى 1 مليار و320 مليون طن بزيادة 10.9 عن العام المالي السابق.
وحول أهمية خفض عجز الموازنة إلى 6.1%، قال الخبير الاقتصادي إنه يسهم في طمأنة وزيادة ثقة المستثمرين، خاصة الأجانب؛ لأن تفاقم عجز الموازنة في أية دولة ناشئة قد يجبرها على اللجوء للبنك المركزي لطباعة الأموال ومن ثم انهيار سعر الصرف، وبالتالي يراقب المستثمرون الأجانب مستويات عجز الموازنة قبل اتخاذ قرارهم بالاستثمار.
وقال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن مصر لم تحقق فائضًا أوليًا منذ العام المالي 2008/2009، وبعدها واصلت تحقيق عجز أولي طوال السنوات التالية حتى تحولت لتحقيق فائض أولي مرة ثانية منذ 4 أعوام، مما يدل على التحسن الكبير في إيرادات الدولة ونجاح خطتها في إصلاح بنود المصروفات، كما يدل على قدرة مصر على الوفاء بكافة التزاماتها عدا بند الديون، وهذا مؤشر جيد.
وأضاف "السيد"، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه رغم تحقيق فائض أولي إلا أن بند فوائد الدين مازال مرتفعًا ويصل إلى 570 مليار جنيه (301 مليار دولار)، وتعمل مصر على الاقتراض للوفاء بأقساط هذه الديون، مما يتسبب في عجز الموازنة، الذي وصل إلى 6.1%، مشيرًا إلى أن انخفاض العجز رغم تحديات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية يعد أمرًا إيجابيًا، حيث أثرت هذه التحديات سلبيًا على الإيرادات إلا أن الدولة واصلت خطتها لخفض العجز.
وقال إن مصر تحاول خفض العجز إلى أقل من 5% لتحسين مستوى التصنيف الائتماني للبلاد، لافتًا لتعديل وكالة موديز نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية بفعل مخاوف من قدرتها على سداد ديونها الخارجية، مما يتطلب ضرورة العمل على خفض هذه الديون.
وسبق أن أعلنت الحكومة المصرية تشكيل لجنة لترشيد ملف الاقتراض من الخارج، وقصره فقط على المشروعات ذات الأولوية، بعدما ارتفع الدين الخارجي نهاية الربع الثاني من العام المالي الجاري إلى 145.5 مليار دولار بزيادة بلغت 8.1 مليارات دولار عن الربع السابق له من نفس العام.
ورأى "السيد" أن مصر نجحت في تحقيق فائض أولي للعام الرابع على التوالي، بفضل زيادة إيرادات الدولة عبر تطبيق مشروعات لميكنة الضرائب مما ساهم في خفض التهرب الضريبي وزيادة الحصيلة الضريبية لتقترب من تريليون جنيه، وزيادة الصادرات المصرية تجاوز 45 مليار دولار خلال العام الماضي، وفي الوقت نفسه عملت الدولة على ترشيد الإنفاق الحكومي على الوزارات والهيكل الحكومي واستمرار الإنفاق على المشروعات الاستثمارية والقومية.