رأي: الفيلم الفلسطيني"السلام عليك يا مريم".. رموز مسيحية تقدم تصورا عادلا لـ "أصحاب الأرض"

نشر
5 دقائق قراءة
Credit: Courtesy of Basil Khalil

هذا المقال بقلم سامية عايش، صحفية وناشطة إعلامية، وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الشبكة.

محتوى إعلاني

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --   لم تعتد السينما العربية على التطرق لموضوع الدين في سياق القصص الاجتماعية التي يتم طرحها، ولكنها في السنوات الأخيرة بدت أكثر مواظبة على معالجة القضايا الخاصة بالديانات المختلفة، كالإسلام والمسيحية وحتى اليهودية، ربما رغبة منها في إبراز جوانب أكثر خصوصية في المجتمعات العربية.

محتوى إعلاني

أحد هذه الأفلام الذي حاز على اهتمام كبير مؤخرا، خصوصا وأنه تم اختياره للعرض في مهرجان كان السينمائي، هو فيلم "السلام عليك يا مريم"، لمخرجه الفلسطيني باسل خليل، والذي تدور قصته حول مجموعة من الراهبات اللاتي يعشن في دير منعزل بالضفة الغربية. وفي إحدى الأمسيات، وبالتحديد مساء يوم جمعة، تقلق عائلة يهودية من إحدى المستوطنات القريبة راحة الراهبات، طلبا المساعدة. المشكلة هنا تكمن في أن الراهبات لا يمكنهن الحديث بسبب نذر قدمنه سابقا، كما أن العائلة اليهودية لا يمكنها استعمال الهاتف لطلب النجدة في يوم السبت.

المتابع لقصة الفيلم سيجد فيها بساطة في التقديم والتصوير، فقد اعتمد المخرج على الرمزية في بعض جوانب المسيحية، كسيلان الدماء من تمثال العذراء بعد سقوطه بسبب الحادث الذي تسببت به العائلة اليهودية. كما أن الفيلم يشير إلى أنه مهما اختلفت ديانة المرء منا، لا بد أن تجمعنا في النهاية ممارسات اجتماعية متشابهة، ويبدو ذلك واضحا في التوتر بعلاقة الزوجة اليهودية بحماتها، إضافة إلى إتقان الراهبات، أو بعضهن على الأقل، علم ميكانيك السيارات، وليس فقط إلمامهن بالصلاة والدعاء.

الرمزية في الفيلم حملت أبعادا مختلفة، قد يفهمها كل منا على طريقته الخاصة، فبعد المشكلة التي مرت بها العائلة اليهودية خارج الدير، من أفضل من "صاحبات الأرض" ليجدن حلا لهم؟ فالراهبات هن من قدمن المساعدة بالاتصال الهاتفي، وهن من صلين لأجل خلاص الزوار المفاجئين، وهن بالنهاية من سيقدمن الحل لمن وقعوا في هذه المشكلة (والذي بالطبع لن نذكره هنا حفاظا على عنصر المفاجأة في الفيلم لمن يشاهده.) 

إضافة إلى كل ذلك، كانت الراهبات هن اللاعب الأقوى في الفيلم: هن من قدمن العون، وهن من أصلحن السيارة، وهنا من فرض شروطهن في النهاية على الزوار. يقدم الفيلم أيضا مقاربة بين هدوء الراهبات في كل لحظات الفيلم، وعصبية العائلة اليهودية في التعامل مع المشكلة، والتي بدت فيها الغلبة بالنهاية للروية والحكمة في التعامل مع الأمور. فهؤلاء الراهبات الوحيدات قد يظهرن سكونا ولا مبالاة بالعالم من حولهن، إلا أنهن عند المواقف الجدية، الأفضل في مواجهة المشاكل.

ما هو ملفت للانتباه في فيلم خليل، والعديد من الأفلام الفلسطينية الحديثة، هو ابتعاده عن تسليط الضوء مباشرة على المعاناة من الاحتلال، واعتماده بدلا من ذلك على معالجة القضايا الاجتماعية الأقرب للواقع، والتي باتت تشكل أيضا جزءا من معاناة الفلسطينيين كبشر، وليس كضحايا لطرف آخر.

باسل خليل، مخرج الفيلم، قال إن السينما الفلسطينية بدأت خلال الفترة الأخيرة تتخذ منحى جديدا، يركز على الكوميديا. وأضاف يقول: "أعتقد أن جماهير السينما ملت الجدية والحديث في السياسة، وبالتالي أصبحت الكوميديا تروق لها أكثر، وهو ما يقدمه هذا الفيلم."

وخلال عرضه في مهرجان كان السينمائي، وحصوله على استحسان الكثير من النقاد، أعلن عن حصول القناة الفرنسية Canal+ على حقوق العرض التلفزيوني الحصري للفيلم، ليتم عرضه لاحقا في القناة.

من جهة أخرى، يرى باسل خليل أن الوقت قد حان للسينمائيين الفلسطينيين للتواجد المستمر على الساحتين العربية والعالمية، لأن الإعلام التقليدي لا يبذل أي مجهود في تقديم الفلسطينيين بشكل خاص بصورة حسنة.

عنوان الفيلم "سلام عليك يا مريم"، بحسب خليل، مأخوذ من صلاة قديمة باللغة اللاتينية، والفيلم من بطولة ماريا زريق، وهدى الإمام، وشادي سرور، ومايا كورين. وقد كتب باسل خليل الفيلم بالتعاون مع دانيال يانيز.

نشر
محتوى إعلاني