"رسائل من اليرموك"..يوثق حياة الفلسطينيين بين البحث عن فتات الخبز والموت بقذيفة عشوائية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كيف يمكن أن يتهافت اللاجئ الفلسطيني على قطعة خبز صغيرة توزع عليه في المكان الأكثر بشاعة على الأرض، والذي تحيط به صور الموت، من كل حدب وصوب، أي مخيم اليرموك. كيف يمكن لأحد الشباب أن يكون جل ما ما يفكر به "بدي أكل..أنا جوعان."
ويروي الفيلم الوثائقي "رسائل من اليرموك" قصة المخيم المحاصر بسبب الأزمة السورية والذي تقطنه غالبية من اللاجئين الفلسطينيين، وهو يعاني من نقص في المواد الغذائية والطبية والمياه.
وكيف يمكن لأحد الأشخاص أن يجد فسحة من الأمل وسكينة الروح، ليعزف على البيانو بين المباني المهجورة، والطرق التي امتلأت بالجثث، وبين مشاهد الدمار والقصف؟
في وسط ذلك المشهد، يقول أحدهم "في ظل الحصار، تكبر الكارثة الإنسانية." وفي الفيلم الوثائقي، يعلو صوت المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وهو يقول "هناك حياة ناس تموت وتجوع، ونحن في السينما نطلق عليها تسمية مواد."
كيف يتجمع الناس لتلقي المساعدات، وكل ما يفكرون به في هذه اللحظة اليتمية أن يحظوا بفتات الخبز، وفجأة تسقط قذيفة. وتقتل من تقتل من بينهم.
لا يوجد سبب واحد للموت، أي شخص يمكن أن يموت برصاصة قناص أو بقذيفة. هكذا هي الحياة تسلب ببساطة.
وكيف يهتف الفلسطينيون في المخيم في ظل المأساة "يا الله ما إلنا غيرك يا الله؟"
هي رسائل مخيم التُقطت في لحظات بالغة التعقيد، رسائل انحازت للحياة في مواجهة الموت، لحظات حب في زمن الحرب، وانشغالات اللاجئين بسؤال الوطن والمنفى. هي حكاية في حكاية ما زالت تروى من خلال صور ثابتة وأخرى متحركة، مرّة محكية، ومرّة مرئية، مليئة بهم وعنهم، مرسومة بالأمل في حياة أفضل. رسائل يكتبها شريط سينمائي بلغة وثائقية تشبه الحياة.
وقال مشهراوي وهو من أوائل المخرجين الذين قدّموا أفلاماً من داخل الأراضي المحتلة خلال مقابلة مع CNN بالعربية إن "الفيلم الوثائقي الطويل صُور في مخيم اليرموك في سوريا، والمحاصر منذ 3 سنوات تحت القصف والجوع والمرض والموت."
وأضاف مشهراوي أن "اللاجئين الفلسطينيين في الفيلم، هم جزء من حرب لم يشاركوا بها، ومع ذلك، يدفع هؤلاء أغلى سعر، أي حياتهم، لأن القدر شاء أن يكون هؤلاء في مكان وزمان معين."
وأشار مشهراوي إلى أن "الكارثة التي حصلت في مخيم اليرموك لم تحصل في أي مخيم آخر لللاجئين الفلسطينيين،" مضيفاً أن "الصمت بحد ذاته، خيانة."
وقال مشهراوي أن أكثر ما أوجعه، هو المصطلح الجديد الذي استخدم في المخيم عن شهداء الجوع،" مضيفاً أن "أحسست أننا في سنة 2014، لدينا جزء من شعبنا الفلسطيني في مكان آخر هو شهيد للجوع."
أما "رسائل من اليرموك" فتطلب تصويره ثمانية أشهر، وكانت المهمة صعبة سينمائيا، أي كيف نحكي حكاية ليس لها أول ولا أخر، على حد تعبير المخرج الفلسطيني.
وقال مشهراوي: "أحب أن أجرد الفلسطيني من هويته، حتى أركز على هويته الإنسانية، وأجد لغة مشتركة مع العالم."
أما عن مدى تفاؤله بالمستقبل الفلسطيني، فأضاف مشهراوي: "أنا لست متفائل، لأن اسرائيل تريد الأرض ولا تريد أي فلسطيني فيها،" مضيفاً: "الأرض الفلسطينية تصغر كل يوم، والفلسطيني يعاني يومياً."
وأكد مشهراوي أن هناك ضرورة لتوظيف السينما وإضافة نوع من الأمل من أجل صراع البقاء، حتى إذا كان هذا الأمر ليس صحيحاً.
ويذكر، أن مشهراوي لديه في رصيده العديد من الأفلام الروائية والوثائقية والتجريبية، منها "جواز سفر" 1986، و"حتى إشعار آخر" 1993، و"حيفا" (أول فيلم فلسطيني يعرض في "مهرجان كان السينمائي")، و"تذكرة إلى القدس" 2002. حصد فيلمه الروائي الطويل الخامس"عيد ميلاد ليلى" تسع جوائز عالمية، وعُرض فيلمه "فلسطين ستريو" في الدورة العاشرة من مهرجان دبي السينمائي الدولي.