أطفال الثقافة الثالثة.. أزمة الهوية ومفهوم مشتت للوطن

نشر
4 دقائق قراءة
تقرير جيسيكا رزق
Credit: RADEK MICA/AFP/Getty Images

طرحت جيسيكا رزق، طالبة في السنة الثانية بجامعة بوسطن الأمريكية، ومهتمة بالعمل في مجال الاتصالات هذه المقالة كجزء من دراستها الأكاديمية. وأمضت رزق فترة من التدريب الإعلامي مع برنامج "كونيكت ذا ورلد مع بيكي أندرسون" وأيضا في موقع CNN Arabic، بدولة الإمارات العربية المتحدة حالياً. وفيما يلي نص المقالة التي لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN .

محتوى إعلاني

.أنّ أسبوع التوجيه في الجامعة يبدو مثل موعد غرامي في عجلة من أمره، وكأنّ لدى الطلبة بضع دقائق ليكونوا انطباعاً كافياً.

محتوى إعلاني

فعندما انتقلت للعيش في سكن الطلبة، تعرّفت إلى إحدى الطالبات الجدد، والتي وجهت لي سؤالاً لم يكن لدي إجابة محددة ومناسبة له: من أين أنت؟

هذا السؤال يبدو أنه بات توجهاً جديداً، ومنذ تلك اللحظة امتلكني شعور بان لدي أزمة هوية لفترة وجيزة.

فبالنسبة لي، ومنذ أن كنت طفلة رضيعة، ولم أتجاوز من العمر سوى شهر واحد، عندما سافرت على  متن طائرة لأول مرة للسفر خارج الوطن، ومنذ ذلك الحين باتت حياتي في تنقل مستمر بعيداً عن الوطن.

ويمكنني هنا أن أصف نفسي بـ "أطفال الثقافة الثالثة"، إذ يعود أصل المفهوم هذا إلى فترة الخمسينيات عندما صاغته روث هيل أوسيم، وهي مختصة في علم الاجتماع، لكي تصف الأطفال الذين عاشوا خارج موطنهم الأصلي، ونشأوا ليتعلموا عادات مختلفة من ثقافات شتى. وبالاستناد إلى ذلك المفهوم، ينتمي هؤلاء الاطفال إلى عدة هويات وثقافات، وبالتأكيد هم ليسوا مجردين من الهوية.

ويمكن اعتبار أطفال الثقافة الثالثة من ذرية العولمة، وهم اطفال العالم كله، ولهجاتهم متعددة على نطاق واسع كعدد الأختام الموجودة على جوازات سفرهم، بينما تعتمد سلوكياتهم على الثقافات المحيطة بهم.

ويبحث ديفيد بولوك، في كتابه "أطفال الثقافة الثالثة" حول تأثير النمو في محيط ثقافات متعددة، إذ يدّعي (بولوك) أن هؤلاء الأطفال يتطورون ويكبرون بشكل مختلف عن الأطفال الذين ينشأوون في مكان واحد.

وعندما سألت إيميلي هارتويل الأمريكية الجنسية عن هويتها، وهي أحد الذين نشأوا في مكان واحد، كانت إجابتها لي محددة لدرجة أنها قالت بأنّ فكرة الوطن بالنسبة إليها هو المكان الذي نشأت فيه مع عائلتها. وأضافت إيميلي بان نمط حياتها له صبغة خاصة، وهي تدرك تماماً بان أطفال الثقافة الثالثة ربما يغارون من نمط حياتها الثابت.

ويتضح بان الفرق بين إيميلي وأطفال الثقافة الثالثة، هو أنها (إيميلي) متيقنة من هويتها، ويوجد هنالك رابط وثيق يشدها نحو الوطن.

أما جاد سوبرا، الذي نشأ في الإمارات العربية المتحدة، وينتمي إلى أصول لبنانية وإنجليزية، وحالياً يتابع دراسته بين فرنسا وانجلترا، أختلف في رأيه عن إيميلي.

وعندما سألت جاد عن هويته، كانت إجاباته غير محددة وتتسم بالتردد، حيث قال إنه ليس لديه تعريف محدد للوطن، ويعتمد مفهوم الوطن بالنسبة إليه على ظرف الزمان والمكان.

ويتضح بان لدى أطفال الثقافة الثالثة صراع داخلي حول إيجاد حس بالانتماء إلى مكان واحد، ورغم ذلك فهم يشعرون بالاتصال فيما بينهم، والجنسية تعتبر بمثابة عدم اليقين المشترك بينهم.

واعتقد بان هؤلاء المسافرين الذين يتنقلون في المطارات، يمكن أن يطلق عليهم أسم "أطفال الثقافة الثالثة، وقد يتضح ذلك إذا توجهنا إليهم بالسؤال عن أصل هويتهم، فلريما يكونوا قادرين على إعطاء إجابة محددة عن مفهوم الوطن!

لقراءة النسخة الانكليزية من المقال، اضعط هنا

نشر
محتوى إعلاني