رأي: فيلم "القناص الأمريكي".. وجهة نظر سينمائية من طرف واحد للأمريكي البطل مقابل العراقي القاتل
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ما أن انتهت اللجنة المنظمة لحفل توزيع جوائز الأوسكار من الإعلان عن قائمة الأفلام المرشحة لنيل جائزة أفضل فيلم هذا العام، حتى بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالانتقادات والآراء المصوبة نحو فيلم "القناص الأمريكي" أو American Sniper.
الفيلم، باختصار، يحكي قصة القناص الأمريكي الأشهر كريس كايل، الذي شارك في الحرب على العراق، وعاد بسجل رسمي بلغ عدد إجمالي القتلى الذين استهدفهم 160 قتيلا، ويتناول الفيلم عبر قصة كايل الظروف النفسية التي يمر بها المجندون في العراق خلال أدائهم الخدمة العسكرية وبعدها.
الفيلم لاقى انتقادات كثيرة، فهو في نظر الكثيرين يؤطر لمفهوم السلاح وحمله في وجه أي كان، كما أنه يصور الأمريكي كشخص بات يتوجس كل من حوله، وخصوصا ممن يختلفون عن لون بشرته البيضاء، وبالتالي فهو مستعد لحمل السلاح في وجههم والدفاع عن أي أمريكي أبيض.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد أيضا ليشمل الصورة التي قُدم فيها العراق والعراقيون، فهم في جميع المشاهد لم يظهروا إلا "ثلة من الخونة والقتلة،" وبالتالي بدوا وكأنهم هم "الطرف الشرير" في الفيلم. فلا ترى طفلا أو رجلا أو سيدة عراقية إلا وكانوا سببا في دمار الجانب النفسي للجندي الأمريكي، وهم بالتالي من كانوا يدفعونه للانتقام لزملائه الجنود الذي قتلوا في ساحة القتال (وليس العكس).
وفي الوقت الذي ظهرت فيه بعض شخصيات الفيلم تحاول التشكيك بمهمة الأمريكيين الحقيقية في العراق، وما إن كان هناك إيمان كامل بما يقومون به، يعود كريس كايل في كل مرة ويشدد على أن ما يقوم به الأمريكيون في العراق هو الأمر الصحيح، وأنه واجب وطني، وعلى الجميع الدفاع عن الأمريكيين في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها.
السؤال الأهم بالنسبة للعراقيين بعد مشاهدة مثل هذا الفيلم هو: كيف ستنعكس مثل هذه الأفلام على صورة العراق لدى الأجيال المقبلة؟ ولعل الإجابة واضحة من خلال مشاهد هذا الفيلم، فالقصة محكية من وجهة نظر واحدة، بينما وجهة النظر الأخرى مختفية تماما، والتاريخ لن يذكر سوى من سطّر حروفه بأعمال كهذه.
أما إذا تم تناول الفيلم كعمل سينمائي بحت، فقد نجح المخرج كلينت إيستوود في بناء شخصية مقنعة، يتعاطف معها المشاهد (وخصوصا ذلك الذي لا يعلم شيئا عن الصراع بين الطرفين). فقد قدم إيستوود المبررات التي تدفع شخصا ككايل، لا يعرف وجهة حقيقية لحياته، للتفكير بالالتحاق بالجيش (كأحداث سبتمبر/ أيلول، والهجوم على السفارة الأمريكية في دار السلام ونيروبي)، كما أنه بدا مصمما على تحقيق غايته في قتل المزيد رغبة في الانتقام لزملائه الذين قتلوا، وهذا ما بدا واضحا من خلال حديثه مع الطبيب النفسي في نهاية الفيلم.
أداء برادلي كوبر، الذي تقمص شخصية كريس كايل، كان الأبهى في الفيلم، فقد نجح في لعب شخصية كايل بصورة دفعت غالبية من الأمريكيين للتعاطف معه، وهو ما قد يشرح بعض التغريدات التي تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول النزعة الهجومية تجاه العرب في الولايات المتحدة الأمريكية.
الفيلم حصل على ستة ترشيحات لجائزة الأوسكار، هي ترشيح لجائزة أفضل فيلم، وأفضل ممثل في دور رئيسي، وأفضل فيلم مقتبس عن كتاب، وأفضل مونتاج، وأفضل مكساج للصوت، وأفضل مونتاج للصوت.