الدراما السورية في رمضان.. من فتنة جبل لبنان إلى مقاومة الاستعمار الفرنسي
دمشق، سوريا (CNN)- لم يثنِ إدراج الجزء السادس من المسلسل الشعبي "باب الحارة" ضمن قائمة عروض الموسم الرمضاني المقبل، صنّاع الدراما السوريّة عن تقديم خمسة أعمال أخرى، ستجد نفسها بمواجهة جماهيرية السلسلة الشاميّة الشهيرة.
ولم يخرج حجم إنتاج صنّاع الدراما السوريّة لهذا النوع من الأعمال في الموسم الحالي عن المعدّل الطبيعي، رغم صعوبة المنافسة، وحشدوا لذلك أبرز النجوم السوريين، واستعانوا بالكتّاب لتلوين القصص بطروحاتٍ جديدة.
على مستوى الموضوعات، تتخذ معظم هذه الأعمال من الحكاية الشعبية إطاراً أساسياً لأحداثها، باستثناء مسلسل "بواب الريح"، من تأليف خلدون قتلان، وإخراج المثنى صبح، ومن إنتاج شركة "سما الفن."
يتكئ الكاتب في التفاصيل على مفرداتِ الموروث الشامي، حيث تستند الأحداث إلى مرجعيةٍ تاريخية "موثقة"، تتناول وقائع فتنة 1860 الشهيرة، التي بدأت من جبل لبنان، وامتدت إلى الشام، وكان لها آثارٌ دموية على المجتمع الدمشقي.
ويتضمن العمل إسقاطاتٍ معاصرة حول ما يجري على الأرض السوريّة في العصر الحالي، عبر إظهار ما يمكن أن تفعل الفتن بين أبناء البلد الواحد، وإبراز دور مختلف مكونات أهل "الشام" الاجتماعية، في درء الفتنة، ومواجهتها.
وهذا ما أقنع الفنان السوري دريد لحّام للانضمام إلى قائمة أبطال العمل، بعد غيابه قرابة 40 عاماً، منذ تقديمه مسلسل "صح النوم"، حيث يؤدي دور "يوسف آغا النحاس"، شيخ كار النحاّسين، وزعيم "طائفة اليهود النورايين."
وقال لحّام، في تصريحاتٍ لـCNN بالعربية، إن قبوله للدور كان لسببين، أوّلهما "أنّه موثق تاريخياً، في تناوله لأحداث فتنة 1860، وكيفية وقوف الدمشقيين المسلمين، والمسيحيين، واليهود بمواجهتها."
أما السبب الثاني فأوضحه لحاّم قائلاً: "إنّ مسلسل (بواب الريح) يحترم المرأة، ويسلط الضوء على أهمية دورها الاجتماعي، والوطني، ولا يقدمها كسلعة، تُنْجِب الأولاد، وتتعرض للعنف من قبل الرجل."
وإلى جانب دريد لحّام، يجسّد غسان مسعود، في مسلسل "بواب الريح"، شخصية "هاشم آغا الدهمة"، قائم مقام قلعة دمشق، بينما يلعب سليم صبري دور "جورج السكيبي"، شيخ كار نساجي الحرير الدمشقي.
وعند هذه الشخصيات الثلاث تتقاطع الأحداث، وتتحرك في العمل الذي يقدّم لأول مرةّ بالدراما العربية، شخصيتي توأم "سيامي" ملتصق، يؤديهما على نحو طريف الممثلان مصطفى الخاني، ومعن عبدالحق.
شركة "غولدن لاين" لم تستكين أمام جماهيرية "باب الحارة"، فدخلت موسم العرض الرمضاني بـ"الغربال"، من تأليف سيف رضا حامد، وإخراج ناجي طعمي، وحشدت له نخبة من أبرز نجوم الدراما السورية.
تدور أحداث العمل الافتراضية في دمشق أواخر عشرينيات القرن الماضي، ويتناول قصة اجتماعية يحتدم فيها الصراع على السلطة، ويتسبب بالكثير من الدماء، والظلم، والضحايا ممن لا ذنب لهم.
وحول ما إذا كان إنتاج "الغربال" بميزانية ضخمة، نوعاً من المغامرة في ظل وجود "باب الحارة"، أجابت ديالا الأحمر، مديرة الشركة المنتجة، على سؤال لـCNN بالعربية بقولها: "هذا يمثل بالنسبة لنا إثبات وجود لشركتنا."
وأضافت: "قررنا هذا العام عدم الانسحاب من السوق لصالح (باب الحارة)، وهذا لا يعني أننا نطرح أنفسنا كمنافسين لهذه السلسلة التي لها جمهورها، وساهم في جماهيريتها الكثير من العوامل."
وتابعت بقولها: "ما فعلناه في (الغربال) هو الاشتغال على معادلة النص القوي، والإنتاج الضخم، واستقطاب النجوم، ويبقى العرض في رمضان هو المقياس، والمشاهد هو من سيحكم ويقرر."
كما تدخل شركة "قبنض" المنافسة بمسلسل "طوق البنات"، الذي تدور أحداثه بدمشق منتصف العام 1926، وهو من تأليف أحمد حامد، ورجاء الشغري، وإخراج محمد زهير رجب.
وتنطلق حكاياته من مَوْلد "وش السعد" أصغر بنات "أبو طالب"، رشيد عسّاف، وهو أحد وجهاء حي "القنوات"، ويتفاءل الأب بولادة ابنته الجديدة، التي تتصادف مع انتصاره بمعركة يقودها مع الرجال في مواجهة "حامية فرنسية."
الأهم من وجهة نظر صنّاع هذا المسلسل، طرحه لمواجهة أهل الشام للمحتل الفرنسي، من وجهة نظر "الصراع الحضاري"، حيث تمثّل قصّة حب "الكولونيل فرانس"، مهيار خضور، لـ"مريم"، تاج حيدر، كبرى بنات "أبو طالب."
وربمّا من باب المناكفة مع "باب الحارة"، صاغ فادي غازي، كتابةً، وإخراجاً مسلسلاً كوميدياً، بعنوان "رجال الحارة"، وهو من إنتاج شركة "قبنض" أيضاً، بالشراكة مع "غلوبل غولف" للإنتاج والتوزيع الفني.
وتدور أحداث العمل حول جرّة ذهب تكون أمانةً عند العكيد، وتُسْرَق، ليدخل رجال الحارة في صراعاتٍ حولها ضمن إطار كوميدي.
في حين تجرّب شركة "الفينيقية" حظّها مع "خان الدراويش"، من تأليف مروان قاووق، وإخراج سالم سويد، وهو "مسلسل شامي تنحو أحداثه باتجاه الكوميديا، يتألف من لوحات قصيرة، لها إسقاطاتها على الحياة المعاصرة."
لكن الحظ الأوفر، تسويقياً، وجماهيرياً، خلال موسم دراما رمضان 2014، على الأرجح، سادس أجزاء "باب الحارة"، من تأليف عثمان جحي، بالشراكة مع سليمان عبدالعزيز، وإخراج عزّام فوق العادة، تحت إشراف بسّام الملا.
ولازال المسلسل حافلاً بالأسرار، وسط أجواء التكتم الشديد التي فرضها صنّاع العمل على التصوير في دمشق، ولكنه من المتوقع أن يشهد عودة عدد من الشخصيات السابقة، بالإضافة إلى ظهور شخصيات جديدة أخرى، وممثلون جدد.