رغم بطء إيقاعه... فيلم "البرج" وثيقة تاريخية مهمة عن "النكبة الفلسطينية"
مقال رأي للزميلة سامية عايش، المتخصصة في التغطية السينمائية على موقع CNNArabic. المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتبة ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.
على مدى ساعة وربع، تابعْت قصص أجيال متعاقبة من الفلسطينيين عن نكبة عام 1948، يروونها لوردة، الفتاة التي لم تتجاوز الحادية عشر من عمرها، والتي تعيش في مخيم "برج البراجنة" في لبنان، والقريبة لحد كبير من جدها.
هذه باختصار كانت حكاية فيلم "البرج" للمخرج النرويجي ماتس غرورود، الذي افتتح به مؤخرا الدورة الخامسة من أيام فلسطين السينمائية.
باستخدام الرسوم ثلاثية الأبعاد قدم غرورود واقع المخيم في وقتنا الحالي، ولجأ إلى الرسوم ثنائية الأبعاد لتصوير ذكريات من يروون القصص في الماضي، فساعد هذا الاختلاف في الطرح والتقديم في التمييز بين زمنين كلاهما مهم.
خلال مشاهدتي للفيلم، شعرت لوهلة أنه لم يكن موجها لي، كإنسانة عربية من أصل فلسطيني، عايشت مثل هذه الحكايات، التي كنت أسمعها من والدي، أو أراه من حياة أجدادي وأقربائي في المخيم. أحسست أن هناك جمهورا آخرا سيكون هذا الفيلم بالنسبة له سابقة وقصة جديدة قد يكون يسمعها للمرة الأولى.
الجمهور الأول... لا يتحدث بالعربية
شكل القصص التي نروى في الفيلم على لسان أبطالها يجعلها مادة غنية وجديدة بالنسبة لجمهور يعيش بعيدا عن المنطقة العربية. فهو بالضرورة غير معتاد على هذا النوع من الحكايات الفلسطينية المقدمة بهذا الشكل، خصوصا وأن بطلتها طفلة فلسطينية. فالقصة الفلسطينية عن ما حدث بعد النكبة غالبا ما تقدم في إطار وثائقي، تجرى فيه المقابلات، وتعرض فيه التسجيلات القديمة، وبالتالي قد لا تلقى هذا الصدى الواسع (طبعا ليست كل الأعمال على هذا الشكل، ولكن كثير منها قُدّم هكذا).
الجمهور الثاني... جمهور عربي يدعى "جيل المستقبل"
مع مرور الوقت والسنوات، يتخوف الكثيرون من أن الجيل العربي الصاعد قد ينسى القضية الفلسطينية، وينشغل بقضايا أخرى. وبالتالي أصبح من المهم وجود أعمال فنية تقدم تلك القصص للأطفال، لنضمن بشكل أو بآخر أن لا تنسى هذه القضية. وردة، البطلة في الفيلم، هي شخصية تشبه الكثير من الأطفال العرب في يومنا هذا، ولكنها تعيش في ظروف أرغمتها على أن تكبر بين عالمين، أحدهما يرفضها والآخر خيالي قد لا يكون موجودا.
رغم أنني وجدت في الفيلم إيقاعا بطيئا وتكرارا لأحداث سمعناها كثيرا، إلا أن ذلك لا ينفي فكرة أن يكون الفيلم وثيقة تاريخية مهمة، يجب أن يطلع عليها كل عربي ومناد بالإنسانية، ولا يمكن أن نقول إلا أنه جهد جبار استغرق العمل عليه، وفقا للمخرج، سبع سنوات، كانت مليئة بالإنجازات والإخفاقات للوصول إلى هذه النتيجة الرائعة.