في معرض " قارئ اللون" في عمان..مكفوفون يرسمون بالنعناع والليمون
تقرير هدا السرحان
عمان، الأردن (CNN) -- عندما دخلت الى صالة زارة للفن التشكيلي في عمان لحضور معرض اللوحات "قارئ اللون" الذي نظمه واشرف عليه الفنان التشكيلي الأردني سهيل بقاعين شعرت بالفرح الممزوج بالدهشة والحزن.
كانت اللوحات معلقة على جدران الصالة التي خيم عليها الصمت لفترة قصيرة قبل أن تبدأ حركة الأطفال المكفوفين أو الذين يعانون من مشاكل في البصر في طلبة الأكاديمية الملكية للمكفوفين، وهم أصحاب هذه التجربة الفريدة التي منحتهم الأمل والحلم والثقة، والتي تمت بواسطة حاسة الشم والتخيّل والإحساس.
لقد نجح سهيل بقاعين في تحويل الإعاقة إلى طاقة والظلام إلى نور ممزوج بمهرجان من الألوان.
ويقول بقاعين: "تجربة فريدة عشتها مع طلاب الأكاديمية للمكفوفين، لأحاول تلوين قلوبهم وعقولهم وبصيرتهم بألوان قوس قزح، وتحويل الإعاقة إلى طاقة لونية، وخلق حالة لونية جديدة.
لمست من خلال تأمل أعمال الأطفال المكفوفين ومن خلال الحوار مع هؤلاء الطلاب الموهوبين أن هذه التجربة الفريدة الخاصة أيقظت بداخل كل واحد منهم حلمه الخاص، وأخرجته من حالة اليأس والإحساس بالعجز إلى عالم جديد مليء بالحلم واللون والاضاءة الداخلية الغنية بالوعود الجميلة التي تدعو إلى الشعور بالفرح والنجاح.
الطالبة أسيل (9 سنوات) وقفت إلى جانب لوحاتها تتشبث ببقايا بصر يسرع في الرحيل، كانت تشبه فراشة تسعى لعبور حاجز العتمة إلى النور عبر ألوان قوس قزح. وقالت إنها ترسم عبر المخيلة، وتستخدم حاسة الشم في اختيار اللون، الأخضر برائحة النعناع والأصفر برائحة الليمون والأحمر برائحة البندورة ( الطماطم)، ولوحاتها جميلة ومميزة.
وأوضحت أسيل: "أحلم بإقامة معرضي الشخصي الأول قبل فوات الأوان .. قبل أن أفقد كامل بصري."
أما الطالب طارق خميس (11 عاماً) فهو كفيف لم تحل الإعاقة بينه وبين طموحه الابداعي، وقد حدد لذاته أسلوباً جديداً في الرسم، حيث يبدأ بوضع نقطة انطلاق على اللوحة ترشده إلى الإبعاد بالتحسس. وهو يرسم برغبة وبشغف حيث نجح في إنجاز عدة لوحات متخيلة معبرة عن عالمه الداخلي المتخيل، وهي لوحات تعبر عن إحساس خاص باللون وبالتكوين حتى وإذا غلب على معظمها اللون الاسود.
وأشارت دانية البسومي (8 سنوات) إلى أن لوحاتها الجميلة تحمل وجوهاً بملامح خاصة مختلفة، فقالت إنها تحب رسم الأميرات. وهي تتمنى أن ترسم أكثر وتشارك في معارض أخرى قبل أن تفقد بصرها. وقد علمت منها أنها قيد المعالجة من مرض السرطان في مركز الحسين للسرطان في عمان، وأنها تلجأ إلى الرسم خلال خضوعها للعلاج بجرعات الكيماوي، حتى تستطيع التحمل وتجاهل المرض من أجل أن تقوى عليه.
إنها تجربة فريدة تستحق الإعجاب والتقدير لأنها تدخل الفرح إلى نفوس هذه المجموعة من الأطفال الموهوبين.
أما مدير الأكاديمية الملكية للمكفوفين عبد المنعم الدويري فقال إنه ابداع من نوع آخر، لافتاً إلى أهمية الألوان والأشكال التي تتناسق على يد من لا يراها، ولكنه يدركها بحسه المرهف، ويمزجها بحسب الرائحة ليرسم بها أجمل الحكايات.