كاتب "باب الحارة 6" يُفَنّدُ الانتقادات التي طالت العمل ويكشف: "باب الحارة 7": "بعيد عن السياسة تماماً"
دمشق، سوريا (CNN) -- اعتبر الكاتب السوري عثمان جحى أنّ "باب الحارة6": "استعاد ألق الدراما السوريّة، أو على الأقل أعادها إلى الواجهة"، باعتباره: "حصد أعلى نسب مشاهدة في الوطن العربي، أثناء عرضه على محطّة MBC خلال موسم دراما رمضان الفائت، ودخل على خط المنافسة بقّوة، مع أعمالٍ عربية أخرى عرضتها المحطة ذاتها، مثل (صاحب السعادة) للنجم عادل إمام"، ورأى جحى في مقابلةٍ خاصّة مع CNN بالعربية أنّ المسلسل الذي كتبه بالشراكة مع سليمان عبد العزيز، وأخرجه عزّام فوق العادة بإشرافٍ عام من بسّام الملا: "حقق مالم تحققه الأعمال السوريّة الأخرى في موسم 2014، بل ومنذ خمس سنوات."
وردّ الكاتب عثمان جحى حول الاتهامات التي واجهها "باب الحارة6" بتشويه تاريخ دمشق، قائلاً: "أنا أجزم بأن ذلك لم يحدث، لأنني بعيد كل البعد عن ذلك، وحكايتي شعبية، وغير معنية بالتاريخ بصورة رئيسية، ولو أنني أريد سرد الوقائع التاريخية لسرت باتجاه عمل آخر، إضافةً إلى أنه لا يوجد أي عمل شامي البتّة تم إنتاجه خلال السنوات الماضية، ووثق تاريخياً لدمشق، باستثناء (الحصرم الشامي) بأجزائه الثلاث، للكاتب فؤاد حميرة، واستند فيه على كتاب البديري الحلاّق."
نقطة البداية
كشف عثمان جحى لـ CNN بالعربية عن صعوبات اعترضهما لاختيار نقطة البداية لـ"باب الحارة6"، وما يبنى عليها من أحداث، فكان صنّاع العمل بين خيارين: "الابتعاد عن السياسة تماماً" كما كان يفضّل شريكه في الكتابة سليمان عبد العزيز، أو "أو تناول وقائع سياسية موثّقة تاريخياً، بقصد التأطير الزمني للأحداث"، وفقاً للتصّور الذي مال هو إليه، وتم اعتماده في النهاية، ويوضح جحا ذلك بالقول: "اقترح عبّاس النوري تناول (الكتلة الوطنية)، أو الإشارة إليها، فاخترنا أن تبدأ أحداث الجزء السادس من منتصف العام 1935 تقريباً، ثم نختم بالحديث عن (الإضراب الستيني) الذي حدث في أوائل سنة 1936."
كُتبِتْ أحداث "باب الحارة 6"، اعتباراً من أواخر عام 2012، وكان يفترض أن يُعْرَض في موسم دراما رمضان 2013، لولا الظروف الصحيّة التي ألمت بالمشرف العام على السلسلة الشاميّة الشهيرة بسّام الملا، مما أدى إلى تأخير المشروع للموسم التالي، مع ظهور فكرة استكماله بجزءٍ سابع، وذلك بحسب عثمان جحى، ورأى أنّ تأخير المشروع: "أضّر به، حيث كان من الأنسب عرضه في موعده المقرر سابقاً، وعند إعادة إحيائه، واجهته رقابة النصوص في سوريا بقسوةٍ شديدة."
تحديّات الرقابة وجرعة السياسة الزائدة عن الحد
توجس الرقابة السوريّة من أجزاءٍ جديدة لـ "باب الحارة"، أتى وسط اتهامات طالت الأجزاء السابقة بخلق ذهنية معينة لدى الجمهور، ظهرت تأثيراتها "السلبية"، في بعض تفاصيل الأزمة السورية، إلى جانب الإساءة لصورة المرأة السورية، تلك الاتهامات؛ يصفها جحى بـ" المثيرة للشفقة، والضحك، فالعمل بأجزائه السابقة وحتى الجزء الخامس، صفّق له الكثير من الناس داخل سوريا وخارجها، فما الذي تغير فجأة ليصبح عملاً متخلفاً، ويسيء لصورة دمشق؟!"
هكذا إذاً تحول "الثوّار" إلى فرارية، و"أم زكي"، و"فريال" دخلتا الكتّاب، وتحولت "سعاد" إلى ما يشبه رئيسة اتحاد نسائي بالمفهوم المعاصر، وأصبح الشيخ "عبد الحق" أقل تشدداً في فتاواه إرضاءاً للرقابة؟!! يجيب عثمان على تساؤل CNN بالعربية: "من ضمن المحاور التي أضفناها على العمل، هو التركيز على دور المرأة، والإصرار على أن تدخل فرنسية سافرة لـ حارة (الضبع)؛ (ناديا زوجة أبو عصام الفرنسية ولعبت دورها ميسون أبو أسعد) ، كما كان العنوان العريض لـ(باب الحارة6) هو القطيعة مع التكفيريين، فنحن نمثل في دمشق الدين الإسلامي الوسطي، والتشدد أمر طارئ على مجتمعنا، وإذا استطاع الجزء السادس أن يحقق هذه النقلة، فهذا كافٍ برأيي، ولكن كثرة ملاحظات الرقابة، وطلبها لاستبعاد الكثير من الأمور، خفف من جرعة الدراما، وأدخلنا في متاهة البحث عن حلول بديلة، والاستغناء عن تفاعل كتير من شخصيات الحارة مع الأحداث، مقابل إبراز الحالة السياسية، فظهر العمل بصيغته النهائية مباشراً، وأقرب ما يكون لدرس قومية (تربية وطنية)، وهذا كان أحد المطبات التي وقعنا بها، فبدا الطرح السياسي أعلى مما يجب."
"أبو عصام" والكتلة الوطنية و"باب الحارة7"
من بين الانتقادات التي واجهها المسلسل مسألة المساعي الحثيثة لضم الحلاق "أبو عصام" لـ الكتلة الوطنية، التي كانت تضم النخب في تلك المرحلة من تاريخ سوريا بحيث بدا الأمر مجافياً للحقائق التاريخية، يردُ عثمان جحى: "الدفاع عن هذه النقطة بالذات يبدو ضعيفاً، ولكن لدي مبرراتي ككاتب، بالتأكيد الكتلة الوطنية في تلك الفترة كانت تضم رجالات سوريا، ولكن هذه الرجالات استمدت قوتها في تلك الفترة من مرجعيتها الشعبية، والتي لها زعامات، الزعامات المتنورة، وعلى هذا الأساس إذا تبنى العمل (أبو عصام) حكيماً للحارة، فهو زعامة شعبية بهذا المعنى، ربما تبدو مفاوضته لدخول الكتلة الوطنية أمراً مبالغاً فيه، لأنه الأحزاب في تلك الفترة لا تقبل إلا بالبورجوزاي الذي مثلها، لكن ارتأيت تخفيف الحالة، لإنصاف الناس الذين عاشوا في ذلك الوقت، بمعنى أنه كان هناك اتصالات، وأناس تفهم ما يحدث حولها، لكي لا نظلم كل الشعب السوري، ونختصره بالكتلة الوطنية."
ثمّة أيضاً أنكم قدمتم "أبو عصام" كطبيب للزعيم الراحل إبراهيم هنانو الأمر الذي أصبح مثاراً للسخرية والتندر عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟!
يجيب جحى:"ربما هذه النقطة كانت بحاجة لتوضيح أكبر، حيث يفترض وجود شهر يفصل زمنياً بين خروج أبو عصام من السجن، ووصوله إلى الحارة، التقى خلاله برجالات الكتلة الوطنية، وقرروا شيئاً ما، لكن هذه المشاهد استبعدت، ومنها الرجوع بطريقة الفلاش باك على طريقة تعذيبه في السجن، تلافياً لأي إسقاطات أو إحالات معاصرة، وهذا ما اتجهنا إليه في بناء أحداث الجزء السابع، حيث غيبنا السياسة تماماً عن الأحداث، لتعود القصة فضاضه، دون أي ارتباطات تاريخية."
إذاً لن تبدأ أحداث الجزء السابع من النقطة التي انتهت منها في السادس، حول قصة الوفود التي احتشدت في (حارة الضبع) للاعتراض على بنود معادة الـ 36؟!
"أبداً، ستبدأ قصة جديدة بالكامل في السابع، وعلى ما يبدو الناس لن تقبل باب الحارة إلّا ضمن إطار الحكاية الشعبية الذي تعودت عليه، فبالأصل ليست مهمته التوثيق، وحينما دخلنا في ذلك وقعنا بإشكالات كبيرة، وهناك من تناسى الظرف الذي تمر به البلاد، والمهمة التنويرية للعمل."
مغالطات زمنية
بعيداً عن الحقائق التاريخية، هناك اتهامات أخرى طالت نص "باب الحارة6"، كالوقوع في مغالطات زمنية مقارنةً بالأجزاء السابقة لاسيما مفارقة أن سعاد الصغيرة كبرت نحو أربع سنوات، فيما لازالت "خيرية "زوجة العكيد "معتز حاملاً"؟
يضحك عثمان جحى، ويرد قائلاً :"دخل هذا الحمل سجل (غينيس) للأرقام القياسية كأطول حمل في التاريخ، لكن ما حدث حقيقةً أنه من المفترض كون الزمن الذي يفصل بين انتهاء الجزء الخامس، وبداية السادس هو ثلاثة أشهر، إلا أنّ الإخراج ارتأى تمرير زمن ثلاث سنوات، وعلى هذا الأساس كَبُرَت الشخصيات، وبالمقابل أردنا الاستفادة من حمل (خيرية) في حالة درامية، وتم التنويه خلال الحلقات الأولى إلى أنها اسقطت حملها الأول، قد يكون ذلك حلّاً درامياً ضعيفاً، لكن تم طرحه في النهاية، والمشاهدون توقفوا عند هذه النقطة، وهذا حقّهم، ربما كان من المفترض أن يكون التنويه أكثر وضوحاً، وفي وقت مبكر أكثر من سياق الأحداث."
عقدة جماهيرية "باب الحارة"
لا أحد يختلف على جماهيرية "باب الحارة"، ولكن هل تعني الجماهيرية بالضرورة نجاح العمل من وجهة نظرك؟
يجيب عثمان جحى: "ما هو المعيار الآخر إذاً؟، ربما للحقيقة ليس بالضرورة الجماهيرية تعني النجاح على المستوى الفني، والتقني، ولكن في حالة (باب الحارة)، تحقق الشرطان، والمعادلة الأصعب في الدراما، أن تقدم عملاً جيداً على المستوى الفني، ويحقق الجماهيرية في الوقت ذاته."
لماذا كل من ينتقد "باب الحارة" تعتبرونه في خانة أعداء النجاح، أو الغيورين، أو الحاسدين، ممن لم تسنح لهم فرصة في أداء دور في هذا العمل؟
يضحك عثمان مجدداً... ويبادر للإجابة "هذا على مستوى الممثلين"، ويضيف قائلاً: "سبق وقلت بما معناه في تدوينةٍ لي على (الفيسبوك) إن مشكلتنا كسوريين، هي معاناتنا من انهيار صناعة الدراما في المرحلة الحالية، ونحن اليوم أحد أسباب انهيارها، لأننا نقوم بتكسير بعضنا البعض."
ويختم عثمان جحى حديثه لـ CNN بالعربية، بالقول: " (باب الحارة) ليس ملكاً لبسّام الملا، أو أي أحد، بل ملك الشعب السوري، كل من انتقد صديقي، وكذلك من لم ينتقد، ولكن ثمّة من يهاجمنا طوال الوقت، هذا هو العمل، له ما له وعليه ما عليه، إلا أنّه يشكّل في النهاية ظاهرة شئنا أم أبينا، ولمن يقول (أوقفوا هذه المسخرة)... أرّدُ عليه بالقول: هذه المسخرة يوجد أناس يعتاشون من ورائها، ثم ما البديل برأيكم كعمل يمكن أن تعرضه محطّة بضخامة الـ mbc هذا العام، غير (باب الحارة)؟، فعلى سبيل المثال عمل كـ (قلم حمرة) اشتغله أحد أّذكى وأهم المخرجين حاتم علي، ولم تتوفر له فرصة عرض مناسبة، والأمر ذاته بالنسبة للجهد العظيم الذي بذله المثنى صبح في (بواب الريح)، فهل إذا لم تتوفر الفرصة الجيدّة لعرض تلك الأعمال نهاجم من توفرّ له ذلك؟! هذه الطريقة في التعاطي ليست صحيحة."